19 ديسمبر، 2024 12:09 ص

جريمة البصرة ، جريمة العراق ..!

جريمة البصرة ، جريمة العراق ..!

غياب الكهرباء  وضعف الخدمات الأساس جعلت جماهير البصرة تتظاهر في أجواء هي الأكثر سخونة بالعالم ..!  وهذا حق طبيعي ، لكن الحق يتحول الى جريمة حين تتحول التظاهرات نحو ممارسات جنائية بدافع سياسي ، وجرائم حرق وتدمير وتخريب لممتلكات الدولة ، ممتلكات الشعب .
الواقع المرير للبصرة نتاج عشر سنوات من فساد حكومة  نوري المالكي ومسؤوليته عن أضاعت ” 1000″ مليار دولار امريكي ،  دون كهرباء أو تغيير حقيقي لواقع البؤس البصري وعموم مدن العراق .
 
تعاني البصرة من شح كبير في الكهرباء ومثله تعاني من الماء الحلو ” الصالح للإستهلاك البشري ” ومشكلة المجاري والطرق الترابية وانتشار العشوائيات والنظافة والصحة وانتشار الأمراض ، إستيطان الأمراض المزمنة إضافة الى انتشار البلهارزيا والفشل الكلوي وشتى أمراض السرطان بأرقام غير مؤلفة او طبيعية…!
 يضاف لكل ذلك وجود بطالة بنسب ليست قليلة ، وانتشار الأمية وارقام مخيفة للمتسربين من المدارس وإنعدام السمات الحضارية القديمة للبصرة من فنون ومراكز ترفيه وتثقيف وهو مااشتهرت به البصرة وجعلها تنتزع تسميتها بالفيحاء لأنها تفوح عطرا ً وجمالا ورفاهية في العديد من مقاطع تاريخها المنير .
 
حكومات البصرة المتعاقبة من 2003- 2015 لم تقدم مايكفل لأهلها حلولا للبنى التحتية الرئيسة ، وأهمها الكهرباء والماء والمجاري والنظافة والصحة والأبنية الحديثة والسكن اللائق ومدارس العلم والتربية والتثقيف ، رغم مليارات الدولارات التي خصصت لها من الموازنات العامة ، ودخول نحو (280) شركة نفطية للعمل في حقولها التي تنتج نحو ثلاثة ملايين برميل نفط يوما وهي واحدة من أغنى مدن إنتاج النفط بالعالم .
 
 هنا تبرز معادلة شاذة في هذا الكون ، أغنى دولة في العالم تعيش أسوأ وضع معيشي وخدمي ، وبعض قطاعاتها الإنسانية تتدنى تحت مستوى معيشة الحيوانات في الدول المحترمة ،..!
 هذا الواقع يكرس حجم الفساد والسقوط الأخلاقي والسياسي لكل الأحزاب والتسكيلات السياسية التي سيطرة وتحكمت بالبصرة  وكانت مساهمة فيه ، التقيت محافظها الدكتور ماجد النصراوي قبل ثمانية أشهر ، قال أن ما صرف على (824) مشروع في البصرة يبلغ المليارات من الدولارات ، لكنها مشاريع وهمية أي مجرد حبر على ورق .
 الحقيقة الأخرى المائلة ان مجالس الحكم المحلي الذي كانت تشكل الهيئة التشريعية في البصرة أو غيرها من المحافظات ، وبأغلبية أعضائها ، كانت تشكل واجهات سياسية لشركات سيئة الصيت تعمل بموجب النهب والتزوير والإحتيال ، بعضها لأحزاب متنفذة وأخرى لشخصيات سياسية نافذة وصاحبة ميلشيات وسجل حافل بالجرائم . وتلك ظاهرة تطبع غالبية مدن العراق الأخرى حيث تشكو مماتشكو منه البصرة بنسب متفاوتة .
 
المحافظ النصراوي لم يحسن وضع تدابير ناجعة وشجاعة في تقديم رؤى وإجراءات علاجية للأزمات المستفحلة ، ولم يقدم كشفا صريحا للشعب البصري بحقائق ماورث من كارثة مالية وإدارية من الحكومات السابقة ، وأنه استلم في شهر آب 2003 وكانت الميزانية نافذة ، وليست ثمة موارد في عام 2014 بسبب ضياع الميزانية على كافة مدن العراق ، وماتبقي له زمن تقشفي ، لاتسعفه القدرات سوى في وضع تحسينات وإنجاز ماتعطل من مشاريع لاتغير من جوهر الموضوع .
 
هذه حقائق ماحدث في البصرة ، وهي جريمة بحق البصرة كما هي جريمة بحق مدن العراق الأخرى ، وإذ نعطي الحق للمواطن في التظاهر وندين أي إجراءات قمع أو إطلاق رصاص ، فالإدانة تتجه أيضا لمن يرتكب التخريب ، أما الإدانة الأكبر فهي تتجه  لمن تسبب بهذا الواقع المزري للحياة في البصرة . ويجد في الفوضى والحرق والتخريب واشعال الأزمات تغطية على جرائم فساد ثمانية أعوام متتالية .
 
[email protected].