بصراحة متناهية ومن دون تزويق لفظي للكلمات ،لامكان لها ازاء ما يواجهنا كبشر من تحديات اخطرها واشدها وطأة تحدي التطرف الذي يفرخ الارهاب ، نقول بألم ووجع ان جريمة مسجدي نيوزلندا لم تكن الاولى ولن تكون الاخيرة ما دامت هنالك جهات تغذي ثقافة التطرف والعداء للاخر .. ومن المعيب والمخجل على بلدان ترفع شعار التسامح والسلام والديمقراطية ان تسمح وبذريعة الحرية لمثل هذه الافكار المنافية لابسط قيم الانسانية ولدعاتها التعبير عن ارائهم الداعية للكراهية والقتل الى حد يصل الى الاستهانة بقدسية الحياة وحرمة دماء الشهداء ومشاعر عوائلهم فيخرج على الملأ وفي مؤتمرصحفي النائب الا سترالي فريزر ليحمل المسلمين مسؤولية ماحصل في مسجدي نيوزيلندا فيقوم شاب بكسر بيضة فاسده على راسه ليتعرض لهجمة تلقيه ارضا من ثلاثة اواربعة اشخاص لا ندري ان كانوا من حماية هذا النائب العنصري ام من عامة الناس ! الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يعكس مستوى التطرف الاعمى في دول الديمقراطية والامن المجتمعي الذي نسمع عنه ونعيشه من دون ان تتوقف عنده وبما يتناسب وخطورته سلطات تلك الدول .. فمثل هذه الافكار المتطرفة المعادية للاسلام والمسلمين والتي تصاعدت بشكل متعمد بعد احداث 11 ايلول 2011 في واشنطن ، ستولد افكارا متطرفة على الضد منها تهدد السلم المجتمعي في دول العالم يروح ضحيتها الابرياء .. ولن ننسى ما اشيع وقتها في الاخبار عن مجرم الحرب بوش وهو يتحدث بعنصرية عن احتلال العراق !
و ربما من سخريات القدر ان موجة التطرف هذه والاراء العنصرية المعادية للاسلام تلتقي مع الافكار النازية التي جرت الويلات للعالم و تم محاكمتها في نوار مبرغ .. ومع ذلك فان اليمين المتطرف في دول اوربا ما زال يقود حملة كراهية ومعاداة للمسلمين لابد ان تؤدي الى مأسي هنا وهناك .. كما انها تكسر وتخدش صورة الديمقراطية ومبادئها وقيمها الانسانية النبيلة وتعرض جدار السلم الاهلي الى تصدع كبير !
وبرغم جهود منظمات مجتمع مدني وشخصيات فكرية ومن مختلف الاتجاهات والبلدان الكبيرة ، في التصدي للتطرف ايأ كان نوعه او عنوانه الديني والمذهبي والقومي ، فانه ما زالت هنالك مشاهد عنف وعمليات ارهابية يروح ضحيتها مئات الالاف من الابرياء منهم نساء واطفال وما حدث من اعمال ضد ( مسلمي الروهينغا من قتل وتشريد ووضع الاطفال وهم احياء في النار .. ) وقبلها ما حصل في البوسنه من مجازر وما يجري في فلسطين وسوريا والعراق ومصر كلها شواهد على ما يمكن ان يفعله عمى التطرف فيحول الانسان الى وحش يقتل بدم بارد اخيه الانسان .
ولابد ان نعترف هنا بانه برغم المؤتمرات والندوات التي تعقد في العالم عن حوار الاديان وما ترفعه من شعارات وما تبذل فيها من جهود ، فانها وللاسف لم تفلح في الحد ان لم نقل انهاء التطرف في المجتمع خاصة بين الشباب .. حيث سرعان ما يتم نسيان اهدافها ويخفت بريقها بعد ايام من انتهائها ،بانتظارانعقادها مرة اخرى .. اي ان نتائجها وشعاراتها باختصار موسمية في حين ان دعاة التطرف يواصلون بذل سمومهم كل ساعة من خلال قنوات فضائية ووسائل اعلام اخرى .
لم نأت بجديد عندما قلنا ان جريمة مسجدي نيوزلندا وغيرها من افرازات التطرف غير اننا نجد تكرار ذلك يفترض ان يشكل حافزا لكل القوى المحبة للسلام للضغط على الامم المتحدة ومجلس الامن لتبني وضع خطة تثقيف وتوعية مجتمعية في كل دول العالم لمواجهة دعاة التطرف وايقاف ادواتها التخريبيه من فضائيات ورؤوس اموال .. رحم الله ضحايا التطرف في كل مكان ولتكن جريمة مسجدي نيوزلندا فرصة لعمل جدي لمحاربة الارهاب .