إن بداية ظهور لقب الشقي تعود إلى عصر الدولة العباسية حيث كان ظهورهم لأول مرة بعد وفاة الخليفة الأمين ومقتله من قبل أفراد من جيشِ أخوه المأمون، ولم يمض على بناء بغداد خمسون عاما، وكان الاسم الشائع الذي يطلق عليهم وقتها الشطار والعيارين وفي فترة الحكم الملكي في العراق كانت الفترة الذهبية لنشاط الشقاوات في بغداد حتى ظهرت في بغداد شقاوات من النساء ومنهن فطومة أُم خنجر التي كانت تعلق الخنجر في نطاقها لتهدد بهِ من يعترض طريقها، كان الأشقياء أو الشقاوات ينتشرون في شوارع بغداد، بحيث كان لكل زقاق أو منطقة زعيمها، الناطق باسمها والمدافع عن مصالح سكانها، ووفقاً لأقوال بعض المؤرخين، فقد تحدث بعضهم عن الشقي أحمد قرداش وسردوا قصته الشهيرة التي تتلخص في قيامهِ بالسطو على منزل أحد التجار اليهود. وأثناء السطو مع رفاقهِ خلال نوم التاجر، وجد قرداش طعاما في الدار فتناول منهُ، وفجأة طلب من رفاقه التراجع عن السرقة وإعادة كل شيء إلى مكانه، معللا ذلك بأنه: (أصبح بينهُ وبين ساكني الدار زاد وملح ولا يجوز سرقة ممتلكاتهم). ولعل هذه الحكاية تدل على عدم تجرد الشقي البغدادي من القيم والأخلاق، فهو بطبيعة الحال شاء أم أبى، جزء من المنظومة الأخلاقية في المجتمع العراقي المبنية على الشهامة، وزعماء الأحياء متفقون في ما بينهم على أصول التعامل وعلى وجوب التقيّد بالأعراف والتقاليد الاجتماعية، أي لا فرق في ذلك بين شقاوة الأعظمية وشقاوة الفضل، فالشهامة وإغاثة الملهوف والدفاع عن العرض وحماية المال ومبادئ الشرف وحسن المعاملة وعدم الاعتداء، كلها أمور يشترك فيها الجميع دون تمييز في الديانة أو المذهب أو المحلة. ق.
ومن أشهر شقاوات العراق الذين ذاع صيتهم وأصبحوا مشهورين إبراهيم بن عبدكه، وموزر وخليل أبو الهوب، ومحي مرهون، وعلي مامه، ومحسن السهيل، وأولاد الصفرة وكثيرون غيرهم ذكرت سيرتهم صحف بغداد ومنهم جاسم الشيخلي العباسي الذي كان من الثوريين الناصري الأنتماء، وقد هاجم النظام الملكي لأنه كان يتهمه بتبعيتهِ وعمالته للأجنبي وأُتهم هو ورفيقه عطا البدري بمحاولة أغتيال الباشا نوري السعيد، وأعتقل وزُجَ بسجن الكوت وأطلق سراحه بعد سنة وأُعيدَ لعملهِ بعد عفو خاص من الباشا السعيد قائلاً بالحرف الواحد لمرافقهِ: أعيدوه لعملهِ رأفةً بعائلتهِ ولطيشه وتأثره بالقصص البوليسية. ولقد كان من الشخصيات المتواضعة ولا يحبُ الشُهرة والأضواء، وذاع صيت القاتل المحترف حجي شاكر في بغداد ومعاونه عزيز الأقجم، وقد حكم عليهما بالإعدام شنقاً، ونفذ الحكم في ساحة الجيلاني، وحضر عملية الإعدام الآلاف من أهالي بغداد، فصعد الحجي شاكر متباهياً إلى موقع حبل المشنقة، بينما خارت قوى معاونهِ عزيز الأقچم ورفعهُ السجانون وشنقوه! أما جواد الأجلك قاتل موسى أبو طبرة فقد أطلق عليه صبي أربع عيارات نارية (بعد خروجهِ من السجن لانتهاء مدة محكوميته) عندما غادر هذا الشقي المقهى الذي كان جالسا فيهِ. وظهر في بغداد أيام ثورة العشرين أشقياء اشتهروا بالشهامة والنخوة ومساعدة الضعيف وخصوصا في محلة (السيد عبد الله) والمحلات المجاورة لها وكذلك بين الثوار، واشتهر منهم الشقاوة عبد المجيد كنه (عم الوزير والسياسي المعروف خليل كنه) الذي عرف بمقاومته للاحتلال الإنكليزي مقاومة عنيفة وقتلهِ العديد من جنودهِ، والذي دعا إلى الثورة ومقاومة الاحتلال، ووزع النشرات للثورة وقبض عليهِ الإنكليز وحوكم وتم إعدامه، حيث دفن في مقبرة الشيخ جنيد في جانب الكرخ من بغداد ولا زال ضريحهُ قائماً إلى الآن.
شقاوات بغداد — الكرخ
الشقاوة وهي كناية قديمة يستعملها البغداديون لوصف الشجاع الذي يحمل السلاح والذي يلف على رأسه اليشماغ
كان الأشقياء ينتشرون في شوارع بغداد بحيث أن لكل منطقة أو زقاق زعيمها الناطق بأسمها والمدافع عن مصالح
سكانها ،والشقي البغدادي غير مجرد من القيم والأخلاق فهو شهم ويأخذ الأموال من الأغنياء ويعطيها إلى الفقراء
وجميع أشقياء بغداد متقيدين بالاعراف والتقاليد الاجتماعية أي لا فرق بين شقاوة الاعظمية وشقاوة الفضل أو الجعيفر
فالشهامة وإغاثة الملهوف والدفاع عن العرض وحماية المال ومبادئ الشرف وحسن المعاملة وعدم الاعتداء كلها أمور
يشترك بها جميع الأشقياء وغير الأشقياء.
ومن أبرز الأشقياء في الكرخ في فترة الأربعينيات إلى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي هو عبد الأمير العجمي
وكان شرسا وطاغيا على كل الأشقياء في ذلك الوقت .
وفيما يلي قائمة بمناطق الكرخ والأشقياء الناطقين بأسمها:–
الفلاحات /حمودي الاقجم–خالد دونكي–طالب إبن ماهية .
الفحامة / جاسم حمدان .
ساحة الشهداء/ سعيد عكار –سفيان العاصي.
علاوي الحلة / جواد الأجلك .
سوق الجديد/ طارق محمد كاظم–ثامر محمد كاظم–حسام القشطيني–ضاري أبو السوس .
خضر الياس / ناجي سبع –عبيدة رزوقي–وليد محمود الجوهر .
التكارتة / علي ماما .
الشيخ علي/محسن السهيل ومساعديه مشكور وسلام واوية وكريم شواكة .
الشيخ بشار/ مهدي الأسود الملقب (إبن العبدة ) .
الرحمانية/وهاب جاسم أبو الجش لي–ستار جاسم أبو الجش لي.
الجعيفر / خالد مولود –حسين ابو دية .
الصالحية / أحمد أبو النفط –سلمان الأسود .
الشواكة / وليد طاوة.
الدوريين / سهيل عبود
(((اجمل شيء في ذاك الزمان كان معروف منو الشجاع ومنو جبان هسا تاهت علينه)))
الشقاوات كانو ينصرون اهل مدينتهم ان كان ضالم او مضلوم يعني التحيز للمناطقيه وراح وكتها فلم يكونو في كثير من الاحيان ملتزمين بالقانون ولا بتعاليم الاسلام كان منطقهم اني واخوه على ابن عمي واني وابن عمي على الغريب
الاشقياء الذين ظهروا خلال العهد العثماني كثيرون منهم من قضى نحبه قتيلاً ومنهم من لاقى حتفه طريداً ومن الاسباب الاساسية التي ادت الى ظهور شقاوة بغداد تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والاضطهاد المستمر والقساوة التي كان يمارسها المحتل ضد ابناء شعبنا المظلوم ما دفع البعض الى شق عصا الطاعة والنظر الى الحكومة المحتلة بعين الازدراء والاحتقار وكان الشقي احمد قرداش احد هؤلاء الذين تمردوا على النظام والقانون وقاموا في الوقت نفسه بحماية اهالي منطقتهم من الغرباء واللصوص.
ومن اجل معرفة هذا الشقي الجسور حدثنا الباحث التراثي الحاج محمد الخشالي صاحب مقهى الشابندر الذي عايش اولاد احمد قرداش كل من شهاب ومحمود عن اصل كلمة شقاوة بغداد وعن احمد قرداش واولاده قائلاً:
شقاوة بغداد كلمة اصطلاحية بغدادية مشتقة من قول الشاعر الكبير المتنبي:
ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله
واخو الجهالة بالشقاوة ينعم
فالبارز بقوته الجسيمة وحضوره المهيب في منطقة ما ويقوم بحماية اهالي منطقته فقد تحصل بين المحلات الشعبية في بغداد القديمة مشاجرات وعراك يبرز فيها اشخاص يكونون هم اسياد الموقف في القوة (المرجلة) فهؤلاء اكثر ما يكون مكسبهم من الجار لحمايتهم.
اما عن اولاد احمد قرداش فالاول شهاب الذي كان من شقاوات بغداد في الاربعينيات فقد اعدم نتيجة قيامه بقتل احد عناصر الشرطة التي اصطدمت معه اما الثاني (محمود) فهو رجل رياضي بطل في لعبة رفع الاثقال حيث كان يمارسها في زورخانة الحيدر خانة مقابل مقهى حسن عجمي ومن صفات هذا الرجل انه لايعتدي على الناس وكان خلوقا يحترم من يحترمه…
العبرة في هذا الموضوع ابراز قوة القيم والعادات الاجتماعية الايجابية السائدة في مجتمعنا العراقي انذاك فحتى الشقاوات الذين تمردوا على النظام والقانون كانت لهم ثوابت وقيم نبيلة لايمكنهم تجاوزها كاحترام الزاد والملح والجيرة ومناصرة المرأة التي يعتدى على شرفها ومساعدة الضعفاء والمحتاجين . . . هكذا كان مجتمعنا ايام زمان .
الشقاوة هي الصفة التي يطلقها المجتمع على الرجل القوي الذي من المفروض انه حامي منطقة بأهلها ودكاكينها في عصور كان فيها القانون ضعيفا، والمؤسسات الحكومية غير مكتملة النمو اذ كان لكل محلة في بغداد القديمة شقاوة يدافع عن ضعيفها، ويأخذ الحق من غنيها، وغالبا ما تكون هناك معارك دموية بين شقاوات المحلات، ويقسم الشقاوات الى صنفين هما: (شقاوات الاجرام) وهو الذي يسخر قوته للسرقة والنهب والاعتداء على الناس، في حين يكون القسم الثاني هم (شقاوات النخوة) وهو الشخص الذي يسخر قوته وامكانياته العضلية لنصرة الضعيف والمظلوم على القوي والظالم، واشهر شقاوات بغدد في العشرينيات من القرن الماضي هم:
عبد المجيد كنه واخوه خليل كنه في محلة السيد عبد الله ببغداد والذي اشتهر بمقاومة الاحتلال الانكليزي انذاك. وموسى ابو طبرة وكان نفوذه من (محلة الفضل) الى (باب الشيخ) الذي قتل شقي آخر هو (جواد الاجلك) بعد خلاف طويل بينهما، وكذلك (خليل ابو الهوب) الملقب بـ(عروة بن الورد) وفي جانب الكرخ كان هناك الشقي الملقب ب(عنتوري) وهناك ايضا في جانب الكرخ الشقي (عبد الامير العجمي) الذي كان يبسط نفوذه مستفيدا من حماية (مظهر بك الشقاوي) له ، ومن الشقاوات المشهورين بكثرة حوادث القتل (محمد الاعور) وهناك ايضا (عبد الامير الاسود) وفي منطقة (الصدرية) كان الشقي (كزكة) اشهر شقاواتها الذي قتل (ابن شاهية) وهو من الاشقياء الشرسين ايام زمان اما في محلة (الافيلية) فيجد الشقي (جوامير النكة) الذي تريع على عرش الشقاوات في تلك المحلة فيما واطلق لقب (شقي اشقياء بغداد) على (حسن الشيخلي) الذي لم ينازعه احد في محلة (باب الشيخ) في ذلك الوقت، وفي بعض الاحياء تأخذ ظاهرة الشقاوة (الطابع العائلي) ويبرز هذا الجانب (جبار كردي) واخوته في جانب الكرخ من بغداد، الذين اشتهروا بالاشتباك بالايدي فقط دون اللجوء الى السلاح
والغريب في مهنة الشقاوات انها لن تقتصر على الرجال فقط، فقد حفظ المؤرخون لنا مجموعة من اسماء النساء اللواتي امتهن حرفة الشقاوات في احياء بغداد وازقتها وابرزهن (صبية كسرة) الملقبة (بأم اكرام) و(خديجة بيدي) و(فطومة ام خنجر)
وعادة مايكون الشقاوة ذا مستوى تعليمي بسيط ان لم يكن يجهل تماما القراءة والكتابةكان لصا نبيلا، لا يسرق من فقير، ولا يمد يده في جيب محتاج.. وحده العثمانلي وزبانيته من آكلي أقوات العراقيين كانوا هدفه ومقصده.. يباغت بيوتهم ليلا ويسترد ما غصبوه من بني وطنه بالقوة.. ثم يذهب إلى تجارهم نهارا، فيفرض عليهم الإتاوة، ويعود فيوزعها على الفقراء..
كان الناس يهللون له كلما ضرب واحدة من ضرباته، ثم أفلت من ملاحقيه كالزئبق. فإن تمكنوا منه وقتلوه خرج الآلاف في جنازته يبكونه، داعين السماء أن تمنحهم بديلا عنه، يرد عليهم حقوقهم التي سلبها الأتراك..
أسماه العثمانيون شقيًّا، من الشقاء، للحط من قدره، ووضعه في مراتب المجرمين، فراح الناس يجعلون اللقب مرادفًا للبطولة والشجاعة والحق، لا يحمله سوى من توافرت فيه تلك الصفات واستوفت فيه.
هذه سيرة أشقياء بغداد، أو الشقاوات كما يحلو للعراقيين أن يسمونهم، الذين كانوا يد الشعب العراقي الباطشة في سنوات الحكم العثماني التعيس، تنتقم للضعفاء وترد عنهم الظلم، وتحقق الأمن والعدالة في زمن جعل فيه الأتراك العراق بلدا مظلما موحشا، لا أمن فيه ولا أمان.
الشقاوة ظاهرة اجتماعية برزت في العصر العثماني بالعراق، تعتبر امتدادا لأعمال الشطار والعيارين في بغداد خلال العصر العباسي، والذين كانوا يقومون بالسطو المنظم على الأغنياء في عاصمة الخلافة اعتراضا منهم على الفوارق الطبقية الهائلة.
على نفس الشاكلة كانت الشقاوة البغدادية في زمن العثمانلي، والتي يقول عنها الدكتور علي الوردي في كتابه “لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث”: “إن الشقي من الناحية القانونية يعتبر مجرما، غير أنه من الناحية الاجتماعية يعد من الأبطال الذين تفتخر بهم المحلة ويشار إليهم بالبنان.. إنه كان في الغالب يمتهن اللصوصية والسطو على البيوت وفرض الخاوة أي الإتاوة على الأغنياء، ولكنه في الوقت نفسه لا يخالف القيم المحلية السائدة فهو في محلته شهم مغوار يحمي جاره ويحافظ على حق الزاد والملح، ويراعي تقاليد العصبية والدخالة والنجدة وما أشبه. أما سلوكه الإجرامي فهو موجه ضد الحكومة (العثمانية) من ناحية، وضد الأفراد الذين لا ينتمون إلى عصبيته من الناحية الأخرى”.
عباس السبع
يتابع الوردي قائلا: “كثيرا ما كانت تجري المعارك الدامية بين الشقي والجندرمة (الشرطة العثمانية) ليلا، وترتفع منزلة الشقي في نظر الناس بمقدار ما تكثر معاركه الجريئة ويزداد عدد ضحاياه. وإذا ألقي القبض عليه ودخل السجن كان ذلك بمثابة وسام له استنادا على المبدأ القائل (السجن للرجال). أما إذا قتل خرج أهل محلته لتشييع جنازته وهم يتأسفون على موت مثل هذا الرجل العظيم”.
ويدلل أستاذ الاجتماع العراقي على ذلك بقصة واحد من شقاوات بغداد ويدعي عباس السبع. يقول: “في أواخر العهد العثماني، قتل أجد الأشقياء المشهورين في بغداد واسمه عباس السبع مع زميل له، فربط الجندرمة جثة كل منهما بذيل حصان وسحبوهما في الطرقات. وقد ذكر شاهد عيان أنه رأى الناس يبكون لهذا الحادث، ووجد جماعة تسير خلف الجثة الأولى قائلة (عباس السبع يا مطيع التجار)”.
ويعلق الوردي على ذلك قائلا: “إن هذا يدل على تقدير الناس للشقي، فهم يمدحونه بأنه مطيع التجار، أي أنه يجبي الإتاوة من الأغنياء ويفرض عليهم الطاعة لأمره”.
شروط الشقاوة
كانت للشقاوة نتيجة تلك الحياة الخطرة شروطا صعبة جعلت عددهم الإجمالي قليلا. يقول الوردي: “عدد الأشقياء كان قليلا جدا بالنسبة لمجموع السكان في المحلة أو البلدة. إنما هم كانوا على الرغم من قلة عددهم يمثلون القيم الاجتماعية السائدة أوضح تمثيل. إن السبب في قلة عددهم يرجع إلى أن الشقاوة تستلزم في صاحبها صفات نادرة كالشجاعة والقوة البدنية والحذق في استعمال السلاح وغلاظة القلب والجرأة، وهذه صفات قلما تجتمع في شخص واحد، وإن اجتمعت في أحد الأشخاص وجب أن تتاح له ظروف مساعدة كأن يشتبك في معركة مع خصوم له أو قوات الحكومة ويخرج منها منتصرا. وعند هذا تبدأ سمعته بالذيوع وترتفع مكانته بين أبناء محلته، وكلما توالت انتصاراته دخل في عداد الأشقياء المرموقين”.
حامي الحمى
ولأن الأمان كان غائبا عن بغداد، والعراق كله في زمن العثمانيين، فقد فوض الناس للأشقياء بتحقيق الأمن لهم. يقول الوردي: “وإذا نبغ في إحدى المحلات شقي مشهور اعتزت به المحلة إذ سيكون حاميها من اللصوص ليلا، وبطلها المغوار عندما تنشب معركة بينها وبين محلة أخرى. والشقي له في زيه علامة يتميز بها، كالطريقة التي يلف بها الكوفية حول رأسه. أو سرواله الطويل، وإذا مشى كانت له مشيته الخاصة ونظراته الشزرة”.
العثمانيون هدفا
كان العثمانيون الهدف الرئيسي للأشقياء في بغداد. وكان ينظر إلى الأتراك في ذلك الزمن باعتبارهم لصوصا لا هم لهم سوى جمع الأموال بالطرق غير الشرعية من الأهالي ثم إرساله إلى إسطنبول. وعلي الوردي يصف والي بغداد مثلا بأن همه كان: “أن يحصل على أقصى مايستطيع الحصول عليه من أموال الجباية لكي يرسل حصة الأسد منها إلى إسطنبول ويستحوذ هو على الباقي منها”.
ثم ينقل الوردي حكاية من رحلة المقيم البريطاني في بغداد المستر كلوديوس جيمس ريتش تؤكد أن الأشقياء كانوا ينفذون غارات منتظمة على قوافل التجارة التي كانت تضم بضائع يملكها موظفون في الحكومة العثمانية، لتأكدهم أنها مال حرام. يقول ريتش: “إن من محاذير السفر مع جماعة كبيرة هو أن القرويين يخفون كل بضاعة جيدة لديهم مخافة أن تسلب منهم وعلى الأخص إذا علموا أن بين الجماعة من هم من موظفي الحكومة”.
وسيلة لا غاية
إذن كان الأشقياء ينتقون ضحاياهم بدقة، ولم يكن المال هدفهم بقدر ما كان همهم رد المظالم. وفي ذلك يقول الوردي: “المال بالنسبة للأشقياء وسيلة لا غاية. وكثيرا ما كانوا يعدون السلب والسطو على البيوت من مظاهر الشجاعة والرجولية، ولهذا كان الرجل المقدام يلقب (رجل ليل)”.
حسن كبريت
ولعل الختام الأفضل للحديث عن أشقياء بغداد هو أن نورد حكاية واحد منهم عاش السنوات الأخيرة من الحكم العثماني للعراق.. عرف هذا الشقي باسم حسن كبريت، وكان من أشقياء حي الكاظمية. كان يهاجم بيوت الأغنياء في بغداد ويسرقها أثناء العصر العثماني. فلما اندلعت الحرب العالمية الأولى، وعاين بنفسه عجز الأتراك عن الدفاع عن العراق في وجه الغزو البريطاني رفع سلاحه وشارك مع المجاهدين العراقيين في المقاومة الشعبية ضد الإنجليز. وهكذا كان كبريت نموذجا فريدا بين أشقياء بغداد، فقد عاين سرقة الأتراك لوطنه في الشطر الأول من حياته، ثم شاهد كيف سلموا البلد إلى الإنجليز وفروا أمامهم لا يلوون على شيء.
بات العراق وبفعل الفلتان الامني على ابواب الرجوع لعهد الشقاوات .. لكن اشقياء اليوم غير اشقياء الامس،، فبالامس كان الاشقياء لايتعرضون للفقراء والضعفاء وكثيرا ما ساعدوهم ، لكن اشقياء اليوم اتخذوا من سطوتهم وسيلة بهدف الربح وتحقيق مكاسب شخصية .
تمحورت وتدرفلت وتقحورت النظرة والنظرية والرؤية حول الشقاوة والاشقياء والفتوة والقبضايات ومقاومة الظلم والظالمين الى تحدي السلطة والمسؤولين والتهديد والوعيد والثبور لمن لايمشي على سكتهم ودربهم ونصيرهم الطلقة والمذنب والقناص وقتابل الدخان وال…………
(*(!(إن الميليشيات العراقية المدعومة من إيران لا تلتزم بالقانون. ومع ذلك، تبغض “المقاومة” بأن يتم وصفها علناً بأنها تنتهك القانون. فهي تعلم بأن العراقيين يهتمون بسيادة القانون، وقد تبنّوا القانون كساحة معركة. ولكن من أجل احترام سيادة القانون وصونها في العراق على المدى الطويل، يجب منع الميليشيات فعلياً من القدرة على العمل دون مساءلة. )*)!)
فشقاوات ايام زمان كانوا يتمتعون بالمروءة .
فالشقي ورغم انه كان يشكل تحديا للسلطة المركزية من خلال علاقته التنافسية معها باعتبارها غير قادرة على بسط نفوذها في مختلف زوايا بغداد واحيائها ، الا انه كان يعتبر لصا مهذبا يلتزم بعدد من مباديء الفروسية ، لانه كان يسرق من الاغنياء والميسورين ولا يتردد في مساعدة الفقراء ودعم المظلومين ومد يد العون للنساء باعتبارهن جنسا مستضعفا في مجتمع ذلك الوقت.. كما انه كان المسؤول غير المعلن والضمني عما يحدث في منطقة سيطرته.. وكانت لمناطق باب الشيخ والفضل وقهوة شكر وباب المعظم والكسرة والكاظمية ومناطق اخرى من بغداد ، شقاواتها .. وكان لكل واحد منهم عددا من الاتباع يحركهم كما يحرك اللاعب احجار الشطرنج.. وواجباتهم كانت اخذ الاتاوات من اصحاب المحلات والاثرياء في المنطقة وحماية الاهالي من الغرباء واللجوء الى اجراء المصالحة بين المتخالفين على امر ما. وكان لهؤلاء الشقاوات تقاليدهم منها: عدم الاعتداء على الضعفاء واحترام النساء والاطفال والشيوخ والفقراء .
وكان فؤاد حسين قال في مقابلة تلفزيونية مع قناة “السومرية” المحلية إنه “لا يوجد مقاومة في العراق، من يقاوم يقاوم الحكومة العراقية، هم إرهابيون وليسوا مقاومة، مقاومة ضد من؟ من تحارب؟ ومن تقاوم؟ هذه دولة ديمقراطية، ويُمكن الذهاب إلى البرلمان والتحدث هنالك”.
وتعقيباً على تصريحات وزير الخارجية العراقي، قال رئيس المجلس السياسي لحركة النجباء، علي الأسدي، في تغريدة على تويتر: “نعم أنت لا تفهم ما المقاومة، لأنك نطقتها ذات يوم وقلت نحن لسنا جزءاً من العراق، حتى تشعر بأهمية الدفاع عن كرامته وتقدر الدماء التي سالت من أجله” في إشارة إلى استفتاء استقلال إقليم كوردستان الذي أجري في 25 أيلول 2017.
ومضى بالقول: “من لم يتعلم أبجديات السياسة وسياقاتها وهو على رأس دبلوماسية الدولة علمناه وأفهمناه لياقاتها، حتى يقف إجلالاً ويتأدب حينما يتكلم عن المقاومة” على حد تعبيره.
وهذه ليست المرة الأولى التي تجرؤ فيها حركات تصف نفسها بـ”المقاومة”، على تهديد الدولة وأعلى الرموز والمسؤولين فيها علناً، حيث لم يسلم رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي من وعيد تلك الفصائل، بل حتى أن المتحدث باسم كتائب حزب الله، أبو علي العسكري حذر الكاظمي سابقاً من اختبار “صبر المقاومة”، معتبراً أن “الوقت مناسب جداً لتقطيع أذنه”، إثر اعتقال القوات الأمنية مسؤولين في عصائب أهل الحق متهمين بالوقوف وراء الهجمات الصاروخية…شقاوات بدون يشماغ بس اصحاب سلاح منفلت وهم مقاومة ومساومة وموالين لايران ومجاهدين وضد امريكا واختصاص قص اذان وصيوان !!!.
ويعد التمرد الأمني وفوضى السلاح المنفلت العائق الأكثر تعقيداً أمام الحكومة مع تكرار الهجمات الصاروخية على المقرات الدبلوماسية في المنطقة الخضراء وخاصة على السفارة الأميركية إلى جانب انفجار العبوات الناسفة على الأرتال التابعة للتحالف الدولي، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة للتلويح بإغلاق سفارتها في بغداد سابقاً إبان عهد الرئيس السابق، دونالد ترمب، على الرغم من أن رئيس الوزراء العراقي توعد مراراً الجماعات الخارجة عن القانون بـ”تحركات جادة للقضاء عليها” وأكد الاستعداد “للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”.
وكان فؤاد حسين قد أشار إلى تقلص عدد العناصر العسكرية الأميركية في العراق من 5200 عنصر إلى أقل من 2500 عنصر نتيجة الحوار الستراتيجي بين البلدين والتي أجريت جولتاه في حزيران وآب الماضيين، متسائلاً: “هل خرج هؤلاء نتيجة لهذه الصواريخ؟!”.
وتابع: “من يطلق الصواريخ هم إرهابيون وهم ضد الشعب العراقي وضد الحكومة العراقية هؤلاء ليسوا مقاومة لا يوجد مقاومة في العراق، هناك وسائل وهناك طرق سلمية للمقاومة ولا أحد يمنع الآخر من الكتابة والحديث”.
*** اضطر مدير مكتب وكالة رويترز إلى مغادرة العراق بعد أن تلقى تهديدات على مواقع التواصل الإجتماعي وقنوات فضائية موالية للميلشيات الشيعية شبه العسكرية بسبب تقرير نشرته الوكالة العالمية حول اعمال نهب وتخريب واعدامات خارج القانون في مدينة تكريت التي “حررتها” القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي.
وبدأت التهديدات على صفحة على موقع فيسبوك لمجموعة تطلق على نفسها اسم “المطرقة” التي يعتقد أنها ترتبط بالفصائل الشيعية المسلحة، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
وطالبت الصفحة بطرد الصحفي نيد باركر من العراق لكن تعليقات أخرى طالبت بقتله وأن ذلك “سيكون السبيل الوحيد لاسكاته”.
وبعد أيام نشرت قناة العهد المملوكة لجماعة عصائب الحق المدعومة من إيران صورة صحفي رويترز وطالبت بطرده من البلاد.
*** بعد تهديدات ميليشيا عصائب أهل الحق لرئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، دخلت ميليشيات حزب الله العراقي على الخط، مهددة الكاظمي، داعية إياه لعدم “اختبار” صبرها.
وفي تهديد مباشر ووصفه بالغادر، قالت الميليشيات في تغريدة إن “الوقت مناسب جدا لتقطيع أذني” الكاظمي، وتابعت “لن تحميك الاستخبارات الأميركية”.
وقال المتحدث باسم الكتائب أبو علي العسكري ، إن المنطقة تغلي على صفيح ساخن، وان احتمال نشوب حرب شاملة قائم، وهو مايستدعي ضبط النفس لتضييع الفرصة على (العدو) بأن لا نكون الطرف البادئ لها”.
كانت عناصر موالية لميليشيات عصائب الحق قد هددت أمس الجمعة في مقطع فيديو رئيس الوزراء العراقي، مؤكدين أنهم رهن إشارة زعيم ميليشيا العصائب، قيس الخزعلي.
وأمهلت الميليشيات الحكومة العراقية 48 ساعة للإفراج عن المعتقل المتهم بإطلاق الصواريخ، حسام الزيرجاوي.
مستعدون للمواجهة
تأتي هذه التهديدات، بعد تأكيد الكاظمي أن “أمن العراق أمانة في أعناقنا، ولن نخضع لمغامرات أو اجتهادات”.
وأضاف في تغريدة على تويتر بعد تهديدات العصائب “عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون”.
وتابع “طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر هددت ميليشيا كتائب حزب الله العراقي، الجمعة، رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، مجددا، واتهمته بالمشاركة في اغتيال قائد الميليشيات، أبو مهدي المهندس مع الجنرال الإيراني، قاسم سليماني مطلع العام الجاري.
وكانت الميليشيات الموالية لإيران قد وجهت في السابق اتهامات مماثلة إلى الكاظمي، الذي كان يشغل حينها منصب رئيس الاستخبارات العراقية، قبل توليه رئاسة الحكومة.
واستغل القائد العسكري لميليشيات كتائب حزب الله، الذي يعرّفه نفسه باسم “أبو علي العسكري”، مناسبة عيد الأضحى لمعاودة تهديد الكاظمي.
ولن يكون عيدنا في هذا المقطع الزمني عيداً إلا بأخذ الثأر الذي يليق حجماً ومضموناً من قتلة الشهيدين سليماني والمهندس وشهداء مدينة القائم”.
وتوعد العسكري بمعاقبة المشاركين في العملية، وقال: “نكرر ما قلناه حينها: إن المشاركين المحليين ابتداءً من (كاظمي الغدر) إلى أدنى الرتب التي ساهمت في تسهيل هذه الجرائم التاريخية سوف لن يفلتوا من العقاب مهما كان الثمن وطال الزمن”.”.
***