ما تشهده الساحة العراقية، من تناقضات، وإحترابات، وثورات للجياع، سببها الأول الحكام الطغاة، والملوك الجبابرة، الذين سفكوا دماء الأبرياء من شعبنا، لا لشيء سوى إصابتهم، بجنون العظمة، وحب السلطة، ولا زالت القوى السياسية، تأبى نسيان خلافاتها، لتوحد كلمتها ضد داعش، بل أن بعضاً من الساسة يمول الإرهاب، ويدعمه بالمال والسلاح!
النصر أو الشهادة، هذا ما أتفقت عليه قلوب المجاهدين، الذين لبوا نداء المرجعية الرشيدة، حين أصدرت فتوى الجهاد الكفائي، للدفاع المقدس عن العراق، أرضاً وشعباً، وقد شاءت الصدفة، أن ألتقي أحد الراقدين الجرحى، من غيارى الحشد الشعبي، في مستشفى الكاظمية التعليمي، وكانت كلماته أكسير الحياة، لمن سمعه، وشاهد الآمه، وأهاته!
الجندي الجريح، والمقاتل الصنديد، نتاج ثمين للعقيدة الولائية، التي أزهرت بفعل فتوى الجهاد، نظراً لما ذكره عن الدواعش بأنواعهم، قائلاً: لقد أبصرتُ كلباً، من كلاب الفتنة الأدعياء، الذين يهرجون فوق منابرهم المتهالكة، ويتنجون التكفيريين، والمجرمين المجانين، أصحاب اللحى العفنة، والعقول القذرة، وهم يتهافتون على الجنة، ليتزوجوا من الحور العين!
الجريح أضاف في وصفه للدواعش، مفصحاً عن نوع أخر، شاهده في ساحات المعركة، وهم قردة خاسئون، يفرون الى مدينة الرقة معقل الإرهاب، بعدما لاحقهم رجالنا، من سلاح الطيران الحربي، والقوات الأمنية، وفصائل المقاومة الإسلامية، بوابل من الهجمات المتسارعة، بغية القضاء عليهم، ثم يتم إعدامهم على يد قادتهم، بسبب هروبهم المخزي!
جاء الطبيب ليفحص المصاب، وطمأن ذويه على صحته، وأخبرهم بأن إصابته ليست بليغة، وتم إخراج الرصاصة من كتفه، وسيخرج في القريب العاجل، فبانت مشاهد الفرح والبكاء، على ملامح الأهل والأصدقاء، مستبشرين ببيعهم، الذي بايعوه لربهم ونبيه وأله، فتناول البطل دواءه، وغط في نوم عميقـ ملؤه الأمل بالعودة الى ساحات الشرف!
أستيقظ الجندي، وسط ألم مفاجئ أحاط بصدره، وحزن ملأ قلبه، ودمع إجتاح عينيه، فبادرته أمه قائلة: ها إبني أشبيك؟ أجابها على الفور: لقد تذكرت نوعاً أخراً من الأوباش، إنها الخنازير السياسية في عراقنا، التي عاثت في الارض فساداً، وباعت المدن للصعاليك الوهابيين، فأثاروا الأرض ومَن عليها، فأستحقوا العذاب الأليم!
ذاكرة قوية مكتنزة بالإيمان، لا تتألم، ولا تتكاسل، تنهض بعد أسبوعين من الجرح الصامت، والشفاء وسط فرحة الوالدين، ليعود بين رفاقه المجاهدين، ويكمل مسيرته المعطاء، لنيل شرف الشهادة، لكنه ترك أثراً كبيراً عند مَن سمعه، وشاهد شموخ وجهه المتلألئ، مسجلاً حقيقة واحدة، في قلب كل عراقي غيور: وطني يستحق المزيد!
رجال الحشد الشعبي، يتميزون بالقدرة على إختيار حياة أخرى، غير هذه الحياة الدنيوية، ويدركون أن طريق الإمام الحسين (عليه السلام)، هو المسألة الكبرى وشعارها، (هيهات منا الذلة)، ولا تهمنا الأصوات، نباح الكلاب، وضحك القردة، وقباع الخنازير، فلقد إنتصر الدم على السيف، وصرخ حشدنا البطل: لبيك يا حسين، لبيك يا عراق!