12 أبريل، 2024 5:17 م
Search
Close this search box.

“جريمة” الخفاجي والهوية الوطنية

Facebook
Twitter
LinkedIn

قبل ايام تلقيت اتصالا من صديق مغترب ببلاد العم سام، في وقت مبكر من ساعات الفجر بسبب فرق التوقيت، ولان التواصل مع صديقي البعيد القريب ينقطع بين فترة واخرى بسبب انشغاله بحياته الجديدة، فضلت الرد عليه لمعرفة أسرار هذا الاتصال فكانت نبرته تنقل حيرة عن تساؤلات كثيرة تدور في مخيلته فبادرني بسؤال غريب، كان نصه، هل الحشد الشعبي لازال على مبادئه التي تشكل من اجلها؟، توقفت قليلا وسألته عن السبب، فرد بأن التاريخ يذكر قصصا مشابهة لتشكيل الحشد الشعبي اثناء دخول عناصر الحركة “الوهابية” الى كربلاء في القرن الثامن عشر وكيف تشكلت حركات مقاومة شعبية تحولت بعد “هزيمة الوهابية” الى عصابات تعتاش على تسليب المواطنين.
ولإني مؤمن بالحشد الشعبي الذي تشكل على أساس فتوى محاربة تنظيم (داعش) للدفاع عن الارض ودماء “عُبَّاد الله” كانت الإجابة بان الحشد الشعبي يمثل المقاومة الحقيقية التي أنهت “الاٍرهاب” وسطر عناصره اروع البطولات والتضحيات، لكن صديقي وكعادته التي اعرفها ابتعد قليلا عن العاطفة وأبلغني بان تجربة مابعد “هزيمة” الوهابية ستتكرر بعد الانتصار على داعش وتوقف القتال، وستتحول قيادات في الحشد او في رئاسة الهيئة الى “سلطة” تنتقم من معارضيها حتى لو كانت قيادات شاركت معها ساحات المعارك لكنها اليوم تختلف معها في “الولاء والتبعية”، هنا تدخلت في حديث الصديق المغترب ورفضت اي تشبيه بالمعادلة السابقة التي سجلتها احداث القرن الثامن عشر، وأبلغته بان الحشد تحول لمؤسسة عسكرية معترف بها يحكمها قانون ونظام مؤسسات الدولة والحديث عن عقوبات ستفرضها رئاستها على القيادات التي تختلف معها في الرأي لا يمكن ان يتحول لحقيقة.
تذكرت تلك الكلمات بعد اعتقال قوة تابعة للحشد الشعبي بعنوان (امن الحشد) الامين العام للواء ابو الفضل العباس اوس الخفاجي بتهمة “انتحال صفة”، بعد سبعة ايام على تصريحات للخفاحي انتقد فيها بعض الاطراف “الصامتة” عن التدخلات الإيرانية وهاجم جميع من يطالب العراقيين بتقديم “فروض الطاعة” لطهران لانها ساعدتنا في الحرب ضد تنظيم داعش، وابلغنا حينها بان “التدخلات الإيرانية لا تختلف عن التدخلات الاميركية” وتسأل لماذا ترفض هذه وترحب بتلك، هذه التصريحات والتطورات التي اتبعتها على خلفية مقتل الكاتب والأديب علاء مشذوب، واتهام الخفاجي جهات تابعة لإيران بالوقوف وراء مقتله، كانت اسبابا كافية لاعتقاله وليس “انتحال الصفة” كما ادعى بيان هيئة الحشد الشعبي.
نعم ياسادة.. بيان مديرية أمن الحشد الشعبي الذي كان “ركيكا” وبعيدا عن المنطق ولا يحمل اي درجة من المصداقية، لأسباب عدة ابرزها، كيف اصبح اوس الخفاجي “منتحلا لصفة الحشد الشعبي” وهو امر لواء قتالي يعرفه “القاصي والداني”، ولماذا “صمتت” هيئة الحشد الشعبي خلال الفترة الماضية عن اوس الخفاجي اذا كان “مجرما وخارجا على القانون”، وكيف تزامنت عملية الاعتقال مع تصريحاته التي انتقد فيها “تبعية” قيادات وفصائل في الحشد للجارة ايران، وهي لا يمكن وضعها بغير “خانة المواقف الوطنية”، جميع تلك التساؤلات بحاجة لإجابات من رئاسة هيئة الحشد الشعبي ومن امر باعتقال الخفاجي بمذكرة اعتقال صدرت بعد ساعات على توقيفه، فتلك الطريقة بالاعتقال تثير الكثير من علامات الاستفهام حتى لو كان الخفاجي “مذنبا”.
هنا قد يتهمني الكثير “بالانتقاص” من تضحيات الحشد الشعبي ومحاولة “تشويه” صورته، على العكس أبدا، تلك التساؤلات تعكس “حرصا كبيرا” على سمعة هذه المؤسسة التي حاولت الكثير من الجهات تحويلها الى منظمة “ارهابية”، ومن اجل رسم صورة واضحة عن الانتماء الوطني الذي يجب ان تكون عليه جميع العناوين المنضوية في هذه المؤسسة التي لا تخلو “للاسف” من بعض الاطراف التي تسير على طريقة “ان لم تكن معي فأنت عدوي” واحدها مديرية (امن الحشد) التي حذرنا سابقا من تحولها الى “حرس قومي” او مديرية شبيهة بجهاز الامن في النظام السابق الذي كان يلاحق جميع المعارضين لافكاره بتهمة “الخيانة”.
الخلاصة… ان الانتماء للعقيدة والمذهب يجب ان لا يكون على حساب الهوية الوطنية التي لا يمكن تجاوزها مهما كانت الانتماءات الدينية، فمن المعيب “محاربة” من يختلف معك بالرأي والفكر وممارسة “الصمت” على سراق المال العام والسماح لهم بممارسة طقوسهم لانهم يشتركون معنا في العقيدة والولاء، اخيرا.. السؤال الذي لابد منه.. ماذا لو تحولت مخاوف صديقنا المغترب الى حقيقة؟..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب