23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

جرة قلم بريمر الأمريكي التي أطاحت بالإدعاء العام العراقي

جرة قلم بريمر الأمريكي التي أطاحت بالإدعاء العام العراقي

عندما جاء بريمر إلى العراق كحاكم له في ظل الإحتلال الأمريكي فإنه كان يعيب على رئيس النظام السابق بأنه كان يصدر القوانين بجرة قلم. و في غفلة من الزمن و بجرة قلم أصدر بريمر أمر سلطة الإئتلاف المؤقتة رقم 35-18/أيلول/2003 (إعادة تشكيل مجلس القضاء). حيث بهذا الأمر قام بفصل الإدعاء العام و مجلس القضاء من وزارة العدل و دمج الإدعاء العام ضمن مجلس القضاء بعد أن كانا كيانين مستقلين و جعل رئيس الإدعاء العام تحت أمرة رئيس مجلس القضاء الذي هو رئيس محكمة التمييز. و عند كتابة دستور جمهورية العراق لسنة 2005 تم تسمية مجلس القضاء بمجلس القضاء الأعلى و تم تضمين تبعية الإدعاء العام لمجلس القضاء الأعلى في مادتيه 89 و 91. و من ثم تم إصدار قانون مجلس القضاء الأعلى رقم 112 لسنة 2012 بنفس الأسس لتكتمل الصورة.
في الولايات المتحدة الأمريكية، دولة بريمر، فإن الذي يرأس وزارة العدل الأمريكية هو المدعي العام للولايات المتحدة الأمريكية و هو المسئول التنفيذي للحكومة لتطبيق القانون و إقامة العدل في الولايات المتحدة الأمريكية. و يقوم رئيس الولايات المتحدة بترشيح المدعي العام للمنصب و يوافق عليه مجلس الشيوخ، إضافة ً لذلك فإن لكل ولاية أمريكية مدعي عام خاص بها عادة ما يتم انتخابه لمدة 3 سنوات، أي أن المدعي العام للولايات المتحدة الأمريكية، و المدعين العامين للولايات الأمريكية، لهم كيان مستقل لا يتبعون لمجلس القضاء الأمريكي. و هم عين الشعب الأمريكي لمراقبة نزاهة القضاء، فهم يمثلون الشعب و الشعب هو سيد القضاء و ليس تابعا ً له.
أما في العراق فإن المدعي العام للعراق هو رئيس الإدعاء العام، و هو عضو في مجلس القضاء الأعلى تحت أمرة رئيس مجلس القضاء الذي هو رئيس محكمة التمييز، أي أن المدعي العام العراقي ليس له كيان مستقل مثل المدعي العام الأمريكي و ذلك بناء ً على جرة قلم بريمر الأمريكي. و يقوم مجلس القضاء الأعلى بترشيح رئيس الإدعاء العام و يوافق عليه مجلس النواب. و بهذا يكون الإدعاء العام العراقي مقيدا ً لا يستطيع أداء دوره لتطبيق القانون و إقامة العدل كما هو حال الإدعاء العام الأمريكي.
إن جرة قلم بريمر بدمج الإدعاء العام ضمن مجلس القضاء الأعلى كان مقصودا ً لجعل الإدعاء العام مقيدا ً لا يستطيع أداء دوره في تطبيق القانون و إقامة العدل، و لكي يكون القضاء بدون رقيب ليستطيع المتنفذون تمرير خروقاتهم القانونية و بالتالي يحل الخراب بالعراق.