احترق بيت جاري بالنار التي لم ترحم صغيرًا ولا كبيرًا. اشتدّت حتى لم تبقي ولا تذر!
لم تكن النار بسبب ماس كهربائي أو تسرب غاز، النار كان مصدرها الصدور المظلمة التي أشعلت نار الفتنة، فاحرقت القلوب وشوهت الملامح حتى اختفت البسمة وأصبح الكره والحقد آثارًا خلفها الحريق في النفوس، وباء ينخر في جسد العلاقات وعلاجه يحتاج إلى جهد مضاعف ووقت طويل، يبدأ بكلمة تتدحرج مثل كرة الثلج كلما تحركت كبرت وتخرج عن السيطرة لتجتاح الصدور وتفتك بها وتحرق النفوس ويصعب السيطرة عليها.
تشتت الجمع، وحلت حلقة سلسلة الترابط شرارة مغلفة بالنصيحة وبخوف على المصلحة، لذلك كانت بمزيج شيطاني ومقاصد سامة. الغلاف كان كذبة لإقناعك أن السم طعمه لذيذ ليسقيك من كاس الفتنة وأنت راضٍ وبكامل إرادتك!
هكذا يختلط الأمر بين الناصح المحب وبين موقد نار الفتنة، وهنا عليك أن تعي المصلحة والمنفعة والمقاصد من إيصال الخبر لمسامعك، وأن تطلع على معرفة شخصية المتحدث.
إن كثير من العلاقات والبيوت التي هدت بسبب الفتن وإشعال الكراهية والحقد في القلوب حدثت بسبب كلمة يقذفها أحدهم في مسامعك فتصنع الشك والريبة ومن بعدها الضيق والقطيعة، فينتج عنها سلوك عدواني قد يتعدى الأذى النفسي إلى الاعتداء الجسدي وإزهاق الروح، فانتبه لكلمات الفتنة وحصن نفسك من المظلين بالثقة والتبين. قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) }.
وكم من خبر في أمورنا الخاصة وحياتنا الشخصية تلقيناه دون تمحيص ورمينا آخرين بتهم وجزمنا بوقوعهم في الخطأ، ثم تبين من بعد أننا لم نعِ ما سمعنا.
ولأن الفتن نار لا تبقي ولا تذر حذر الله من خطورتها قال اللهِ تَعَالى “وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ”. البقرة 191. وقوله: (“وَالفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ القَتْلِ” سورة البقرة 217.)