هناك جملة ملاحظات غاية في الأهمية يطرحها المهتمون بالشأن السياسي ورجال القانون،وهم يشككون بـ (شرعية) إنعقاد جلسات مجلس النواب وبعدم (مشروعية) الكابينة الوزارية أصلا، و(تشكيك) بشأن ما يطرحه النواب المعتصمون من مطالب ،نود إدراجها كما يلي:
1. إن رئاسة مجلس النواب شككت بـ (شرعية) انعقاد أول جلسة للمعتصمين (جلسة الخميس) السابقة برئاسة عدنان الجنابي ، إثر أزمة التشكيل الوزاري وما رافقها من جدل ، وان هناك من يثبت أن عدد النواب الذين حضروا تلك الجلسة لا يتجاوز الـ (131 ) نائبا وليس (156) نائبا، كما أشار المعتصمون من نواب البرلمان، ما أعطى ( مبررا ) لرئاسة المجلس لكي تعد تلك الجلسة غير شرعية.
2. من جانبهم شكك النواب المعتصمون بإنعقاد جلسة (الثلاثاء) الماضية التي دعت اليها رئاسة مجلس النواب، وقيل ان عدد الحاضرين من النواب وصل الى مايقرب من الـ (179) نائبا، الا ان المعتصمين أظهروا دلائل ان العدد الكلي لمن حضر من النواب لايتجاوز الـ (107) نائبا وانه تم ادخال مستشارين لبعض النواب بدلا عن النواب المتغيبين عن الحضور او تم تكرار الأسم أكثر من مرة.
3. وفي كلتا الحالتين لجلستي الإنعقاد الاولى والثانية ،والتي تتمثل بالجلسة التي دعا اليها (المعتصمون برئاسة عدنان الجنابي) ومن بعدها (جلسة رئاسة مجلس النواب) مع من حضر من الكتل بضمنها التيار الصدري ، فأن المهتمين بالشأن القانوني لجلسات مجلس النواب ، يشيرون الى أن هناك أكثر من (تشكيك) بـ (شرعية) انعفاد تلك الجلسة، بل وحتى في (شرعية) ما تم اتخاذه من قرارات وبخاصة تعيين خمسة وزراء جدد بدل السابقين ، في (سابقة قانونية ) تشكك هي الاخرى بقرار اعفاء الوزراء الخمسة الذين تم الموافقة على قبولهم لتولي مناصبهم الجديدة لكون (المبرر) بإقصائهم غير موجود قانونا، اي أن البعض عده (إجراء تعسفيا) خارج السياقات الادارية لعدم وجود (مبرر قانوني) أو(وظيفي) يتهم فيه الوزراء بالتقصير او الإهمال في مجال عملهم ، ولهذا عد (البعض) اقالة الوزراء الخمسة او من يليهم غير(قانونية) بالمرة ، وان بإمكان الوزراء الذين تم إعفاءهم من مناصبهم تقديم طعون الى المحكمة الاتحادية او المحكمة الادارية للنظر بـ (مشروعية) ابعادهم من مناصبهم من عدمه ، مما جعل حتى أمر تعيين وزراء (بدلاء) عنهم من وجهة نظر قانونيين (غير شرعي وغير قانوني).
4. المشكلة التي واجهت الفريقين انهم حاولوا الابتعاد عن تقديم طلب الى المحكمة الإتحادية بشأن (مشروعية) الجلستين، لأن الطرفين يدركان ان من يقدم الطلب يعد هو (المتضرر) مايعني ضمنا انه يريد أن يعترف بـ(شرعية) وجوده في تلك الجلسة، كما ان النظر من قبل المحكمة الإتحادية في طلبات من هذا النوع يحتاج الى فترات طويلة للبت فيها ، مايدخل البلد في (متاهة الازمات) ،وهم ليسوا مبالين أصلا بالازمات واختلاقها بقدر سعي كل طرف لإرغام الطرف الآخر على الانصياع لارادته تحت ظرف الضغط المستمر عليه، وهو مايسعى المعتصمون للوصول اليه، على الرغم من ضعف بعض حججهم، لكن لديهم (مبررات قانونية) تجل من أمر الطعن في هكذا امور حقا، قد يحصل من ورائه على (مكاسب) سياسية، وقد يغير (المعادلة) لصالحهم أصلا، كما ينصحهم بعض رجالات القانون.
5. ان (الشائبة) التي احرجت المعتصمين وخلقت حالة من العداء لهم في الشارع العراقي هي انهم لجأوا الى تشويه الأساليب الديمقراطية من خلال أسلوب (الضجيج والصياح والعويل) واتباع الطرق الصاخبة في التعبير عن الرأي ، ويرى مختصون انهم لو إستخدموا الطرق القانونية بالرفض للقرارات واظهار دور (المعارضة) ووفق أطر قانونية لكان لهم أجدى وكان بإمكانهم أن يكون لهم ( وجود مؤثر ) مفنع في الشارع العراقي ،لكن الطريقة غير الموفقة التي إستمروا عليها لفترة طويلة لعرقلة انعقاد الجلسة، عبر عنها الشارع العراقي وبخاصة التيار الصدري عن حالات الاحتجاج والسخط ، هو من أضعف موقفهم وجعلهم في موقف (ضعيف) أمام الجمهور وضغط الشارع وكأنهم أظهروا انفسهم أنهم على خلاف معهم ، وليس امتدادا لهم، وهذا ماخدم توجهات (رئاسة المجلس) من حيث توجيه النقد والسخط باتجاه النواب المعتصمين، وأثر على سمعتهم كثيرا، وكانوا محط سخط الشارع العراقي وغضبه، بالرغم من انه كان بمقدورهم اتباع طرق المعارضة القانونية بالرفض للقرارات وحضور الجلسة او عدم حضورها، وبامكانهم ان ( يطعنوا ) بعدم ( شرعية) تلك الجلسة ، وكان بإمكانهم أن يحصلوا على (مكاسب أكثر ما اظهروا أنفسهم انهم وكأنهم (يسبحون ضد التيار) وهو ما أضعف موقفهم كثيرا، لأن طريقة التعبير عن حالتهم ومطالبهم لم تكن (موفقة) وشابها كثير من الاضطراب وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه ازمات البلد وتأثيراتها على الشارع العراقي، كادت تدخل البلد في ازمة هوجاء، قد تجر عليه ويلات ومصائب كثيرة هو في غنى عنها.
6. ان الطريقة التي عبر من خلالها النواب المعتصمون في جلسة الثلاثاء لاتتوافق والاطر السياسية للديمقراطية في بلد ينبغي فيه ان يتم احترام بعض القيم الأصيلة في المحافظة على طرق التعبير الحضارية وان الانسياق الى هذه السلوكيات (الهجينة) في التعبير عن الموقف أساءت الى المعتصمين كثيرا ,وأضعفت موقفهم لدى الشارع العراقي ، وكان بإمكانهم ان يكسبوا (تعاطفا ) منه لاسخطا كالذي جرى ، وكان الشارع العراقي في أعلى حالات السخط والازدراء لهكذا (تصرفات) غير مسؤولة وبان فيها (الأطماع الشخصية الأنانية والانتهازية) أكثر من كونها تعبير عن (مطالب) للشارع العراقي
7. يؤكد أغلب المهتمين بالشأن السياسي والقانوني انه لو قدم رئيس مجلس النواب السيد سليم الجبوري إستقالته بعد ان حصل على ( نجاح ملحوظ) وان كان غير شرعي من وجهة نظر المعتصمين ورجالات قانون، لكان له أجدى واظهر حرصه تفادي وقوع أزمات مستقبلا، والتخلص من أزمة المعتصمين معه الذين سيخلقون له المشاكل والمتاعب، ويدخلوه في أزمات لها أول وليس لها آخر ، ولا يدري كثيرون لماذا (يتمسك) رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بمنصبه هذا ،في وقت تشير كثير من الدلائل على انه امام مواجهة أزمات ومشاكل لاحصر لها ،ان لم يتم حل الاشكالات القانونية، بالرغم من انه لايمتلك القدرة على حلها لكن إصراره على بقائه بهذا المصب سيثير المزيد من المتاعب والازمات، ليس لنفسه فقط بل وللشعب العراقي وللكتل السياسية التي ( مررت ) أزمته بالكاد لعقد جلسة واحدة للموافقة على كابينة وزارية هشة ، لاتمتلك ربما (مشروعية) أمام هفوات القانون التي يبحث عنها المعترضون عليه، وهم بإمكانهم ان يعمقوا الأزمة معه ويزداد إصرارهم على اقتلاعه من منصبه، وربما يدخل الكتل السياسية في أزمة تضطرهم الى الاتفاق على أزاحته تجنبا للأزمات والمشاكل، ويخسر سليم الجبوري كل شيء ، ولو حلها بالطرق الأسلم بتقديم الاستقالة لكن له أجدى وأنفع، واظهر حرصه على تفادي مواجهات مستقبلية غير محمودة العواقب.
8. كان على تحالف القوى العراقية ان يعد مجرد انعقاد جلسة (الثلاثاء) وما رافقها من اضطراب في عقد الجلسة، وعدم السماح للمعتصمين المعارضين بحضورها، آخر (فرصة ) لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري لتفادي تلك الأزمة بإعتبار ان الحالة في وقتها اعتبرت (لي الأذرع) ضد تحالف القوى ،إستخدمها إئتلاف دولة القانون مع ائتلاف الوطنية وأفراد من تحالف القوى للايقاع به ، وقد خرج منها اتحاد القوى (الرابح) المعنوي ، وكان المقصود الايقاع برئيس الوزراء حيدر العبادي وبقية الرئاسات الثلاث تباعا، لكن (تبريرات) المعتصمين انهم لم يكونوا ضد سليم سليم الجبوري او منصبه كرئيس لمجلس النواب بقدر اعتراضهم على (رضوخه) المستمر لرئيس الوزراء وعدم احترام هيبته، وبان وكأنه (تابع) لرئيس مجلس الوزراء ومناوراته وغير قادر على معاونة مجلس النواب ليكون لهم صوتا قويا في مواجهة مايخطط له وما يتخذه من إجراءات خلافا لرغباتهم ودورهم المناط بهم كسلطة رقابية لها دور حيوي ، وعدوا اجراءات العبادي رغما عن إرادتهم وهو يريد ان يتحول البرلمان الى (موافق) في كل الاحوال وليس بمقدوره الاعتراض على محاولات رئيس الوزراء وتخبطاته في الأزمات ، حتى انه احال أزماته الشخصية وضعف دوره الى مجلس النواب ، بالرغم من أنه ، أي العبادي ، كان وراء الأزمة أصلا ، وهو من اشعل فتيلها وكان سليم الجبوري هو (الضحية) هذه المرة.
9. ان وقوف الامريكان الى جانب الرئاسات الثلاث كشخوص، يدخل ضمن أهداف الادارة الاميركية للمحافظة على مستقبلهم في الانتخابات المقبلة لهم وهم يسعون في كل الأحوال الى (كبح الأزمات) أو تشتيتها بأية طريقة حتى وان كانت تلك الخطط معارضة لارادة الشعب العراقي، حفاظا على مصالحهم الشخصية وضمان حصولهم على الفوز في انتخابات الولايات المتحدة المقبلة وعدم (تعكير الأجواء) في أية ازمات تحصل في العراق بأية طريقة ،حتى وان كان العراقيون هم الخاسرون في نهاية المطاف، وخلافا حتى للطريقة الديمقراطية الفجة التي فرضوها على شعب العراق وكانت سببا في كل تلك الأزمات، وبالرغم من انهم أصلا في تضاد مع أصول اللعبة الديمقراطية، ولا يهمهم ان تحول الحاكم الى (دكتاتوري) يعربد على هواه، ويحكم بطريقة أهانت الشعب العراقي ، واوصلته الى تلك الحالة المزرية من الوهن والاضطراب والاحتراب، وكانت مواقف أمريكا الداعمة له في الحق والباطل هي من اوصلت العراق الى هذا المصير الذي لايحسد عليه.
10.ان التمترس مرة خلف الشارع العراقي وفي أخرى في إثارة الأزمات داخل البرلمان أصبحت معروفة ومن هم رجالاتها والقائمين على إثارتها واهدافهم، وهي تبقى في كل الأحول مصدر إرباك للشارع العراقي وأختلاقا للمشاكل ، لمجرد تحقيق (مغانم شخصية) في أروقة السلطة وان ادعاءات (البعض) بأنهم يدافعون عن الشعب العراقي ومصالحه أثبت بما لايقبل الشك ان دعوات من هذا النوع لم يعد يصدقها حتى الطفل الرضيع، بعد ان انكشفت اغراضها ومراميها ولم يعد بالامكان أن تنطلي على أحد. هذه ملاحظات مهمة وددنا وضعها أمام المتابعين للشأن العراقي لمعرفة حالات (التخبط) و(الفوضى) التي يعيشها العراق، والازمات التي يختلقها السياسيون وقادة قوى سياسية لمصالح ضيقة وانانية بحتة من اجل الحصول على المطامع والمغانم الشخصة ليس إلا.