23 ديسمبر، 2024 4:35 م

جدلية العقل والرغبة في السياسة ” بين المنهج ألايماني والوضعي “

جدلية العقل والرغبة في السياسة ” بين المنهج ألايماني والوضعي “

في البدء كان العقل “:
 وأذ أخذ ربك من بني أدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين ” .
وللعقل وظيفة هي :-
1-   قيادة الجسد المتحرك بالرغبة
2-    قيادة العالم المتطلع للمعرفة
وللرغبة وظيفة مزدوجة هي :-
1-   أغناء المعرفة أذا حضرت مع العقل
2-   أفقار المعرفة أذا تخلت عن العقل ؟
الرغبة هي :-
1-   شعور
2-    أحساس
3-    ميل
ويجمع كل هذه : ” الهوى والعاطفة ” وهي المحرك وصانع الحدث بأيجابياته وسلبياته ” قال أراغب أنت عن ألهتي ” ؟
والرغبة تطفو على سطح الحدث فتلونه بلونها , وسبب هذا الطفو هو ماتتمتع به الرغبة من خفة نوعية في مكونها بأعتبارها أفراز فسلجي وظيفي لهورمونات الجسد .
والرغبة من متعلقات النفس , لذلك تتأثر بالمحيط وبلغة الفلسفة أي تتأثر من حيث البقاء لامن حيث الحدوث .
بينما يمتاز العقل  بالثقل النوعي من حيث التكوين لآنه لايتحرك مع حركة الهرمون فيصاب بالخفة كما هو في حالة الرغبة , لذلك لايرصد في الحدث بعوامل الهوى والعاطفة الحاضرتان في الصخب والهرج والتدليك العاطفي وأماكنه معروفة .
وأنما يرصد العقل من خلال :-
1-   التأمل
2-   التدبر
3-    التفكير
قل أنما أعظكم بواحدة أن تقوموا للله مثنى وفرادى وتتفكروا مابصاحبكم من جنة ”
والتفكر هنا يجمع : التأمل والتدبر ” أفلا يتدبرون القرأن أم على قلوب أقفالها ”
والتأمل والتدبر والتفكر هي مفردات العقل , وهذه العمليات الثلاث تحتاج الى وقت ومن هنا كان حضور العقل في الحدث وأفتعاله متأخرا عن حضور الرغبة ومفرداتها ” الهوى والعاطفة ” لالقصور في العقل , فليس السبق وألاستباق دائما يعبر عن الفائدة المرجوة , فسرعة الطلقة أسرع من مشي القاصد للخير , فألاولى أسرع للدمار والفناء وألاحتراق , والثاني أبقى وأدوم للنفع والبناء وألاستمرار .
وعلى ضوء هذا التفريق بين العقل والرغبة أختلف الفلاسفة في النظر لكل منهما والذين أختلفوا لصالح الرغبة نسوا : أن تعريف الفلسفة هو ” نظم العالم نظما عقليا”
فالفلسفة تنتمي للعقل الجوهر الذي لايتأثر بالمادة حدوثا وبقاء ؟
ولكن عندما تذهب الفلسفة مع الرغبة تكون قد تخلت عن مقومات الجوهر العقلي وتحولت الى ضفاف وشواطئ النفس المتأثر جوهرها بالمادة بقاء , ومن هنا كانت القاعدة ” أن النفس لآمارة بالسوء ألا مارحم ربي ”
وهذه القاعدة يلامسها العقل عند الجميع في لحظات التأمل والتدبر والتفكر , ولكن الفريق الذي ذهب مع الرغبة وتبناها لم يعد يمتلك المراجعة فغلبت عليه عناصر الحدث المشتعل بلهيب العاطفة والهوى , فأصبحت الرغبة عنده فوق العقل , وهذه جدلية أستهلكت من البشرية كثيرا من حضورها في عدم أعمال معطيات العقل طبقا لمدركاته وأنما أخذت من العقل حضوره في العلوم التطبيقية فكانت علوم الفضاء وألاستنساخ وعلوم البيولوجيا والطب وفيزياء الكم التي أصبحت تقود العالم فكان ألانترنيت وتقنيات ألاتصالات المبحرة في فضاء ألاثير المصنوع ألهيا بمفهوم ” وألارض جميعا  قبضته يوم القيامة ” والسماوات مطويات بيمينه ” .
ولكن فريق ألانتصار للرغبة جعلوا من ألانظمة السائرة برغباتهم وقادتها أنصاف ألهة من حيث يشعرون أو لايشعرون , وعملوا على أخفاء مفهوم ألآله الحقيقي في حياة الناس وأكتفوا بلفظه سطحيا وغيبوه في تفكيرهم ونشاطاتهم ولذلك أصبحت الحرية عندهم رغم حضورها ألا أنها مهددة بألاحتضار من قبل كل من :-
1-   ألاباحية التي تقوم على فلسفة تقديم الرغبة على العقل
2-   المثلية : التي أعتبروها من مفردات الحرية الشخصية , وهي تنطوي على تدمير التنمية البشرية التي سوف يكتشفونها ولكن بعد فوات ألاوان ؟
3-   الرأسمالية ألاقتصادية : التي بدأت تزعزع النظام ألاقتصادي ألامريكي وألاوربي من خلال عدم قدرة النظام المصرفي على حفظ التوازن بين الطبقات ألاجتماعية لاسيما في مسألة العقار وألاستثمار .
ثم بدأ ألاهتزاز يصل الى التجربة الديمقراطية ثاني ثنائية أصحاب فلسفة تغليب الرغبة على العقل , فظهرت التجارب الديمقراطية التي نقلوها الى غيرهم مهزوزة غير متماسكة البناء وغير حقيقية مما جعلها غير جديرة بألاحترام لدى فئات كثيرة , وأن كانت لم تستطع الخلاص من شرنقة فلسفة تغليب الرغبة على العقل بفضل حضور التقنيات العلمية التي تمثل أنتصارا مؤقتا للقيادة الغربية التي تبنت فلسفة تغليب الرغبة على العقل والتي وجدت فيها المنظمات اليهودية فرصتها لجعل التوراتية وأن بالظاهر عقيدة فريق تغليب الرغبة على العقل ونتيجة حصول هذه العقيدة عند فريق تغليب الرغبة على العقل أصبحت القضية الفلسطينية تواجه تعنتا في ألامم المتحدة يميل دائما لصالح أسرائيل ويتنكر لمفردات العقل الذي يرى حق الاجئين الفلسطينيين بالعودة الى وطنهم , وحق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولة ممثلة في ألامم المتحدة ولو بصفة مراقب , أن فريق تغليب فلسفة الرغبة على العقل يرفض أعطاء الفلسطينيين دولة ولو بصفة مراقب في ألامم المتحدة , مثلما يصر فريق غلبة الرغبة على العقل تطبيق حق الفيتو ضد أي قرار أممي ليس لصالح أسرائيل ؟
واليوم يقوم هذا الفريق بدعم أسرائيل في حربها ضد غزة المحاصرة بحجة حق أسرائيل في الدفاع عن نفسها , وحق الدفاع عن النفس من ناحية مدركات العقل هو حق للجميع بما فيهم الفلسطينيين , وعند أستحضار مفردات العقل سنجد أن حق الفلسطينيين يتقدم على حق ألاسرائيليين الذين بادروا الى أغتيال قيادي من حماس ثم أخذت طائراتهم تقصف مدينة غزة بلا رحمة .
وعدوى هذه الفلسفة القلقة أنتقلت الى منطقتنا فكان ألارهاب ممثلا لفلسفة تغليب الرغبة على العقل من خلال كل من :-
1-   أشاعة الكراهية : فأصبحت دولة أسلامية مثل أيران في نظرهم صفوية ومجوسية , وهو قول باطل يرفضه الشرع الذي يدعو الى تحكيم العقل والعقل السليم يقول أن ألايرانيين اليوم هم يدينون بألاسلام وليس بالمجوسية ويطبقون ولاية الفقيه وهي مفهوم أسلامي في الحكم قابل للنقاش وليس لديهم منهج صفوي كما يدعي البعض زورا , ومن منطلق هذه الكراهية فهم يعتبرون كل الشيعة من المجوس والصفوية وهذا منهج ظالم يبتعد عن المنهج العقلي السليم , وهذا الفريق أستبدل العداء من حيث الرتبة لآسرائيل الى العداء لدولة ألاسلام في أيران وهو منهج تحكمه الرغبة في الكراهية ؟
2-   منهج التكفير : وهو منهج يعتمد الرغبة قبل العقل , فالعقل لايكفر الناس ولكنه يشخص الصح من الخطأ طبقا لمنهج السماء ” قل تعالوا الى كلمة سواء ” , والتكفير منهج وسلوك أنتقامي لايجعل صاحبه يفرق بين الناقة والجمل , وأصحاب هذا المنهج هم الوهابيون وتنظيمهم تنظيم القاعدة هو الذي يتبنى التفجيرات والمفخخات وألاحزمة الناسفة في العراق ويصوبها اليوم الى زوار كربلاء ومن يحتفل بعاشوراء , رغم فشل مشروعهم في العراق من حيث التسويق السياسي وألاحتضان ألاجتماعي ولم يبق لديهم سوى دعم الفريق الغربي صاحب فلسفة ومنهج تغليب الرغبة على العقل وبسبب هذا المنهج فشلت الثورة في سورية لآن الحضور الوهابي بكراهيته وتكفيره غير معالم التظاهرات السلمية والرغبة في الحرية والعدالة الى رغبة في ألانتقام الشخصي بحسابات طائفية ترفضها أغلبية الشعب السوري الذي عرف نوايا الفريق المعارض من خلال رفضه للحوار وعدم قبوله بمنهج ألاصلاح الذي تبناه النظام ودعا اليه وطبق شيئا منه , ولكن حماقة الفريق الوهابي المستعين بالمرتزقة وألاجانب أفسد على الشعب السوري طريق ألاصلاح وأدخله في خندق التدمير رغبة في ألانتقام وما دخول المسلحين في منازل المواطنين التي قصفت ودمرت بالرصاص والقنابل الطائشة وهذه الظاهرة في التدمير يتحملها من الناحية الشرعية والعقلية فريق المعارضة المسلحة التي تطالب بتدخل ألاجنبي والتي تستجدي الفرنسيين والبريطانيين وألامريكيين وهم من فريق تغليب الرغبة على العقل ورغبتهم في تدميرسورية والعراق والمنطقة واضحة لمن ينظر بعقل ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]