قد يستغرب من يقرأ الاسماء المذكورة اعلاه عن الرابط بينها، فجرير شاعر معروف توفي قبل 1290 سنة، والمصور خليل المرشدي صاحب عدسة ذهبية زميل لي في العمل، اما ذكرى علوش فهي مسؤولة بدرجة وزير تراس امانة بغداد المسؤولة عن نظافة العاصمة وجماليتها.
لكنني سوف اوضح لكم بان هناك رابط بين هؤلاء الثلاثة رغم الفارق الزمني والمنصب الحكومي بينهم.
فالشاعر جرير كان يتفاخر بابيه رغم انه شديد البخل، لكن حبه واحترامه لابيه جعله يتفاخر به على 80 شاعرا من فحول الشعراء العرب.
يقول جرير وقد سأله رجل: من أشعر الناس؟
فأخذ بيده وأدخله على ابيه، فإذا هو يرتضع من ثدي عنز، فاستدعاه فنهض واللبن يسيل على لحيتيه.
فقال جرير للذي سأله: أتبصر هذا؟
قال: نعم !
قال: أتعرفه؟
قال: لا !
قال: هذا أبي، وإنما يشرب من ضرع العنز لئلا يحلبها فيسمع جيرانه حس الحلب فيطلبوا منه لبنا، فأشعر الناس من فاخر بهذا ثمانين شاعرا فغلبهم.
اما زميلي المرشدي خليل فهو عاشق لبغداد وجمالها وتراثها وحضارتها ويلتقط دائما صورا رائعة وجميلة تليق ببغداد التاريخ والحضارة والمجد، رغم الاهمام الحكومي الكبير لها ولسان حاله يقول (وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ) اي ان حبه لبغداد جعله يظهر جمال بغداد وآماسيها الجميلة الرائعة وفق ما تخزنه ذاكرته من احترام وفخر بهذه المدينة التي كانت تحمل اسم دار السلام.
فالصورة المنشورة عندما تراها تشعر بالفخر والزهو وتثير شجون من غادر بغداد وتركها ويجعله يحن اليها ويزداد حبا لرؤيتها،،، لكن الواقع المرير الذي لم يظهره المرشدي، هو ان هناك اكواما من الاوساخ والازبال لاتبعد عن هذا المنظر الجميل سوى امتار، فضلا عن انتشار الرائحة الكريهة التي لايستطيع ان يتحملها انسان لاقل من دقيقة واحدة.
اخبرني الزميل المرشدي بانه شعر بالحزن وكادت دموعه ان تسقط لما شاهده من اوساخ ونفايات تحيط بهذا المنظر الجميل، شعر الزميل المرشدي يدل على ان العراقيين يحبون الحياة ويعشقون الجمال.
زميلي خليل ليس بموظف حكومي ولا يستلم فلسا واحدا من الحكومة لكنه يعشق بغداد فيظهرها بهذه الصرة الجميلة.
اما الدكتورة ذكرى علوش امينة بغداد، فلم تكلف نفسها، وتزر هذه المواقع الجميلة وتأمر بتنظيفها لكي تظهر بغداد بمظهرها الحقيقي والذي يليق بها وبتاريخا البهي عندما كانت حاضرة الدنيا.
يقول زميلي خليل اتحدى السيدة امينة بغداد ان تبقى في المكان القريب من هذا المنظر الجميل خمس دقائق لان الرائحة الكريهة لا تطاق وانا متأكد بانها سوف تغادر المكان خلال ثواني.
اعتقد انكم الان تأكدتم بان هناك علاقة بين الاسماء الثلاثة التي ذكرتها في البداية، فجرير تفاخر بابيه وفاز على فحول الشعراء، رغم بخل ابيه الشديد، والمرشدي اظهر بغداد بهذا الجمال والروعة رغم الاوساخ الكثيرة التي لاتبعد سوى امتار عن شاطيء دجلة الخير الذي يزيد بغداد جمالا وبهاءا، اما الدكتورة علوش فانها لم تكن وفية لبغداد رغم انها امينتها والمسؤولة عنها بحكم وظيفتها.
ترى لماذا هذا الاهمام بحق هذه المدينة العريقة، واهلها الكرام بناة الحضارة ورمز التقدم والجمال، اعتقد ان صرخة الزميل المرشدي يجب ان تصل السيد رئيس الوزراء المقبل ليعيد لهذه المدينة العريقة ماضيها التليد لتعود عاصمة الحضارة والثقافة والجمال والفن والشعر وكل شيء جميل.