13 أبريل، 2024 6:29 ص
Search
Close this search box.

جريمة ضرب التلاميذ وانهيار المنظومة التربوية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

لم اندهش وانا اشاهد الفيديو الذي تداولته وسائل اعلام عن قيام مديرة مدرسة بضرب التلاميذ كعقاب جماعي ، الذي ادهشني هو حجم التعاطف مع مديرة المدرسة من قبل تربويين واعلاميين واختصاصيين ، مستندين الى واقعة ” كلّنا انضربنا ” ، في الوقت الذي تجتهد فيه دول العالم المتحضرة بتشريع القوانين الرافضة للعنف بكل اشكاله بما في ذلك العائلي وتخصيص النسبة الاهم من بنود هذه القوانين لحماية الطفولة من العنف المجتمعي ومن بينه العنف الذي يتعرضون له في المدارس. 

أقر ايضا بانني تعرضت للضرب في مرحلتي الابتدائية والمتوسطة ولا ادري مقدار الضرر الذي اصابني نفسياً من ذلك الضرب ، لكن ذاكرتي لم تمسح تلك الصور الكريهة من الضرب الذي تعرضت له لاسباب غير تربوية.وأجزم ان صورا مشابهة عالقة في اذهان المؤيدين لجريمة الضرب والذين لايعرفون ايضا مقدار الضرر النفسي الذي أصابهم ، فالنتائج تبدو في سلوكيات وممارسات نفسية ومضادة تعويضية مختبئة في اللاشعور تظهر في لحظات لايمكن السيطرة عليها ! 

يتفق علماء النفس على الضرر الذي تتركه عقوبة الضرب على التلاميذ وخصوصا في المرحلة الابتدائية ، كالشعور الدائم بالخوف وزعزعة الثقة مع الآخر بما في ذلك الوالدين والكره الخفي تجاه الاقوى ورفع مستويات السلوك العنفي ومجموعة من الاضطرابات النفسية غير المحسوسة لكنها تبدو كسلوكيات يتعذر ربطها مباشرة بجرائم الضرب ! 

” كلّنا انضربنا ” حجة بائسة وفقيرة لتبرير ضرب التلاميذ بل التلذذ بشعورهم بالالم الذي يمارسه الكثير من المعلمين للاسف الشديد ، معتبرين ان الضرب انجع الحلول لمشاكسات الطالب وربما الحل الوحيد الممكن لمعالجة المشكلات التربوية ، وهي ظاهرة يشارك فيها الآباء وأولياء الامور تحت شعار  مريض نفسياً ” اللّحم لكم والعظم لنا ” كضوء اخضر للمعلمين والادارات المدرسية لاستخدام اقصى انواع التعذيب الجسدي ضد التلاميذ ، وهو ضوء اخضر يتباهى به الآباء واولياء الامور دون الانتباه الى الضرر النفسي الكبير  الذي سيعاني منه التلميذ حاضراً ومستقبلاً !

للأسف بعض الحلول لمشاكسات التلاميذ او خرقهم للقوانين المدرسية ، حلولاً مضحكة ، كما في قانون المدارس الابتدائية الذي ينص احد بنوده على نقل التلميذ المشاكس الى مدرسة أخرى، وهذا يعني ترحيل المشكلة الى مدرسة اخرى وليس حلّها بالطرق التربوية الصحيحة . 

نحن نعيش في مجتمع مستويات ووتائر العنف فيه عالية المنسوب كما ان المشهد البصري للعنف من خلال وسائل الاعلام والشارع تترك آثاراً سلبية على الاطفال في سن الدراسة الابتدائية خصوصاً ، وبدل ان تخفف من تأثيرها المدرسة تضيف لها صنفا جديداً من العنف وهو العنف المدرسي الاوسع والاشمل والأكثر تأثيراً ، وما يكشف منه اعلاميا يمثل نزراً يسيراً مما حاصل ويحصل واقعيا خلف اسوار المدارس ! 

لايوجد حل سحري لهذه الجريمة ، ذلك ان المنظومة التربوية برمتها منهارة بقيمها ومعاييرها وسلوكياتها مترابطة من العنف الاسري الذي تصاعدت مناسيبه خلال السنوات الاخيرة وارتباط الاثنين معاً بشارع ومجتمع يحل الكثير من مشاكله عن طريق العنف الذي يمارسه ايضا الطلاب انفسهم كالنزاعات العائلية والعشائرية والمشكلات الاجتماعية الأخرى ! 

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب