الصراع الطائفي طويل فهو صراع متأصل وكل القوى التي تقف الى جانبه، قد ركبت الباطل هو صراع بين الخير والشر مهما تعددت صور الحق وصور الباطل.. اذ لم يكن هذا الصراع وليدا جديدا، بل هو ميزة لكل العصور السالفة القديمة، اوالتي تلتها، او التي ستاتي في المستقبل فـــ الصراع الطائفي هو الصراع بين الافكار والسياسات والمصالح
لذلك لا ينبغي مهما ادلهمت الأمور أن يتحول الاختلاف في تقدير أطراف الصراع إلى صراع بين المسلمين أنفسهم، بل ينبغي أن يتفهّم بعضهم مواقف بعض ودوافعها ويعذر بعضهم بعضاً، ونظراً لأن هذا الموقف ليس موقفاً وحيداً بل هو موقف قابل للتكرار؛ فينبغي تربية المسلمين التربية الحسنة كي تبقى هذه الأمور في إطارها ولا تتجاوزه إلى تفتيت الصف المسلم الذي يؤذن بضعفه وربما بخسارة المواجهة مع الباطل، لأن التنازع يجلب الفشل، وهو الضعف والجبن ويمحوا ذلكم الصراع بين الحق الجلي والباطل العمي
فـ المرء يقف موقف المتأمل لهذا الصراع وقد يتاثر به حتى انه لايمكنه الانسلاخ عنه فهو اما يكون مع الحق وأما مع الباطل ونوازعه وهذا التاثر ليس عفوياً بل هو نتاج تفاعلات قوية فممثلو الطائفية يسعون باسم الطائفة الى تحويل الصراع السياسي الى صراع طائفي لتحقيق مصالح ذاتية وفئوية وانتهازية . ويؤدي ذلك الى تحويل الطائفة من معتقد نزيه الى شيء اخر . ان مجرد الانتماء إلى طائفة أو مذهب لا يجعل الفرد طائفيا طالما ان نشاطه لا يلحق ضررا بحقوق الاخرين . وعليه فالطائفية عصبية تتجاوز المذهب او العرق ويحاول الداعون الى الطائفية تحويلها الى عصبية سياسية لتحقيق مطالب فئوية ومصالح ذاتية.
تعود جذور الطائفية في العراق الى العصر الاموي والعباسي الثاني حيث اتخذ الصراع في تلك الفترة اشكالا مختلفة , فقهية وعنفية ودينية ومذهبية ومصلحية وسياسية . وتشتد حمى الصراع وتخفت وفقا لما تقتضيه مصالح رجال الدين المتطرفين من كلا الطائفتين الذين يحولون الصراع من اجل مصالحهم الذاتية الى صراع مذهبي أو طائفي . ويدفع في هذا الاتجاه الحكام الطائفيون واعوانهم الرجعيون . فمن اجل الحفاظ على سلطة حكمهم وامتيازاتهم فانهم يشعلون الفتن ويؤججون الصراعات بين الطوائف. وقد اتخذ الصراع اشكالا اكثر ضراوة في عهد حكم الدولتين الصفوية و العثمانية اللتين استعمرتا العراق لعشرات القرون. وهذا ماأشار اليه الصرخي الحسني في محاضرته الثالثة (السيستاني ماقبل المهد الى مابعد اللحد”) حيث تكلم عن الصراع الدائر الان وارتباطه بالصراعات القديمة وجذورة المستمدة من المصالح وحب الذات والمنافع الدنيوية حيث قال بصدد ذلك (الصراع الطائفي من افاعيل السلطات الفاسدة
” كلما رجَعْنا في الزمان أكثر وأكثر فاننا نجد ان الصراع الطائفي لا حقيقة له بل هي قضية مُفتَعلَة من مُبتَكَرات وأفاعيل الحكام والسُّلطات الفاسدة بِدءا من العصر الأموي مرورا بالعباسي والى يومنا الحاضر “)
وما نتج من تداعيات الطائفية اذ خلقت نظاما سياسيا عقيما ومنتجا للازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية , وحولت الطائفية العراق الى دولة فاشلة بسبب عجز نظام المحاصصة عن تقديم برامج استراتيجية للتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي . فالطائفية السياسية تحتمي بالمقدس الديني لكي تستحوذ على المزيد من الثروة والسلطة والجاه و تشيع فلسفة التبرير لخدمة مصالحها وهي بفلسفتها هذه تحمي الفساد والمفسدين