منطقة محظورة أم تهويل تربوي!
شعورُ الطفل بالأمانِ من عدمِ التحرش والثقة بجسدهِ لا يولد من موقفٍ أو موقفين، وقطعاً لا يمكن لابويه مراقبته طوال الوقت وتتبعِ حركاتهِواتجاه اصابع الغير، لكن يمكن تدريبه على حمايةِ نفسهِ خاصة أن الأطفال بريئون ويجهلون معنى التلامس المشيطن وتبعات العبثباعضاءهم الحساسة لكنهم يشعرون جيداً حتى وان خانهم التعبير بأن شيئا ما غير مريح ومزعج وموذٍ تتعرض لهُ اجسادهم!
السؤال المُرَّ هنا: ماذا يعرف طفلك عن خصوصية جسده العاري واعضاءه وانهُ منطقة محظورة عن الآخرين، ومن المسؤول عن تعليمه حدودالتلامس وفرز اللمسة المُشيطنة عن الاخرى البريئة، وهل فكر احدكم كيف يجنب ولده المرعوب من العقاب في حال تعرض للتحرش او تعنيفالجسد و رفقة أشخاص لا يشعر معهم بالأمان والراحة علماً أن غالبية ضحايا التحرش الجنسي هم ضحايا أطفال آخرين وهو ما قد يحدثاثناء اللعب في بيت أحدهم أو بالمدرسة بعيداً عن عين الرقيب.
علموه الرفض وكلمة لا
“التوعية الجنسية المبكرة للأطفال، حصانة تربوية من الصغر يستطيع بها الأهل الحفاظ على أطفالهم من هذه الحوادث والتحرشات، سيماتعريف الطفل باسماء أعضاءه الحساسة كي يساعده هذا الامر في حمايتها والتعبير عن نفسه بشكل جيد”..
تشخيص جريء من الاب (عدنان الطيب) قد يستغربه الكثير من الاباء باعتبار أن التوعية الجنسية منطقة محذورة عن الصغار وتمنع عنهممنعاً باتاً، حيث اكمل قائلاً:
من المهم أن ننبّه على الطفل أنه لا يوجد ما يسمّى بالأسرار بينهم وبين من يثق بهم كالآباء والأمهات خاصة عندما تتعلق تلك الأسراربجسدهم، سواء كان تحرشا أو ضربا أو مجرد لمسة بسيطة، على الطفل أن يعلم أنه مهما كان السلوك الذي تعرض له مؤذيا، فإنه يستطيععلى أي حال أن يخبر أهله عنه. كما أن هناك أمرا مهما عادة ما يغفل الأهل عن القيام به، وهو أنه يجب ألا نجبر الأطفال أبدا على السلامبالقُبلات مثلا، مهما كانت التهديدات بأن فلان سيغضب أو فلانة لن تعطيه الحلوى، لأن الإجبار في الأمور الصغيرة المسالمة يجعل الطفلمعتادا على القيام بالأمور تحت التهديد حتى لو لم يكن مرتاحا فيها.
ولا شك أن هذا الدور مشترك ما بين الأب والأم من خلال تعليم أطفالهم حدود التلامس سواء مع الغرباء أو الأقرباء فمن الضروري تعليمالأطفال حدودهم وحدود الآخرين لهم، ومن النصائح المهمة، والمفيدة هو أن يعطي الأهل أطفالهم كلمة سر لا يعلمها أحد سواهم، وأن تبدولغيرهم وكأنها كلمة عادية، وهذه الكلمة تتمثل وظيفتها في أن يستخدمها الطفل في حالة كان برفقة أشخاص لا يشعر معهم بالأمان أوالراحة ويمكنه استخدام هذه الكلمة سواء كان في المكان نفسه مع الأهل أو كان بعيدا عنهم، للأسف لا يخلو العالم المحيط بنا من قضاياتحرش، يُعرض بعضها في الإعلام، وبعضها في أعمال فنية، أو تتداولها الألسن من حولكم، والاهم علّموا أطفالكم أنهم يستطيعون قول كلمة“لا” إن شعروا بالخطر وعدم الأمان، وأنهم يستطيعون رفض المطلوب منهم في أي موقف يشعرون فيه بعدم الارتياح، مهما كانت الشخصيةالتي تطلب منهم فعليهم ألا يخافوا من العواقب، حتى في حال تقدم أحد أولئك الأشخاص بالشكوى.
خداع مبطن وغرباء السوء
” الخطيئة تبدأ بلمس جسد الطفل واعضاءه الحساسة من قبل والديه، هنا سوف يعتاد على اللمس والتلامس ويستسيغ السلوك لا قصدياًليصبح لمس اعضاءه شي اعتيادي من قبل اي شخص اخر”..
جزئية جسدية نبهت اليها الام (ماجدة ناصح) في كيفية تعاملها مع قضية حماية جسد الطفل، قائلة:
احافظ على جسد طفلي من خلال تعليمه كيفية المحافظة على جسده وافهامه اعضاء جسده بمسمياتها الحقيقيه لا المستعاره كي لايخدعهغرباء السوء وأعلمه بشكل قاطع عدم السماح بلمس جسده من اي شخص كان سواء قريب او غريب، والمسؤول عن تعليم الطفل حدودالتلامس مع الاخرين بالدرجة الاولى الوالدين الاب والأم وخصوصا الام لانها قريبة من الطفل اكثر من الاب بحكم عمل الاب وتدبير المعيشة،ومن البديهي أن يتحدث الأهالي مع أطفالهم حيال اللمسات السيئة خصوصاً من الغرباء، وأن الأطفال قد يشعرون بالخزي أو الخوف، ولكنالتأكيد على أن اللمسة السيئة لا تُثير بالضرورة شعورا سيئا هو أمر مهم، فالشعور الجنسي للأطفال موجود، وقد تُثيرهم لمسات المتحرشببراءة وأن هناك احتمالا بالشعور بالمتعة، سواء كانت متعة جسدية أم متعة إثبات الذات، لذلك فإن التنبيه على أن اللمسة السيئة ستظلسيئة مهما كان شعور الطفل حيالها وهنا يأتي دور الأب بتعليم أطفاله بعدم الإقتراب من الغرباء وملامستهم بصورة مباشرة ويتحقق ذلكعن طريق تكرار عملية تعليم الطفل وجعله يتجنب هذه الحالة.
ثقافة الخصوصية وخطر التلامس
“الطفل بحاجة لثقافة الخصوصية وتوعيته جنسياً منذ إتمامه العامين، بتعليمه أن هناك أماكن خاصة في جسده لا يجب على أحد رؤيتها،وأن لا يسمح لاحد بلسمه في هذه الأماكن الخاصة بدون داعٍ أو تصويرها، حتى وإن كان أشد المقربين له”..
بهذه التحذيرات التربوية في مراحل التنشئة الاولى، بدأت الباحثة الاجتماعية والتربوية (رحاب عدنان) حديثها المعالج لمحاذير لمس جسدالطفل عبر مراحل حياته الاولى، قائلة:
الاهل بالدور الاول هم المسوولين عن تعليم الطفل حدود التلامس وخطرها من خلال توعية الأطفال ضد خطر التلامس و التحرش الجنسيلذلك أصبح من الضروريات. صحيح أن الوعي الكافي لا يعني ضمانة حمايتهم من أن يكونوا ضحايا للمتحرشين جنسيا بالأطفال، كمايشابه الحال أن معرفتك بطرق السرقة لا تمنع بالضرورة تعرضك للسرقة، لكن الوعي الكافي سيمنح الطفل القدرة على إيقاف الأمر في حالاستطاع، أو اسوأ الأحوال أن يقوم بالإبلاغ عما حدث دون خوف من الفضيحة أو من عقاب الأهل، والاهم ايضاً يجب التطرق لتفاصيلتعليمه ثقافة الخصوصية، اقول له إن جسمه ملكه وأنه من المهم أن يعتني به عن طريق الأكل الصحي والنظافة والرياضة والذهاب إلىالطبيب عندما يمرض، ومن الممكن إجراء حوار عن أجزاء الجسم بشكل عام، وتعريف الطفل أن لكل عضو من أعضاء جسمه وظيفة مختلفةوطريقة خاصة في التعامل معها فهناك أجزاء ظاهرة من جسمه وهناك أعضاء لا يصح أن يراها أو يلمسها غيره عنده، ولا يراها هو أويلمسها عند أحد، هذه الأعضاء هي تلك التي تغطيها الملابس الداخلية. يمكن أن تساق له تلك المعلومات مثلاً في سياق أنه عندما كانصغيرًا كان أبواه يغيران له الحفاضات، ولكنه الآن كبر ولا يصح لأحد أن يطلع على كل جسمه، حتى لو كان أحد الأقارب أو مهما كانالطفل يحبه. فنعلّم الطفل أن يدخل الحمام منفردًا دون حاجة لمساعدة أحد، ونفهمه أننا نساعده حتى يتمكن من العناية بنفسه دونمساعدة، ونعوّده على إغلاق باب الحمام عليه.