23 ديسمبر، 2024 5:52 ص

جدي حنش .. والفبركة الاعلامية

جدي حنش .. والفبركة الاعلامية

ساهم الإنترنت بشكل فعال في ترويج الشائعات.. أربعة أحداث حصلت في بغداد الاسبوع الماضي لايصح الا ان نطلق عليها أنها من اكاذيب (جدي حنش )وحنش هذا رجل طريف من البصرة يظهر في مقاطع على اليو تيوب يصور فيها احداث لبطولات خارقة لجدة ويضيف عليها مسحة من الخيال والحركات ذات الطابع الكوميدي .
فمقتل فنانة وطبيبة وخطف وسرقات سوقت بطريقة سينمائية عبر وسائل الاعلام لايستنتج منها الا ان هناك امكانية سينمائية تضاهي عالم هوليود لدى العراقيين يضاهون فيها الامكانيات الغربية في هذا المجال . لذا من الواجب طرح التساؤل عن الاسباب التي تمنع انتاج مثل هكذا افلام في العراق وان كانت بهذا المستوى فأنها بالتأكيد ستكون ذات مكانة في السينمائية العالمية .
أي سخف وأي هراء هذا ..هل بتنا نعيش فى عصر نتوسل فيه الأكاذيب وتعيشها وهل صارت ألحقيقة مصطلحا مبهما، تتجاذبه الأهواء والمصالح، وتتحكم فيه أجندات أنظمة ودول ومؤسسات محلية ودولية بأهداف وأغراض مشبوهة ، إلى حد أننا لم نعد قادرين على تمييز في اي زواية تكمن الحقائق ، حتى لو التقينا بها وجها لوجه .
بكل أسف اضحت الاشاعه وفبركة الاخبار بضاعة قابلة للتصنيع السريع. وهناك أجهزة ومؤسسات تقوم بتصنيعها وتوزيعها وبيعها مثل معامل إنتاج وبيع الكبة والفلافل. وقد تكون الأجهزة معامل متخصصة فى الإنتاج العالمى أو المحلى بالوكالة.أذ لم تعد ألحقيقة سمة الأنبياء والأديان والصالحين أو حتى نتاجا أصيلا لأمة، تحرص على إبقائها أصيلة بلا تشويه. فألحقيقة اليوم مفبركة، ومزيفة مثل البضائع الصينية التى تكتسح الأسواق، فتشتريها ألحشود وتتلاقفها الايدي وإن أدركت أنها ليست أصلية.

«الحقيقة هى الضحية الأولى فى هذا العالم »، واحدة من الأقوال الشائعة التى ازدادت حجما وانتشارا مع سرعة تناقل الأخبارعبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر مواقع وهمية وووسائل اعلام تعتاش على مفردة الاثارة والغرابه بدون تمحيص أو تدقيق ، فكم من أكذوبة تم تضخيمها، وكم من خبر ملفق تم الاطلاع عليه وتصديقه وإعادة توزيعه من قِبَل الآلاف خلال دقائق .

إن دخول المواطن عالم التواصل الاجتماعى الإلكترونى، ونشر الأخبار بسرعة، ساعد على تخفيف هيمنة أجهزة الإعلام التابعة لهذا النظام أو ذاك التنظيم، إلا أنه طريق قد يدفعه للسقوط فى شبكة الأكاذيب المنظمة التى تكرَّس لها الميزانيات بملايين الدولارات، إن لم يكن واعيا، فيُصبح أداة لتدوير الأكاذيب بدلا من التنوير.
لذا كان من المنطقي ان تعتمد المرتكزات العقلية وتوخي التمحيص والتحليل في تلقف ونشر الاخبار .. فما أسهل أن يضع مروّج الإشاعة حديثا قدسيا او أسماء وشخصيات وهمية لتأكيد صحة الأخبار التي يذكرها، فيقتنع بها القارئ ليقوم بنشرها دون التثبت من وجود هذه الأسماء في كرتنا الأرضية. فالخبر الموثوق هو الذي يحوي مصدرا واضحا وصريحا يمكن الرجوع له، واليوم، ومع تزايد الحروب واعترافات مؤسسات اعلامية مشبوهة بترويجهم الأكاذيب مدفوعة الثمن، فهل ما نشهده هو عصر ما بعد الحقيقة وهل لاتزال بطولات (جدي حنش )هي البضاعه الرائجة في سوق الاعلام والتى يرتادها من هب ودب تحت مسميات وعناوين رنانة وبراقة .