23 ديسمبر، 2024 8:42 ص

جراد “ميزوبوتاميا “أنصاف بشر وأرباع قادة !

جراد “ميزوبوتاميا “أنصاف بشر وأرباع قادة !

ما أبشع الفوضى العراقية غير الخلاقة التي أشاعتها راعية الحروب في العالم – أميركا – وربيبتها اسرائيل هاهنا في ميزوبوتاميا – بلاد الرافدين – بذريعة تدمير أسلحة دمار شامل أقرَّ التاجر الأشقر ترامب في إحدى تغريداته الأخيرة بأنها أكبر كذبة من دون أن يرفع سياسي أو قانوني عراقي واحد أية دعوى قضائية ضد إدارة بوش اللعين من جرائها لأن الدم العراقي وعلى ما يبدو أرخص من التراب ما يفسر لنا أسباب تعاقب الساسة ممن حولوا عامر هذا البلد الى خراب كامل على حكمه وعلى مدار عقود ، ومنذ ذلك الحين والعراق يهوي بسرعة الضوء في الهوة السحيقة وعلى جميع الصعد بقيادة ثلة من الجراد الفاسد والمفسد في الأرض بما ليس له مثيل في العالم بأسره بإستثناء النزر اليسيرمنهم ، ولو قُدِر لك أن تبحر بقاربك المطاطي المليء بالثقوب نتيجة الحروب المتعاقبة هاهنا وسط بحر السياسة متلاطم الأمواج ، متزاحم الأفواج ، حيث العركجية الى جانب الحُجاج على مائدة واحدة ، فسترى العجب العجاب ، هنا أنت لست بحاجة الى شهادة أولية ولا عليا في العلوم السياسية أو القانون والعلاقات الدولية لتكون سياسيا تشغل أرفع المناصب ، يكفيك أن تدفع بالدولار لتحجز لك مقعدا لن ينافسك عليه أحد الا إذا دفع أكثر منك لشرائه ، ولست بحاجة الى أن تتدرج نضاليا في أي حزب ، يساريا كان أو يمينيا لتصل الى غايتك ، حسبك أن تدغدغ مشاعر جمهورالناخبين القومية والطائفية لتتفوق على نظرائك في العملية – البغبغائية – وكلما إرتفع صخبك وزاد تعصبك – الظاهري – أكثر تقلصت المسافات بينك وبين ما تصبو اليه ، ولا أن تكون ضليعا بفنون القيادة ولا خبيرا بمهاراتها لتتسنم حقيبة وزارية ، يكفيك أن تكون مرشحا عن حزبك على وفق نظام – المجاعصة والمفاعصة والمناقصة – لتحقق مرادك ، ولا أن تحفظ نصائح القائد الصيني الشهير ، سن تزو ، التي أوردها في كتابه ذائع الصيت ( فن الحرب ) الذي يعد مرجعا لساسة العالم المخضرمين وقادة أعظم الشركات التجارية في أصقاع المعمورة عن ظهر قلب لأن كل ما ورد في هذا الكتاب لا يتناسب والسياسي العراقي وأولها نصيحته الشهيرة في الحُلُم ” حَكِّم غضبك فالقائد غير القادر على التحكم في غضبه يرتكب الكثير من الحماقات ” اذ إن الغضب سجية للسياسي المحلي الى الحد الذي يدفعه لرمي قناني المياه المعدنية وهو منتفخ الأوداج كديك رومي من دون حرج على خصومه في العملية السياسية خلال الاجتماعات وأمام الكاميرات علاوة على تبادل الشتائم المقذعة وسوق التهم المفزعة في البرامج والفضائيات ،ناهيك عن الإكثار من العهود الزائفة والوعود الكاذبة و” الكلاوات ” ، هنا بإمكانك أن تخطب خطبة عصماء في حرمة الربا ومخاطره الجمة بعيد نصف ساعة فقط من توقيعك على قرض ربوي أبرم مع دولة أجنبية ليست البلاد بحاجة فعلية اليه لأن نسبة من فوائد هذا القرض ومنافعه ستتحول الى أرصدتك التي تتضخم يوما بعد آخر بصورة تتناسب طرديا مع تصريحاتك شبه اليومية عن النزاهة ووجوب محاربة الفساد ومطالبتك بتطبيق شعار” من اين لك هذا ؟” ، هنا بإمكانك أن ترتدي جبة وعمامة وأنت تحمي حانة للمشروبات الكحولية وصالة للروليت والقمار وتتقاضى نسبة من أرباحها ، أن ترفع راية الحزب الشيوعي الحمراء وانت تعيش حياة الرأسمالية السوداء بأجلى صورها ، هنا بإمكانك أن تحوز شهادة دكتوراه وأنت لم تحصل على الابتدائية قط لتحتقر كل – البكالوريوسيين والدبلوميين والماجستيريين – الحقيقيين وتطالب بمنع ترشحهم لأنهم دون المستوى المطلوب أكاديميا وفي حال افتضاح أمرك فلن تقلق ابدا بل ستطل علينا بوجهك الكالح لتقول علنا في معرض دفاعك عن نفسك (( قابل بس آني مزور الشهادة ..نصف السياسيين والقادة السابقين واللاحقين بلا شهادة ما إضطرهم للتزوير بكامل الوعي والارادة !)) ، هنا يمكنك حيازة شهادة سجين سياسي مزورة بعد التلاعب في سجل محكوميتك قبل 2003 لتنال جميع حقوق المعارضين السياسيين ولو كنت من أزلام النظام السابق وأنت تنظر بإزدراء الى كل الذين لم يسجنوا – جنائيا – رافضين سرقة المال العام بصفتهم لم يناضلوا كنضالك الوهمي ولم يحوسموا ولم ينظروا كنظرتك القاصرة الى أموال الدولة المباحة عندك كونها من أموال السلطان التي يجوز سرقتها ، تلكم الفكرة التي ما تزال تعشعش في الكثير من الرؤوس حتى بعد أن شغلت مواقع رفيعة في الدولة العصرية ولكن بعقلية المعارضة التأريخية !
هنا يمكنك أن تؤمن ببعض فقرات الدستورالتي تخدم أغراضك الدنيئة وتمجدها ليل نهار رافضا المساس به وبها إطلاقا ، لتكفر ببعضها الآخر التي تدينك مطالبا بتعديلها / له لأنها عبارة عن ألغام موقوتة صاغها البول الاميركي الحاكم بريمر ، هنا بإمكانك الاستعانة بتقارير منظمة العفو الدولي وهيومن رايتس ووتش كونهما لاتخطئان أبدا عندما يتعلق الأمر بمخصصاتك وبتعويضات المفصولين السياسيين السابقين وقانون “رفحا ” المليارية ، فيما تتهم المنظمتين الدوليتين الآنفتين بالصهيونية والماسونية والخداع والتزوير عندما تتعلق تقاريرهما بمطالب المتظاهرين السلميين وبحقوق المفقودين والمغيبين والمعتقلين والمختفين قسرا !
هنا ولكي تصبح سياسيا – نص ردن – لاداعي لقراءة كتاب رأس المال لكارل ماركس ، ولا نهاية التأريخ لفوكوياما ، ولا صدام الحضارات لصامويل هنتغتون ، ولا ” الأحكام السلطانية ” للماوردي ، ولا ” سراج الملوك ” للطرطوشي ، ولا ” التبر المسبوك في نصيحة الملوك ” للغزالي ، ولا ” مزرعة الحيوانات ” أو رواية ” 1984 ” لجورج اورويل ، ولا كتاب الأمير لميكافيلي ، ولا كتاب ” أحجار على رقعة الشطرنج ” لتوماس جاي ، ولا ” أشياء لن تسمع بها أبدا ” لنعوم تشومسكي ، ولا ” لعبة الأمم ” لمايلز كوبلاند ، و لا ” حقوق الانسان ” لتوماس بن ، ولا ” ثروة الامم ” لآدم سميث ، ولا ” الملفات السرية للحكام العرب ” لساندرا مكي ، ولا ” القواعد الـ 48 للسلطة ” لروبرت غرين ، ولا ” خريف البطريك ” لماركيز ، ولا ” طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ” للكواكبي ، فضلا عن كتب اليوميات والمذكرات لأبرز ساسة العالم ، اضافة الى القواميس السياسية والمراجع المتخصصة في فلسفة التأريخ وعلم الاجتماع والاعلام والقانون والفكر وصناعته ، ربما لأنك لاتجيد القراءة والكتابة أساسا..هنا يكفيك لتكون سياسيا أن تطالع كتاب ” الكبريت الأحمر لنفخ اطارات العملية السياسية وإصلاح البنجر” ، وكتاب ” القول المأثور بفنون الضحك على الجمهور ” و” الشرح الوافي لتحويل أغنى شعب في العالم الى حافي “، و” المنهج الدم قراطي لإسكات المعارضين بالرصاص الحي والمطاطي “، و” الوافي بأساليب قطع النت والكهرباء والماء الصافي ” ، ” الخلاصة في تكنيكات رمي المتظاهرين برصاص القناصة ” النيفيا والفازلين لزحلقة وتهريب المسلحين المجهولين ” ، ” البحرالعميق لإغلاق ملفات التحقيق ” ، ” الفكر الرشيد في فضائل الحكم بالنار والحديد ” ، ” التبصير بوسائل إجلاس الشعب على الحصير ” ، لقد عاش العراق تجارب سياسية خرقاء لا تعلم يقينا أديمقراطية هي أم دكتاتورية ؟ تيوقراطية أم علمانية ؟ إشتراكية أم رأسمالية ؟ حتى بات المحللون والمراقبون قبل غيرهم يشككون بكل قرار يخرج من منظومة العوائل والأحزاب الحاكمة لتصويبها لأن كل من تُسند عملية الاصلاح اليه لتحقيق العدالة الاجتماعية على يديه هو من المتورطين بالخراب والإستخراب ، أو من الدائرين في فلكهم ، ولاحل الا بتعديل الدستور والتحول الى النظام الرئاسي بدلا من البرلماني وتغييركل الوجوه السابقة لأن الشعب لم يعد يطيقها البتة ،حصر السلاح بيد الدولة ، الغاء الأحزاب وأذرعها المسلحة والإبقاء على 10- 15حزبا غير مسلح ليتسنى للشعب توجيه أصابع الاتهام اليهم في حال إفسادهم مباشرة ولكي لا تضيع مفاسدهم بين القبائل كما حدث طيلة الفترة السابقة ، مع اقرار وتعديل قانون الأحزاب ، وقانون “من اين لك هذا ” ، منع العشائر من التدخل في العملية السياسية والتأثير عليها نهائيا وسحب جميع أسلحتها والاقتصار على الخفيفة والمرخصة منها حصرا ، إعادة الأموال والآثار المهربة الى العراق ، منع انشاء القواعد العسكرية الأجنبية الوقتية منها والدائمية ومنع انتشار أية قوات أجنبية في البلاد تحت أي مسمى وذريعة كانت ، تقليص العمالة الاجنبية وعددها حاليا 750 الف ، اكثر من 250 الفا منهم يعملون في الشركات النفطية واستبدالهم بالعمالة المحلية ، إعادة تأهيل المصانع الوطنية المعطلة والمتوقفة وعددها – 25 الف – مصنع لتشغيل العاطلين ، إطلاق مشاريع بناء المجمعات السكنية واطئة الكلفة للقضاء على أزمة السكن ، إستصلاح البساتين والأراضي الزراعية وإحياء المشاريع الإروائية ، إعادة إعمار المناطق المدمرة وإعادة النازحين والمهجرين الى مناطق سكناهم الاصلية ،إعادة العمل بنظام التجنيد الإلزامي ، فتح الباب للاستثمارات الخارجية بضوابط وشروط معقدة ، إحياء القطاعين الخاص والمختلط ، ضبط الحدود – ضبطا حقيقيا – وتقنين دخول البضائع المستوردة الى البلاد ، السماح للطاقات والكفاءات والخبرات بالعودة والعمل على إحتضانها ،إطلاق سراح كل من لم تثبت إدانته وحسم ملفات الموقوفين على ذمة التحقيق منذ سنين ، هذا كله بالتزامن مع ملاحقة عصابات الجريمة المنظمة وتجارة الاعضاء والبشر والمخدرات وعصابات تهريب السلاح والآثار والتسول وضربها بيد من فولاذ ، لقد بلغ السيل الزبى ولم يعد بإمكان العراقيين على اختلاف مكوناتهم ممن ابتلوا بالحروب والحصار والبؤس والفاقة الصبر أكثر من ذلك ولابد من وضع الحلول الواقعية الناجعة والمباشرة بتطبيقها ميدانيا وعلى الفور قبل ان تنزلق البلاد الى ما لايريده أحد قط بإستثناء أعدائها . اودعناكم اغاتي