26 نوفمبر، 2024 6:59 م
Search
Close this search box.

جريدة الجمهورية..تاريخ حافل بخيرة كوادر الصحافة!!

جريدة الجمهورية..تاريخ حافل بخيرة كوادر الصحافة!!

جريدة الجمهورية ..أو دار الجماهير للصحافة.. هكذا كانوا يسمونها في السبعينات..تيمنا بالعهد الجمهوري الذي كانت شمس العراق قد أشرقت في زمنه، ليعيش الشعب معنى الحرية ، ومعنى ان تكون له كلمة وان يكون له موقف ومكانة تليق به بين شعوب الأرض ودول العالم، وكانت دار الجماهير للصحافة تضم بالاضافة الى جريدة الجمهورية مجلة الف باء وصحيفة بغداد اوبزرفر باللغة الانكليزية والعراق باللغة الفرنسية ومطبوعات صحفية اخرى !!
قبل ان نلج بناية دار الجماهير للصحافة عام  1976 او 1977 كما اتذكر كنا نستقل بناية مجاورة هي دار الحرية للطباعة عام 1974 ، وكانت جريدة الجمهورية احدى بنايات هذه الدار التي دخلنا ابوابها ، إذ كانت الجريدة تضم خيرة المبدعين وكبار العاملين في الحقل الصحفي والاعلامي من ادباء وكتاب واعلاميين ومن مختلف المبدعين في مجالات الثقافة والفن والاداب، وكانت فيها من الاسماء اللامعة ما يشكل مفخرة لمن يريد ان يتعرف على كل تلك الشخصيات التي تركت أثرا كبيرا في مسيرة الصحافة والثقافة والادب والفنون، نحتاج ربما الى مجلدات لسرد ذلك الجيل الذي كان كله يمتلك من المواهب والاختصاصات ما يجعلك تشعر بالفخر والاعتزاز ان لديك من الطاقات العملاقة والواعدة في التاريخ القريب مايرفع رأسك الى السماء!!
في 11 / 11 / 1974 كان هو اليوم الاول لدخولي جريدة الجمهورية ضمن بناية دار الحرية للطباعة بعد ان اصدر قسم الاعلام في كلية الاداب بجامعة بغداد أول أمر اداري لالحاق بعض طلبة الاعلام ليعملوا كمتدربين في اقسام جريدة الجمهورية وليتمرنوا في اقسام التحرير والتصحيح والقسم الفني على مراحل اعداد الجريدة ومراحل صياغة الاخبار وكيف يتم تهيئة بقية مواد الجريدة، ومن ثم تحول البعض ومنهم كاتب هذه السطور الى موظف بالمكافأة، وكنا نستلم لفترة سنتين مكافأة مقدارها عشرة دنانير وما ان تحولت الى موظف بالمكافأة في 1 حزيران عام 1976 أصبح راتبي 40 دينارا وكان راتبا كبيرا انذاك، وكنت استلم عشرة دنانير اقسام داخلية كوننا كنا من المحافظات واصبح مجموع راتبي خمسين دينارا كنا لانترك موقعا للراحة والارتياح الا وكان لنا حضور فيه، وكنا نرتدي خيرة البدلات والاربطة الانيقة، لأن خمسين دينارا في ذلك الزمان بالرغم من انني كنت متزوجا ولي طفل واحد انذاك وهو ( ضياء ) الا ان الراتب يعد مجزيا، ويوفر حالة اطمئنان كبيرة في ذلك الزمان، إذ لاتتجاوز أكلة المطاعم انذاك المائة وخمسين فلسا في ابعد تقدير، بل كنا نتناول أكلة الفاصولية ( اليابسة ) بخمسة وسبعين فلسا نهاية السبعينات بباب المعظم وباص المصلحة بخمسين فلسا.
كان الاستاذ سعد قاسم حمودي يتولى رئاسة هيئة تحرير جريدة الجمهورية ومجلس الادارة منذ منتصف السبعينات ، وكان من بين العاملين في قسم الاخبار الاساتذة كما اذكرهم حسن السعدي ومظهر عارف واخرون ، وهم من اشرفوا على تدريباتنا في الجريدة عبر اقسامها المختلفة نهاية السبعينات وكانوا يكلفوننا بالاطلاع على اخبار وكالة الانباء العراقية واخبار المندوبين وبخاصة اخبار الاستاذ هاشم النعيمي الذي يعد في زمانه موسوعة اعلامية اخبارية محمولة في حقيبته، ويشكل مورد الجريدة الرئيس من الاخبار ، ولا أحد في تلك الفترة ينازعه على الحصول على الخبر من مصادره المختلفة الا ما ندر!!
في نهاية السبعينات وعند بداية الثمانينات توزع بعض زملاء قسم الاعلام على اقسام الجريدة وكان قسم الاخبار يضم خيرة الكوادر الصحفية اذكر منهم الزملاء نصير النهر وهو الشخصية الاكثر الماما بصناعة الخبر والتقرير الصحفي وصياغتهما والصحفي المتمكن من نفسه زميل العمر الاستاذ زهير العامري والاستاذ منذر آل جعفر الذي كان صاحب عمود مشهود له  والزميل سلام كاظم المحرر والشاعر المعروف وقد اختفت اخباره عنا منذ عقود والمرحوم ضرغام هاشم والزميل فؤاد العبودي ، وكان الاستاذ مكي الربيعي احد من يرتادون الجريدة في ذلك الزمان وكان يعمل حينها في جريدة القادسية وكتاباته الادبية محل تقدير الكثيرين ، والزميل حسن كامل وغالب زنجيل ، وكان اخر رئيس لقسم الاخبار السياسية الاستاذ حسين فوزي وفي قسم الاخبار المحلية الزملاء عدنان العامري رئيس القسم وعادل العرداوي الذي تولى بعده ادارة قسم المحليات كما اذكر وزملاء اخرون كثيرون منهم الزميل عبد الحسين عبد الرضا وراوية هاشم  ولم تسعفني الذاكرة بسرد بقية الزملاء.
تولى رئاسة جريدة الجمهورية بعد الاستاذ سعد قاسم حمودي الاستاذ صاحب حسين والاستاذ سعد البزاز بعدها تولى مهمة رئاسة التحرير الاديب الكبير الاستاذ سامي مهدي، ومن بعده الاستاذ صلاح المختار اضافة الى شخصية اعلامية كانت في الاذاعة والتلفزيون لفترة محدودة.
وتولى ادارة تحرير الجريدة في منتصف الثمانينات كل من الاستاذ محمد شاكر السبع ومن ثم الاستاذ الكبير داود الفرحان الذي كان يعد من ابرز كتاب النقد الساخر ومن ثم تولى المهمة الدكتور لؤي البلداوي الذي كان قبلها مديرا للادارة ، اما ادارة سكرتارية التحرير فتولاها الزميلان القديران عماد آل جلال واكرم سالم في زمن الاستاذ سامي مهدي رئيس التحرير ، وقد توليا مهمة ادارة التحرير تناوبا في التسعينات.
أما من بين الاساتذة في القسم السياسي المختص بالمقالات فكان الاستاذ المرحوم فرات الجواهري الذي كان علما من اعلام الصحافة يكن له الجميع الحب والتقدير للاخلاق العالية التي كان يتصف بها الرجل، والزميل عبد الرحيم الشريفي وكتاب آخرون لم تسعفني الذاكرة بإسمائهم للاسف الشديد!!
والصفحة الاخيرة كان فيها الزملاء صباح ناهي ومجيد السامرائي واخرون، وكانت من افضل صفحات الجريدة مضمونا واعدادا.
 أما قسم التصحيح او التدقيق اللغوي فعمل به زملاء كثيرون اذكر منهم المرحوم الاستاذ فاضل العاني وبعده الزملاء سهام القيسي الذي ترأس القسم فيما بعد والزميل قاسم ابو ليث والزميل زيد الحديثي واخرون كثيرون وكانوا من خيرة المصححين اللغويين في ذلك الزمان..
كان الاستاذ ماجد السامرائي يشرف على صفحات الثقافة والمرحوم شهاب التميمي على ارشيف الجريدة والتحقيقات كما اظن وصفحة الجمهورية والناس باشراف الاستاذ القدير يحيى الدباغ اضافة الى قسم التحقيقات الذي ضم خيرة كتاب التحقيقات والقسم الفني بإشراف شيخ المصممين المرحوم مالك البكري ومن ثم تولاه من بعده عبد الوهاب الكيلاني ، ويضم القسم الفني ايضا شعبتا التصميم والتنفيذ وهو اكبر اقسام الجريدة عددا ، وكان الزميل باسم الشيخ واحدا من مصممي الجريدة وعمل ايضا كاتبا في الصفحة الاخيرة في الموضوعات ذات الطابع الفني والثقافي العام وهو الان رئيس تحرير جريدة الدستور منذ عام 2005 .
وفي التسعينات تولى الزميل القدير مازن الشمري الصفحة السياسية الاهم في الجريدة انذاك وهي صفحة ( دراسات ) وكنت احد كتاب هذه الصفحة وبقيت اعمل فيها لغاية 2002 – 2003 ، كتبت فيها موضوعات سياسية واعلامية مختلفة وما يزال الزميل مازن الشمري يواصل مهمة الكتابة المبدعة حتى الان.
وللتاريخ ايضا فأن أغلب من تولوا ادارة جريدة الجمهورية في السبعينات كانوا من الشيوعيين، وهم كوادر قديرة عملت لفترة ليست بالقصيرة في كل اقسام الجريدة المهمة وكانوا منبرها الثقافي وحتى السياسي والادبي، وكانت صفحات الجريدة تزخر بكتاباتهم بكل حرية ، وبقيت لهم مكانة محفوظة في ذاكرة رواد الصحافة ممن اضافوا اليها الخبرات والرؤى والافكار المنيرة، حتى انها كانت تتهم ذلك الوقت بأنها جريدة الشيوعيين لفترة ليست بالقصيرة، بالرغم من ان جريدة طريق الشعب كانت لسان حالهم.
هذه سطور من ذكريات صحفية جميلة اردت سردها شهادة مني لهذا التاريخ العريق لهذه الجريدة ( الجمهورية ) التي كانت تعد ( مدرسة الصحافة العراقية ) وكانت أشبه بـ ( أكاديمية ) ضمت خيرة الكتاب والمحررين والمصممين والفنانين والادباء وحتى العاملين في الاقسام الفنية والادارية، ولمن لم أذكر اسماءهم كل اعتذار ومحبة وعرفانا بالجميل لكل من ورد ذكرهم ، او من تناستهم ذاكرتي ، فهم أروع مايختزنه أي مثقف من ذكريات تشكل سفره الحافل بكل هذا العطاء الذي كان سمة الجميع يوم كان الجميع كلهم كبارا، وهذا بعض من قيم الوفاء لذكراهم عرفانا بالجميل.

أحدث المقالات