18 ديسمبر، 2024 8:40 م

جدلية النشوء والارتقاء في الفكر

جدلية النشوء والارتقاء في الفكر

مهما تباعدت الأفكار بيننا أو تقاربت فإنّ هنالك نقاطاً في وجهات النظر نتفق فيها وأخرى نختلف عليها … وهي التي تكون الأسلوب الأمثل لتقويم الفكرة وإنضاجها.
حينما نكتب فاننا وبالتأكيد لانكتب لأنفسنا إنما نكتب للآخرين وننتظر من الواعين منهم التفاعل الايجابي وتقويم تلك السطور لتحريك الراكد في أفكارنا والخروج من التشرنق في قناعاتنا.
وكما نعلم أنّ كل شيء في الوجود يحمل بذرة فنائه مهما طال عليه الزمن بما فيه الانسان الذي يهرم ثم يُقبر بعد مماته.
فترى … أن الخط البياني لجميع الاشياء في حيويتها في تصاعدٍ ليصل الى الذروة ثم ما يلبثُ أن ينكمش ويتراجع ليصل الى درجاته الدُنيا.
لهذا فان الشيء الطبيعي هو أن يصل الكائن أو الفكر الى درجات من الارتقاء فيتعاظم وقد يتقهقر (خلافاً لمبتغاه ورغماً عن إرادته) …. وعند إرتقائه يحصل على إستحقاقه من التقييم المناسب له وليس عند نقاط ضعفه وتقهقره.
وقد جاء في المأثور (مَن تساوى يوماه فهو مغبون) في إشارة الى السعي للتجدد والخروج الى فضاءات أوسع وأرحب.
والذي قصدناه هو بصدد المراوحة في المكان ولربما التراجع المستمر وتلك هي الطامّة الكبرى … وفي أحسن الاحوال وللأسف فاننا نقتنع بالحدود الدنيا دون الطموح.
ونحن نرى هنا سوء حالنا وتردي أوضاعنا والذي يتطلب إماطة اللثام عن الحقائق وكشف المستور … ولكن الكثير منّا يقف بوجه الحقيقة (إما جهلاً أو عناداً أو من أجل البقاء والحفاظ على مصالحه الفردية الضيقة).
وقد يأتي مَن يأتي ليقول … أنّ هنالك ظروفاً قاهرة تحُولُ دون التقدم الى الأمام … وتناسى أن الحياة وبجميع تعقيداتها هي هكذا وستستمر في منظومتها الكونية … ولهذا فان المشوار يتطلب (التخطيط والحركة والارادة) في الاصرار على الثبات للانطلاق الى الامام.
وإذا تحدثنا عن الأحزاب ستبرز جوانب واضحة في التضادد … واننا لاننكر أن هنالك صراعاً بين القوى يكون خفياً مستتراً أو ظاهراً مُعلَناً سواءاً من خارج حدود الحزب أو في وسط الحزب بين أجنحته المختلفة وكلٌ له أدواته وقد ترجح كفة (السلب) على كفة (الايجاب) وما تتركه من مخلفاتٍ ينوء منها الحزب فتراه ينتكس صحياً أو يموت سريرياً.
بينما نرى أنه حينما يتحكم العقل بالعواطف والاهواء …. وحينما يكون العقل هو الركيزة الرئيسية في توجيه أفكار الانسان وتسديدها ….. وحينما تكون الحقيقة وليس سواها هي الهدف المنشود …. وحينما يعرف الانسان ان وجوده لم يكن عبثاً إنما هنالك رسالة ورسالة إنسانية عليه المضي في إنفاذها وتحقيق ما تمكّن منها …. وحينما يعرف الانسان ان الطريق وعرٌ ومحفوف من جميع جوانبه بالاشواك ….. حينها سيصل الانسان الى أعلى مراتب السمو.