23 ديسمبر، 2024 9:11 ص

جريمة هلبجه والعدالة المتأخرة

جريمة هلبجه والعدالة المتأخرة

كتب الكثير حول جريمة قصف هلبجه بالسلاح الكيمياوي وقتل أكثر من (5000) إنسان بريء من قبل حكومة البعث القمعية المتجردة من الاخلاق، والخارقة لكل التعاليم السماوية والقوانين الوضعية والاتفاقيات والعهود الدولية في تعاملها مع الكوردستانيين عامة وقسماً من العراقيين. بعض الآراء إنطلقت من الثوابت الإنسانية المتعلقة بمكان وزمان تنفيذها، وبتأويلها وتفسيرها ووصفها بأكبر الجرائم المروعة المرتكبة ضد الكورد كشعب لا دولة له، وكشعب معروف بالتسامح وسعة الصدر ونشر المحبة والتآلف بين الناس جميعاً. وإنطلقت بعضها الآخر من أجل التعريف بوحشية النظام البعثي الذي إنتهج الحماقة تجاه كل ما هو كوردي وكوردستاني، ولم يفرق في وحشيته المفرطة وغير المبررة بين البيشمركه المؤمن بقضايا شعبه ووطنه العادلة والذي كان يحمل السلاح دفاعاً عن أرضه وعرضه، وبين المريض وكبير السن والحامل والطفل الرضيع. كما أنطلق آخرون في كتاباتهم عن هلبجه من أجل تذكير الجميع بسياسات الحرق والقتل والتهجير والتدمير، وبالأنفال بمراحلها المأساوية الثمانية وشهدائها، وبثمانية آلاف شهيد من البارزانيين المغدورين، وتهجير أكثر من نصف مليون كوردي فيلي الى إيران بذريعة انهم من اصول إيرانية، بعد حجز وتغييب اكثر من 20,000 من أطفالهم وشبيبتهم ورجالهم ونسائهم، واستخدام القسم الاكبر منهم في تجاربه الاجرامية على الاسلحة الكيمياوية والجرثومية، وإستخدام ناتج تلك التجارب البشعة في قصف هلبجه ومناطق أخرى في كوردستان كعسكر وجافايتي وباليسان.

لكننا في الذكرى الحادية والثلاثين لقصف هلبجه، نكتب لنوضح بعض الحقائق، أولها: جرائم البعث وما جاءت معها من ويلات ومآسي وتدمير، لم تحرك (في حينها) ضمائر الكثيرين من (الإخوة) في الدين والشركاء في الوطن والساسة والكتب والأدباء وأئمة الاسلام في العراق ودول الجوار والعالم.

وثانيها: (بعد) سقوط الصنم سمعنا الكثير من الكلام الطيب والجميل، وإستبشرنا خيراً وتوقعنا نهاية المعاناة وتحقيق العدالة، وكاد أن نقتنع بأننا شركاء حقيقيين في الوطن، وبالذات عندما اتخذت السلطات التشريعية والقضائية الاتحادية قرارات واضحة وصريحة تؤكد أن ما ارتكبه النظام السابق من جرائم ضد الكورد هي جرائم ابادة جماعية.

وثالثها: عندما إشتد ساعد (الشركاء) في بغداد، نسوا التعهدات والمنطق والعقل والواقع والاستدلال والتجربة، وعجزوا عن التحليل والقيام بأداء المسؤوليات المنهجية، وتنكروا لكل الحقائق الموضوعية. ووضعوا القرارات على الرفوف العالية ولم تنفذ بسبب وجود التلكؤ الواضح، والتهرب المقصود لدى الاجهزة التنفيذية للدولة، وبسبب إستمرار عقلية العداء تجاه الكورد لدى أناس تولوا زمام المسؤولية.

ورابعها: بعد جريمة هلبجه التي لاتغتفر، والفريدة من نوعها، والتي إرتكبها واحداً من دعاة القومية العربية، مارس الدواعش خلال السنوات الماضية ذات النهج الصدامي ضد الكورد. كما شاهدنا تصرفات عدوانية من الشركاء في العملية السياسية تتطابق مع تصرفات الصداميين الإجرامية اللاإنسانية السابقة، تصرفات تدل على إنهم يتوجّسون منا ويمارسون التعالي معنا وأنواعاً مبتكرة من المؤامرات الهادفة إلى إضعافنا، ويكررون المواقف والشعارات الالتوائية.

وخامسها : مازال أهالي الضحايا ينتظرون تحقيق العدالة المتأخرة.