كانت ولا زالت الويلايات المتحدة تقف وراء العديد من الازمات الاقتصادية ، بدءا من أزمة عام 1929 مرورا بأزمة الثمانينات وصولا إلى أزمة عام 2008 ،. واليوم يقف العالم على أعتاب أزمة اقتصادية جديدة بعد أن توقع المختصون أن الركود الاقتصادي الأمريكي أدى إلى تراجع واضح في أسعار الاسهم والسندات ، بل وتضاعف ذلك التراجع على عملة البيتكوين حتى وصلت إلى 54،5 الف دولار ، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى التوجه الاقتصادي الأمريكي نحو انتاج الحرب وازدياد نفقات وزارة الدفاع حتى وصلت التخصيصات لهذه الوزارة إلى تريليون دولار بعد أن كانت 600 مليار دولار .
أن ما يخصصه البيت الأبيض من أموال طائلة لأغراض الحرب. الروسية الاوكرانية ونفقات المارينز وسفنهم العائمة قبالة أغلب دول العالم أو الاساطيل الراسية في الخلجان ، او أن تقطع الأساطيل الامريكية آلاف الأميال البحرية للوصول إلى مياه الصين لحماية تايوان ، أو محاولة خلق الحروب في بحر الصين الجنوبي عند. الفلبين، أو مؤخرا التحريك اليومي لسفنها شمالا وجنوبا اوشرقا في جغرافية الشرق الأوسط سييما البحر المتوسط لحماية اسرائبل برغم معرفتها أن الأخيرة تمارس أبشع أنواع الحروب تدميرا في غزة وتقتل أهلها المدنيين بسلاح وعتاد امركيين ، وتمنح اسرائيل المنح المالية والقروض العسكرية مما يثقل الاقتصاد الأمريكي وتدفع بالخزانة للاقتراض ، حتى بلغ إجمالي القروض الأمريكية 31،7 تريليون دولار ،، أي ما يعادل 127% من الناتج القومي الأمريكي ، يقابل ذلك جمهورية الصين الشعبية باقتصادها المتنوع الذي ينتج ما يحتاجه العالم من سلع بشروط سخية وأسعار تنافسية ، كما وان لبكين خزين عال من سندات الخزانة الأمريكية ، ولها وفرة دولارية عالية ، خرجت بها إلى العالم منذ عقدين اضافة الى اليوان الصيني بطريق الحرير السلمي صانع التنمية ، لا بالأساطيل صانعة الأزمات الاقتصادية ، لذلك فإن جدلية الصراع قائمة بين وسائل الحرب الأمريكية بعد أن وصلت الرأسمالية إلى أعلى مراحلها ،، كما إشار لذلك لينين منذ عقود ،، وبين وسائل الترغيب الصينية وعروضها المغرية في التنمية الزراعية في افريقيا والتنمية الصناعية في أمريكا اللاتينية ، وهنا معنا في دول جنوب غرب آسيا سييما العراق وبعض الدول العربية . تقف الصين لتتعامل بالعملات المحلية تارة وبالنفط مقابل التنمية تارة أخرى وهي اسهل السبل لتحقيق المنافع المتبادلة ، ففي العراق مثلا وقفعت الصين اتفاقية النفط مقابل مشاريع متنوعة بدأتها بإنشاء عشرة آلاف مدرسة ، وهي الحاجة المقدرة للمدارس في العراق ، وبحسب وزارة الخارجية فإن حجم التبادل التجاري بين العراق والصين بلغ أكثر من 50 مليار دولار خلال العامين الأخيرين ، والصين ليست بحاجة للأساطيل أو قواعد عسكرية لتحمي مصالحها في العراق ، إنما التعامل قائم وفقا لما تعنيه العلاقات الدولية التي هي سلسلة تبادل للسلع والأفكار والعيارات النارية ، التي لا حاجة للصين بها في العراق أو الدول التي تبني معها مصالح مشتركة ، وهذا الأمر بات يغيض الويلايات المتحدة وهي تقف اليوم حجر عثرة أمام طريق الحرير وتمنع العراق من سلوكه للوصول إلى التنمية المستدامة ، وهنا جدلية دائمة لصراع المصالح الدولية ، فمقابل حرية التجارة التي تنادي بها الصين وفقا لسياسة للسوق (العرض والطلب )، في حين أخذت الويلايات المتحدة عكس ثوابها الكنزية تفرض الحمائية التجارية على السلع الصينية وآخرها فرض رسوم نسبة 100% على استيراد السيارات الكهربائية من الصين، ، وهناك أيضا رسوما على الصناعات الإلكترونية الصينية أو رسوما عالية على تقنية الاتصالات حتى وصل الأمر بها إلى محاربة أو غلق فروع شركة هواوي .
أن الصراع القائم بين الصين والولايات يأخذ اليوم اتجاهين الاول اقتصادي محموم ، والثاني عسكري مضموم ، فالصين تمنع الويلايات المتحدة عسكريا من التدخل في مسألة تقرير السيادة على بحر الصين الجنوبي ، والصين ايضا تطالب الويلايات المتحدة بعدم الاشتراك عسكريا في مسألة تايوان وفقا لمبدأ وحدة الأراضي الصينية وحدود السيادة التي أقرها مؤتمر فينا عام 1815 ، وحسب ما يرى الخبراء فإن جدلية الصراع قائمة ، ما دامت الويلايات المتحدة لا تعترف بتعدد الأقطاب ، وما دامت تعتقد أن الحروب الإمبريالية كفيلة بتحقيق السيادة على العالم ……