23 ديسمبر، 2024 12:16 م

جعجع يدخل من الباب الخلفي!

جعجع يدخل من الباب الخلفي!

“سمير جعجع اسوأ من علي كيمياوي، وان المسيحيين العراقيين لايشرفهم ان يتحدث شخص قاتل مثل جعجع بأسمهم”.
هذه العبارات التي وردت على لسان عضو مجلس النواب العراقي عن دولة القانون ياسين مجيد كانت جزءا من ردود الافعال العراقية الحادة والغاضبة على تصريحات جعجع التي ادلى بها من مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان خلال زيارته الاخيرة لها بدعوة من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني.

   ويضيف النائب مجيد قائلا “أن جعجع كان شريكا لرئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق أرييل شارون في مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا والتي راح ضحيتها أكثر من خمسة الاف فلسطيني في عام 1982 بعد مقتل الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل، وانه اي –جعجع-كان عضو الارتباط الرئيس بين حزب الكتائب والقوات اللبنانية من جهة والجيش والموساد الإسرائيلي من جهة أخرى، حيث وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى قصر بعبدا الرئاسي بفضل تعاونه وأمثاله من القوات اللبنانية”.

   وكان سمير جعجع قد صرح في مؤتمر صحفي عقده في اربيل بعد عدة لقاءات مع قيادات كردية “بأن مايتعرض له المسيحيون الوطنيون في العراق من استهداف يمثل وصمة عار، وعلى الحكومة العراقية تحمل مسؤولياتها بحمايتهم” معربا عن امله بأن “ينعم المسيحيون بوسط وجنوب العراق بنفس القدر من الأمن والحرية التي يتمتع بها أقرانهم في كردستان”.

   ليس هذا فحسب بل ان جعجع دعا الى اقامة اقليم خاص ومستقل للمسيحيين العراقيين في سهل نينوى، وهو مااعتبره عدد كبير من القوى والشخصيات السياسية العراقية تدخلا في الشؤون الداخلية ومحاولة لتمرير اجندات خارجية لاسيما وان القائد السابق لحزب القوات اللبنانية له ارتباطات وعلاقات وثيقة بجهاز الموساد الاسرائيلي.

   من جانبها قالت كتلة الاحرار النيبابية على لسان النائب فيها جواد الحسناوي “ننصح سمير جعجع الكف عن افتعال الأزمات السياسية في بلده لبنان قبل ان يأتي الى العراق ليوجه النصح لقادته السياسيين، وكان الاحرى به ان يلتزم بالدستور اللبناني لا إن ينقلب عليه كما فعل، ليكون أداة طيّعة بيد اسرائيل والتدخلات الغربية في لبنان”.

  ويضيف الحسناوي في معرض تصريحاته بهذا الشأن “ان تصريحات جعجع مثيرة للشكوك وزيارته لكردستان وإطلاقه لهذه التصريحات مكشوفة للجميع، ولا أظنها تسعى لخدمة العراق، وان ممارسات الكتل السياسية هي السبب في ان يكون العراق ساحة للتدخلات الإقليمية والدولية”.

   وبحسب مصادر كردية فأن اطرافا كردية من بينها الاتحاد الوطني الكردستاني ابدت عدم ارتياحها لزيارة جعجع في هذا الوقت بالذات، ناهيك عن انها اكدت ان الحزب الديمقراطي حينما وجه الدعوة لجعجع لم يبحث ويناقش الامر مع شركائه السياسيين، وهو نفس الشيء الذي حصل مع زيارات سابقة لسياسيين لبنانيين مثل الرئيس الاسبق امين الجميل، وزعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط.

   وتذهب تلك الاطراف الكردية الى ان تلك الزيارة احاطتها الريبة والهواجس والشكوك وعلامات الاستفهام، وهي ربما تعود بنتائج سلبية على الاقليم وحتى على المسيحيين العراقيين الذين بدا ان جعجع يتحدث باسمهم ويدافع عنهم.

   وبحسب التسريبات فأن الشأن السوري مثل احد محاور النقاشات بين جعجع والسياسيين العراقيين الاكراد في الحزب الديمقراطي وشخصيات سورية معارضة ودبلوماسيين اتراك ومسؤولي مخابرات دول اخرى.

   ولعل طبيعة الوفد الذي رافق جعجع في زيارته يمكن ان يؤشر الى جانب من دلالات واهداف الزيارة ، اذ اصطحب معه وفق وسائل اعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني كل من العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، ومسؤول العلاقات الخارجية بيار أبو عاصي وطوني كرم وإدي أبي اللمع، وهؤلاء كلهم من قيادات القوات اللبنانية المتورطين بملفات جرمية.

   وتشير التسريبات الى ان جعجع التقى برئيس المجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون مرتين في اربيل بحضور مسرور البارزاني رئيس جهاز الاستخبارات(الباراستن) في اقليم كردستان ونجل الرئيس البارزاني، وتباحثا في كيفية ترتيب صفوف المعارضة وتشديد الضغوطات على نظام الرئيس شار الاسد، وعرض كل طرف من اطراف الاجتماع رؤاه وتصوراته بهذا الخصوص، وكانت قضية اقناع احزاب وقوى وشخصيات سورية كردية بالانظمام الى المعارضة، حاضرة بقوة في اجتماعات جعجع وغليون والاخرين.

   اضافة الى ذلك فأن سمير جعجع صرح بنفسه لبعض وسائل الاعلام انه التقى على هامش زيارته لاقليم كردستان وكيل وزارة الخارجية التركية  السفير فريدون سنيرلي أوغلو، في مقر القنصلية التركية”، ويقول حول مجريات لقائه انه “لمس قلقاً كبيراً يبلغ درجات عالية عند الأتراك حيال أوضاع سوريا، وعملياً تتصعّد الأزمة المستمرة هناك منذ عشرة أشهر، وبعد خطابَي الرئيس بشار الأسد الأخيرين تبدو مفتوحة على الدم من دون أفق، مما يعرض دول الجوار والمنطقة عموماً لأخطار جمّة أمنية وعسكرية . أما إنسانياً فالمأساة تبلغ حدوداً قصوى تفوق القدرة على التحمل أكثر. الأتراك وصلوا إلى اقتناع بضرورة فعل شيء ما. ما هي طبيعة هذا “الشيء ما”؟ لا  أحد يستطيع التحديد من اليوم. لكن القضية باتت تستلزم في رأيهم تفكيراً جدياً بين دول المنطقة ودول أوروبا”.

   وتؤكد تقارير عن وقائع الزيارة ان جعجع تحدث هاتفيا ولوقت طويل مع العميد رياض الاسعد قائد ما يسمى بالجيش السوري الحر بعد اجتماعاته بغليون، علما ان الاخير كان قد اتفق مع الاسعد قبل فترة قصيرة على تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين المجلس الوطني السوري الذي يتخذ من اسطنبول مقرا له والجيش السوري الحر.

   ويقول مراقبون سياسيون عراقيون ان حديث جعجع عن الاهداف المعلنة لزيارته لكردستان تبتعد كثيرا عن الاهداف الحقيقية، وطبيعة التعاطي الكردي مع بعض الملفات والحراك الذي يشهده الاقليم في جانبيه المعلن والاخر الخفي تؤشر الى ان هناك اجندات يراد تمرير البعض منها عبر الاقليم او يكون الاخير محطة من محطاتها، ومجرد ذهاب من لايمكن ان تستقبله بغداد لهذا السبب او ذاك الى اربيل-كما هو الحال مع جعجع-يكفي لطرح التساؤلات، واثارة الهواجس، والتنبيه للمحاذير والمخاطر.

    و”اذا كان جعجع قد خلف دمارا وكوارث على رؤوس اللبنانيين –وبالتحديد المسيحيين-في الثمانينات، فهل يمكن ان يكون منقذا للمسيحيين العراقيين اذا كانوا بحاجة الى منقذ فعلا؟”.

   هذا ماقاله سياسي عراقي مسيحي طلب عدم ذكر هويته لـ”الانتقاد”.. واضاف ذلك السياسي بالقول “مااعرفه ان جنرال الحرب جعجع فجر كنيسة سيدة النجاة في كسروان بلبنان واتهم بأغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رشيد كرامي ورئيس حزب الوطنيين الأحرار داني شمعون، واتهم بعدها باغتيال النائب طوني فرنجيّة نجل الرئيس سليمان فرنجيّة وعائلته، وحكمت المحكمة عليه بالإعدام، إلا إن الحكم خفف من قبل رئيس الجمهورية الاسبق إلياس الهراوي إلى السجن مدى الحياة.. وبعد كل ذلك هل من المعقول ان نستجند بشخص مازالت دماء اهلنا في لبنان تقطر من يديه، هذا اذا كان قد جاء فعلا ليتفقد احوالنا ويدافع عنا، ولا اعتقد انه جاء من اجل ذلك”؟.

والسياسي المسيحي العراقي كرر ماقاله النائب ياسين مجيد ولكن بعبارات مختلفة، ويبدو ان هذه هي الحقيقة.

[email protected]