9 أبريل، 2024 7:58 م
Search
Close this search box.

جلاء القوات الأمريكية عن العراق!؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا شك بأن كل عراقي يتمنى ويرغب برحيل الأمريكان الآن وليس غدا وهذه اللحظة وليس بعد ساعات! ، فكل عراقي يريد لبلده الرفعة والقوة والسيادة وتلك لا تكون ألا بخلوه من أية تواجد أجنبي على أرضه أمريكيا كان أم غيره ، مهما كانت الأسباب والمسببات والحجج!. وهذه الأمنية ليست من منطلق الشعورالوطني فحسب ولكن لأن الأمريكان لم يجلبوا للعراق غير الدمار والفوضى وأشاعة الخراب والفساد ونهب ثرواته. ولكن هل يمكن تحقيق ذلك؟ وهل سيأتي اليوم الذي سنشهد فيه خروج آخر جندي أمريكي من العراق وكيف؟ الجواب كلا ومع الأسف! ، ولا يمكن أن يتحقق ذلك حتى على المدى الطويل والبعيد!، لأن أمريكا أحتلت العراق لتبقى به والى الأبد! لا لترحل عنه بأتفاقية بائسة ضعيفة سرعان ما يتم الألتفاف حولها!، بتغيير بسيط لتوصيف وجود الجنود الأمريكان من (قوة قتالية الى مدربين وأستشاريين وأنتهى الأمر!) ، وأقول واهم من يرى ويعتقد ويتصور غير ذلك فهذه حقيقة الوجود الأمريكي الباقي في العراق! وأقول هذا ليس من باب الأحباط ولكن هذه هي الحقيقة المرة والمؤلمة!. وهنا لا بد من التذكير بأن أكبر سفارة بالعالم هي السفارة الأمريكية بالعراق! ، حيث تقدر مساحتها بما يعادل مساحة (4) ملاعب كرة قدم! ، وقد حرصت الولايات المتحدة على بنائها في المنطقة الخضراء منذ بداية أحتلالها للعراق ، ولا أبالغ أذا قلت أن الولايات المتحدة أقامة وأنشأت السفارة وجعلتها كولاية أمريكية صغيرة بالعراق! ،
بعد أن جهزتها بأحدث التقنيات والتكنلوجيا العالمية وحصنتها حتى من الضربات النووية! ويعمل فيها قرابة 5000 موظف مع عوائلهم ، كلهم يجيدون اللغة العربية وقسم غير قليل منهم يجيدون حتى اللغة البغدادية ( لغتنا العامية الدارجة)! ، والأهم من كل ذلك أن هذه السفارة مجهزة ومحمية بنظام أمني ومخابراتي ونظام دفاعي من الصواريخ ، (وهنا لابد من الأشارة بأنه منذ أن بدأت قوى المقاومة المسلحة بالعراق بأطلاق صواريخها على السفارة الأمريكية ، لم يصب جندي أمريكي واحد ولو أصابة طفيفة! ، فقط من مجموع عشرات الصواريخ التي أستهدفت السفارة الأمريكية ، تم جرح مقاولين امريكان عدد/2!) ، كما أن هذه السفارة تعد أحد العيون المهمة جدا للولايات المتحدة والرقيبة ليس على ما يحدث بالعراق فحسب ،
بل على كل ما يحدث من تحركات في المنطقة العربية والشرق الأوسط! بعد أن جهزتها بأحدث تقنيات أجهزة الأنصات والمراقبة والتصوير والأسستشعار ، التي تستطيع أن تسمع ليس دبيب النمل على الأرض! فحسب بل وتسمع وتعد أنفاس العراقيين وتحديدا الطبقة السياسية منهم!. فبالوقت الذي شكل موضوع أحتلال الشرق الأوسط وتحديدا منطقة الخليج العربي والتي يطلق عليها (منطقة المياه الدافئة / لما تمتلكه من ثروة نفطية) هاجس أمريكا السياسي ومحور صراعها الستراتيجي مع الأتحاد السوفيتي السابق منذ أربعينات القرن الماضي والذي أصطلح على تسمية ذلك الصراع (بالحرب الباردة) ، بين القطبين الكبيرين حينها والذي بدأ بعد أنتهاء الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) ، ذلك الصراع الذي أنتهى وتحققت فيه الغلبة للولايات المتحدة ، ألا أن حلم أحتلال العراق! وأخضاعه للأرادة الأمريكية ظل الهاجس الأكبر والأهم من كل دول المنطقة! فالعراق هو عمود المنطقة وعميدها وخيمتها الكبيرة والقوية لأعتبارات كثيرة وعديدة ، سياسية وجغرافية ودينية ومذهبية وعرقية وفوق كل ذلك لأعتبار أقتصادية لما يمتلكه العراق من ثروات نفطية ومعدنية كبيرة وعديدة ومتنوعة جعلت منه محل أطماع كل دول العالم القريبة والمحيطة منها! قبل البعيدة ليس الآن بل منذ عشرات السنين ، فأحتلال العراق والسيطرة عليه هو المفتاح لحل مشاكل أمريكا بالمنطقة وتنفيذ سياستها والأهم هو الضمان الأكيد والكامل لأمن أسرائيل!. فموضوع أحتلال العراق ظل حلم يداعب خيال الساسة الأمريكان ومنظريهم ومفكريهم طوال عشرات السنين! ، وبحماقة وتهور وعنجهية رئيس النظام السابق تحقق الحلم الأمريكي بأحتلال العراق عام 2003!. ولا بد هنا من أن نذكر، ما قاله وزيرالدفاع الأمريكي/ لويد أوستن/ ، في المؤتمر الذي عقد بمدينة المنامة عاصمة مملكة البحرين في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي بشأن الوجود الأمريكي في منطقة الخليج والشرق الأوسط ،((( بأن الأمريكان يحتفظون بقواعدهم في منطقة الخليج مثل الكويت – البحرين – قطر – الأمارات – كما ويوسعون قاعدة ( موفق السلطي) الجوية في الأردن! ، وأضاف قائلا: بأن عديد القوات الأمريكية في المنطقة يبلغ قرابة 40 ألف جندي ، وأننا نمتلك قوة جيدة في المنطقة وسنحافظ عليها))). الى هنا أنتهى ما قاله وزير الدفاع الأمريكي. ومن وجهة نظري أرى أن الولايات المتحدة عندما عملت على صناعة وتأسيس منظمة داعش الأرهابية هي لتهدد به الجميع ( حلفاء وغير حلفاء)! ، ومن أجل تقوية وجودها ولأستمرار بقائها في المنطقة! ،
حيث جعلت من هذا التنظيم الأرهابي أشبه ( بمسمار جحا)! وهي الوحيدة القادرة على أقتلاعه من المنطقة! . فأمريكا لديها القدرة على أن تحدث تغيير في موازيين القوى بالمنطقة بجعل هذا التنظيم يتغول ويهدد بأبتلاع دول المنطقة جميعا كما فعلت مع العراق عام 2014!. الذي نريد أن نقوله هو أن كل الأتفاقات التي تم التوقيع عليها والأعلان عنها بخصوص الأنسحاب الأمريكي من العراق وكل الهالة الأعلامية الضخمة التي روجت لتلك الأتفاقيات هي في الحقيقة نوع من المخاتلة السياسية المضحكة! فهي لا تخرج من كونها مجرد تغيير في توصيف الوجود العسكري الأمريكي في العراق من صورة قتالية الى صورة مدربين ومستشارين لتحسين قدرة القوات العراقية التي لا زالت تحتاج الى تدريبّ والى أستشارة!! ، كما ذكرنا ذلك آنفا، وللتأكيد على ما نقوله ، سأعود الى وزير الدفاع الأمريكي / لويد أوستن/ ، وما قاله بهذا الصدد عند حضوره في مؤتمر المنامة ، حيث قال ((( أنه لا الرئيس الأمريكي ترامب ولا بايدن قاموا بسحب القوات الأمريكية من // سوريا والعراق//! ، فعديد الجنود الأمريكان لن يتغير من حوالي سنتين ولن يتغير كثيرا في السنوات القادمة، وأن الولايات المتحدة تستطيع نقل المزيد من القوات القتالية في المنطقة! ، ويضيف قائلا صحيح أن الولايات المتحدة لم تعد تشكل القوة الأعظم منفردة! ، ولكن عليهم أن يفهموا بأن أمريكا لن تتخلى عن الشرق الأوسط ومن يتوقع ذلك فأنه لا يفهم بعد السياسة الأمريكية! ولا يفهم سياسة الرئيس الأمريكي بايدن الساعية الى تقاسم المسؤولية بشأن الأستقرار في المنطقة مع شركاء الولايات المتحدة))). وقبل أن نختم مقالنا لابد من الأشارة الى ما قاله بهذا الصدد السفير الأمريكي السابق في سوريا والجزائر( روبرت فورد) والذي يعمل الآن باحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن حيث قال ((( أن مغادرة أمريكا للشرق الأوسط هي توقعات سطحية!))) . أخيرا نختم مقالنا ونقول : أن الولايات المتحدة لن تسمح لغفلة التاريخ أن تتكرر في العراق ثانية كما وقعت بها بريطانيا عام 1958! حيث تفاجأة بغفلة قيام ثورة تموز المجيدة التي بددت وأجهضت أحلام أمريكا وبريطانيا والغرب في العراق والمنطقة بعد أن ضربت ثورة تموز اهم معقل لهم في الشرق الأوسط!، وأنتصرت عليهم بحنكة ووطنية قادة الثورة الأبطال وعلى رأسهم ( عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف رحمهما الله). وفي الحقيقة سيبقى موضوع الجلاء الأمريكي عن العراق حلما ! ، لا يتحقق ألا بوجود طبقة سياسية وطنية تحكم العراق، أما بصورته الحالية وبهذا الوضع السياسي البائس وهذا التمزق والفوضى والصراعات بين الأحزاب والكتل السياسية، فلم ولن يتحقق حلم الأنسحاب والجلاء الأمريكي عن العراق حتى لو بعد 100 سنة!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب