قبل أن تصل القوات الامريكية الى حدود محافظة كربلاء في أيام نيسان من
سنة 2003 والاخبار تشير الى دخولهم النجف الاشرف كان الوضع مرتبك جدا في
قضاء طويريج فخرجت الى الشارع العام لأرى الموقف العام وكان الشارع يموج
بالناس كل مجموعة تتحدث بصوت منخفض وعند وصولي الى الجسر ( جسر طويريج )
انصدمت بمشهد غريب حيث كان الجسر ملغم باصابيع الديناميت على طوله فتابعت
السلك الخارج منه وكان هناك بعثيين ( صغار) واقفين على الجسر فعبرت الجسر
الى الضفة الاخرى ( حي الطنبي ) متتبعاً السلك الذي دخل في الزقاق الصغير
الذي طالما كنت أحشر جسدي فيه في طريقي الى أعدادية الهندية التي درست
فيها لأرى أين ينتهي هذا السلك ، وعند دخولي الزقاق وجدت جنديين يرتديان
الخاكي جالسين على الارض امام صندوق رمادي فيه عتلة الى الاعلى تشبه
كثيراً تلك الصناديق التي تفجر بها اصابع الديناميت في افلام الكاوبوي
الامريكية وبجانبه كان يوجد (باتري) سيارة نظرت الى الجندي بقرب الصندوق
كانت جسده الهزيل وعيونه المرتبكة تحكي قصة ( ابو خليل ) ذلك الكائن الذي
سحقه صدام وجعل منه مسخرة بدل ان يكون رمزاً لكرامة وعزة الوطن ،
بادرته بسؤال مفاجيء : هل ستفجر الجسر حقاً ؟
ارتبك من سؤالي وأمتدت عنقه خلفي ليتأكد من عدم وجود البعثيين ثم أجابني
بابتسامة خائفة : اذا أجاني الامر … مشيراً بعيونه الى اولئك البعثيين
المتجمعين في راس الجسر ..فقلت له أن الامر منتهي والامريكان دخلوا النجف
وسيدخلون (خان النص) وبعدها سيدخلون طويريج فما أنتم فاعلون ؟
ترددوا في الجواب ثم قالوا سنهرب في اول فرصة تتاح لنا …. شجعتهم على
هذا الطرح وحكيت لهم عن تاريخ الجسر وأهميته لأهالي طويريج ثم رجعت الى
طريقي بعد ان أقترب بعض جلاوزة البعث منا وانتبهوا الى كلامي مع الجنديين
..
وعند دخول الامريكان لم أغادر المدينة كباقي الاهالي وبعد أستقرار الوضع
تقريبا هرعت راكظاً في (الدرابين) التي اعرفها وتربط بيتنا بشارع
الكورنيش لأرى مصير جسرنا والحمد لله رأيته مازال في مكانه ونظرت الى
مكان الجنود الذي كان خالياً ولكني لم أستطع عبور الجسر لوجود الامريكان
قربه وبقيت أصابع الديناميت لفترة تحكي قصة غباء ونذالة البعثيين
وأستعدادهم لقتل الجسر وكل شيء من أجل بقاء حكمهم الظالم ولكنه أنتهى
وبقي حكايات نحكيها لأبنائنا فهل من معتبر ؟