أنهم يكذبون في كل شئ, ليس على العراقيين فحسب, بل حتى على أنفسهم, وينطلقون من مقولة ( أكذب حتى يصدقك الاخرون ), ثم أكذب أكثر حتى تصدق نفسك, وأعتبروها وسيلة تحقيقية للوصول للهدف بأقل الخسائر, والاحتفاظ بالحقيقة في الدرك الاسفل من النار..وما بين الكذب والحقيقة, ضاع الانسان في غيابة الجب, والسبب أننا صدقنا ما يقولون.
وشر البلية ما يضحك, لاننا بالعراق تحديدا, نعيش في كل لحظة كذبة.. نكذب في البيت على الزوجة, ويكذب الاطفال على الوالدين, ومدير الدائرة يكذب على الوزير, والوزير يكذب على رئيس الحكومة, ورئيس الحكومة يكذب على الشعب , والشعب نفسه يكذب على نفسه ..أنها حلقة واسعة من الكذب وفلسفة ما بعدها أخرى,وحتى أعلاناتنا أصبحت كذبة, وتصريحات سياسينا وهم أكثر فئة تكذب, وأصبح فرض عين على كل مسؤول ,والبعض منهم خرج مؤخرا بفتوى أجاز فيها الكذب, بحجة أن هناك كذبة حلال, تكون سببا في أسعاد كثير من الناس, وأن هناك أيضا كذبة حرام , حرمها الله ورسوله ..ألم أقل لكم أنهم دجالون!!.. وعلى سبيل المثال, قبل ثلاثة أيام, أغلقت الحكومة منفذ طريبيل بدعوى وجود عصابة القاعدة في أحدى وديان محافظة الانبار, فهذه كذبة, لان الانباريين يعلمون علم اليقين, أن السبب المباشر للغلق,عقاب جماعي حكومي في الرزق, بسبب حالة العصيان الشعبي من الممارسات السلبية للسلطة, ولا وجود للقاعدة أو لعصابة البعث, والدليل أن الحكومة أعادت فتح الحدود, بعد سخط المرجعية في النجف الاشرف,وثبات المتظاهرين للمطالبة بحقوقهم المشروعة.. وخرجوا بتصريحات يكذبون فيها على الشعب, فاصبحت ظاهرة لا حالة لدى المسؤولين, حكومة وبرلمان.
فالسياسي الذي يمتهن فن الكذب, هو من يمتلك الجاذبية والقدرة على اقناع الشعب, لسبب بسيط, هو انه يقدم الوهم على طبق رخيص لكل نفس ذائقة الإحباط والمعاناة، فهو المخدر لتضميد الجراح وان كان بشكل مؤقت..انه منطق يشتغل وفق قاعدة التقسيط في الصدق والكذب بالجملة لدرجة التخمة. ولكن رغم ذلك تنكشف أوراقه أمام الملأ بفعل التمادي في كذبه بدون كوابح رادعة .. (أبراهام لينكولن) يقول ” تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت ,أو بعض الناس كل الوقت, (ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت ).. و ( سفولكس )يقول أيضا ,الكذبة لا تعيش حتى تصبح عجوزا..
فمنذ حلول الديمقراطية في 2003, ونحن نشهد على تداول الكذب ,وبأنواع خاصة ونكهات خاصة،إنه التعاقب على الكذب في سباقات محمومة نحو من يعتلي المنصة ليكذب أكثر،لدرجة الغضاضة والفضاضة ,دون حياء وضمير, فهناك من كان له الطريق معبدا لممارسة هواية الكذب مع سبق الإصرار والترصد دون أن يلقى الحساب والعقاب ,وهناك من ينقطع كذبه لمدة ثم سرعان ما يمارس حالة العودة, وهناك فئة أخرى من تتعرض بضاعته للكساد فلا يجد لها موضعا في ظل شدة التنافس على الكذب, كذب السياسيون حتى ولو صدقوا!! .
وما خفي كان أعظم