23 ديسمبر، 2024 10:29 ص

جذور السّنديانة الحمراء

جذور السّنديانة الحمراء

ما كُنتُ أدري أنَّ ورداً فُتِنتُ بهِ كانَ يغمرُ جذرَهُ الورقيّ بالماءِ الاُجاج!..
فشلَ شعار اليسار الأعسر Zurdera حولَ العالَم، ونجح المسار العملي في العالَم القديم اُورُبا العجوز، بخطوات ثابتة واثقة صوب المصير المنشود، ومظانه كتاب «نشوء النُّخبة الأُوروبيّة (1400 – 1920)»، للباحث اللّبناني «وليد نويهض»، صدرَ عن دار «ثقافة للنشر والتوزيع»، في الإمارات العربية المُتحدة، في تشرين الأوَّل 2018م، والّذي يطرح في مُقدِّمته سؤالاً مُحوريّاً: كيف حققت أُوروبا نهضتها؟ والإجابة تحتاج عودة تاريخيّة إلى البَدء في القرن 15م، نمو وصعود مُضطرد بتغيير التجارة القديمة (طريق الحرير)، وبمنظومة معرفيّة تخطَّت فلسفات القضاء والقدر
(الأشبه بعودة الإبل لنقل ضيوف الرَّحمن مِن مَكّة إلى المدينة وهزيمة مُنتخب غير مُحترف لُعبة كُرة القدم في الإمارات العربيّة 4/0 أمام مُنتخب قطر الكُرويّ الاُممي، أمس الأوَّل)
والنهج القديم والترجمة عن العرب واليونان. ثورة كرومويل (الحرب الأهليّة البريطانيّة 1642- 1648م) أوَّل الثورات الجُّمهوريّة. فرنسا، أذعنت لتوقيع مُعاهدة فيينا عام 1815م، في فضاءات العدالة والحرية والمساواة. النصف الثاني للقرن 15م ومطلع القرن 16م. مولد ليوناردو دافنشي عام 1452، ونقولا ماكيافلي عام 1469، ونقولا كوبرنيكس عام 1473، ولويس فيغيس عام 1492م. 45 عام الطّاعون والحروب الدِّينيّة الأهلية. في مدينة بيزا الإيطاليّة مولد غاليليو غاليلي عام 1564. في بريطانيا، فرنسيس بيكون عام 1561، وتوماس هوبز عام 1588، وفي مُقاطعة تورين (فرنسا) رينيه ديكارت عام 1591. القرن 17م وتداعيات محاكم التفتيش الكنسيّة وصكوك الغُفران، وتراجع موجة الحروب الدينية، وانحسار نسبي لوظيفة الكنيسة، وتحطيم معقول لهيبة الإكليروس، مقابل نمو قوَّة الدّولة المركزيّة. فالدّولة في مَهماتها المضافة ستكون في القرون المُقبلة مدار التجاذب والتفاوض والتناحر والتنافس. لقد أصبحت الدّولة كنيسة أُوروبا الجَّديدة (ص 33).
كتاب “جذور السّنديانة الحمراء” (قصَّة تأسيس الحزب الشُّيوعيّ اللّبناني 1931-1924م وفترات تاريخيّة مُتعددة مُتباعدة، تعود إلى زمان السّيطرة العُثمانيّة، مُروراً بفترة الانتداب الفرنسيّ والمُقاومات الشَّعبية ضدّه، موصول لُماماً إلى زمن الاستقلال. في الطَّبعة الثالثة مِن الكتاب، إضاءات وتدقيقات ومُقدِّمة جديدة ضافية تتضمن رؤية نقديّة إلى هذا التاريخ انطلاقاً من أحداث زمان الانهيارات الكُبرى)، تأليف «محمد دكروب» (1929- 2013م) الّذي ارتبط مع حسين مروَّة وكريم مروّة. في البَدء كان يكتب الاُقصوصات عن الأحوال الاجتماعيّة في مدينة صور وغيرها، وعن الأعيان الأدبيّة الثقافيّة، بنهجٍ قَصصي، في الصّراع الطَّبقيّ يُفضي إلى العقيدة الشُّيوعيّة والبُعد النهضوي في كتابات أُدباء وكُتّاب. عن أمين الرّيحاني وجُبران خليل جُبران وطه حسين وغيرهم البعيدين عن الحركة الشُّيوعيّة، مُبرزاً دعوتهم إلى العدالة والحُرّيّة في مُفارقة مع الدّكتاتور الرَّفيق السُّوفييتي غير الرَّفيق إنساناً؛ ستالين. ولم تفت دكروب الإشارة إلى مواقف اتخذها بعض الكُتّاب الشُّيوعيين وكانت أكثر صواباً مِن مواقف قياداتهم الحزبيّة (موقف رئيف خوري مِن قرار تقسيم فلسطين مثلاً، الموقف الرَّسمي السّوفييتي ينطلق مِن الجّدانوفيّة Zhdanov الثقافيّة (تبع دعاية يُوسُف ستالين Andrei Zhdanov) والكارثة المكارثيّة McCarthy الأميركيّة (يُوسُف مكارثي Joseph McCarthy). رحيل محمد دكروب صادف في عام الرَّقم الشُّؤم 2013، في 24 تشرين الأوَّل 2013، يوم الذكرى 90 للإعلان عن تأسيس حزب الشَّعب، الوجه المُعلَن للحزب الشُّيوعيّ اللّبناني، استراح محمد دكروب تحت ظِلال السّنديانة الحمراء.
د. «حسين مروَّه» (1910شباط 1987م)، مُفكّر وعضو اللّجنة المركزيّة للحزب الشُّيوعيّ اللّبنانيّ، تخرَّجَ في حوزة النَّجف ودرَّسَ وتجنَّسَ في العراق، شارك في تأسيس اتحاد الكُتّاب اللّبنانيين عام 1948م، صاحب كتاب النزعات الماديّة في الفلسفة العربيّة الإسلاميّة، صدرَ عام 1978م، رئيس تحرير مَجَلَّة الطَّريق الثقافيّة بين عامي 1966- 1987م، عضو مجلس تحرير مَجَلَّة النهج الصّادرة عن مركز الأبحاث والدّراسات الاشتراكيّة في الوطن العربي. اُغتيل في منزله. عام 1980م مُنِح جائزة لوتُس العالَميّة للأدب مِن اتحاد كُتّاب آسيا وإفريقيا. وبفضل حسين مروَّة كُلِّف محمد دكروب، برئاسة تحرير مَجَلَّة “الثقافة الوطنيّة” ومِن ثمَّ المسؤوليّة في إصدار مَجَلَّة “الطَّريق”. المَجَلتان لنشر مُنجَز الكُتاب والشُّعراء العرب مِثل سعيد عقل ومُصطفى فروخ ويُوسُف إدريس ومحمود درويش والبياتي والسّيّاب ومحمد الفيتوري وكاتب ياسين وغيرهم. توقف صدور “الطَّريق” عام 2009م لأسباب ماليّة، قال محمد دكروب “ان البلدان العربيّة لا تُريد مَجَلّات ثقافيّة”. بعد عَقد مِن زمَن صدور الطَّبعة الثانية مِن كتاب “جذور السّنديانة الحمراء”، كتبَ حسين مروّة مقالاً عن طبعة الكتاب الاُولى عام 1974م، بمُناسبة مرور نصف قَرن على تأسيس الحزب الشُّيوعيّ اللّبناني. كانت سياسة الامبراطوريّة البريطانيّة المعروفة فرّق تسُد”، ردَّ عليها لينين في “الاتحاد السُّوفييتي” بتأسيس الأحزاب الشُّيوعيّة خارج الاتحاد السُّوفييتيّ، لتوكيد النَّواة البُؤرة الأصل بلاده، برَّرَ ذلك بقولته: “عندما ينشغل الخصم، في إطفاء النّار في داره، لا يُشعلها في دارة جاره”. بندر بن سُلطان آل سَعود: “صدّام مُجرم وسفاح لكننا دعمناه ضدّ إيران”. قبلَ 70 عاماً صيف عام 1949م، رئيس حكومة العراق الملكيّة «نوري السَّعيد»، سَحبَ الجّنسيّة العراقيّة الَّتي اكتسبها حسين مروّة، قال «كريم مروّة»: “بعد عودتي من العرق.. لفت نظري ماكان ينشره رئيف خوري في الصفحة الثقافية في جريدة (التلغراف) مع عدد من الكتاب كانوا يحملون اسم (إخوان عمر فاخوري)، وقد شكلت كتابات رئيف هذه، مع ما كان يصدر من كتابات في مجلة (الطريق) تتناول مواضيع ثقافية قديمة وراهنة مصدراً مهمًّا من مصادر ثقافتي. وبدأت أراسله مع محمد دكروب من مدينة صور، وحين التقيت به أول مرة، في مكاتب مجلة (المكشوف) في عام 1950 بحضور مارون عبود وفؤاد حبيش وخليل تقي الدين وآخرين، تكونت على الفور صداقة حميمة بيننا..” مِن كتاب “كريم مروّة يتذكّر- فيما يُشبه السّيرة” حوار أجراه «صقر أبو فخر»، نشرته دار المدى عام 2002م، بطبعتين، ص51.
https://www.youtube.com/watch?v=l1mdAr7Xmeg
https://www.youtube.com/watch?v=cTjwCRR9tgc