18 ديسمبر، 2024 11:20 م

جدلية الديمقراطية في الفوضى العدمية

جدلية الديمقراطية في الفوضى العدمية

جدلية الانتخابات:

ليست الغاية من المقال انتقاد أي عملية انتخابية وإنما هي مقالة نقدية تتحدث عن الانتخابات بشكل عام دون السردية التاريخية اللهم إلا الحاجة لمرور سريع على مفاصل مهمة تاريخية سواء بداياتها والتي لم تك حينها الخيار الأفضل لانها إن أطلقت فستأتي الانتخابات بالرعاع فحصرت بالنخب من أصحاب النفوذ والمال من التجار والإقطاعيين أو أعيان، ولم يك مسموحا للعبيد من الرجال لأنهم سيسيرون براي أسيادهم ولا النساء لانهم سيفعلون ما يطلبه أزواجهم، وكانت السلطات متوزعة بوجود الدكتاتور المنتخب والقنصل المنتخب والقاضي والمالية والبلدية وكلها سلطات تؤدي للتوازن وبها صلاحيات تنفيذية وليس جبروت اعمى عند تصميمها لكن القناصل كحكام عسكرين اخذوا بإلغاء الدكتاتور والقاضي (قائد الفرسان) في عهد ماركوس انطونيوس ثم ألغيت لاحقا كل المناصب التي تؤثر على الحاكم، فالبشر ميال إلى السيادة والقوة في الجيش والذي بيده الجيش يسيطر على القرار وان كانت النظرية في التأسيس مرغوبة، ستصبح ثقلا على القرار عند حكم العسكر.

تُبنيت الديمقراطية في الحداثة كآلية لحماية راس المال وتوازن بين أصحاب المصالح أيضا، والشعب من يختار بين من تنتخبه الأحزاب وهي أحزاب تكون اثنان أو ثلاثة تطرح آليات لرؤية متقاربة.

وعندما تبنت النظم الشمولية الديمقراطية كانت تمثل شرعية للطغيان وبمتعدد أشكاله فهي أداة النفوذ والميزات هي الغايات، وهنا تصبح الانتخابات تمثيلية مملة لا تحدث تغيير ولا تحسّن للمواطن فتتراجع الناس التي تذهب للصناديق وتبقى عندنا فاعلية العصبيات أو الروابط غير المواطنة كالعشيرة والعائلة أو الانتماء الحزبي والمنفعي أو الأصوات المعروضة كأي سوق.

جدلية الاحتضار فالانتظار:

الديمقراطية تَوَجُّه الحاكم، أو أصحاب النفوذ، والاهتمامبالمنافع؛ فالعزوف ثم الانهيار فشعب الانتظار بعد احتضار الديمقراطية، بل سيتحول الناس المنتظرين إلى حالة البلادة والهامشية والثرثرة والانتقاد الأسود، انه الوهم في نفوس العاجزين وهم ينتظرون أملا يكشف عورة عجزهم وسذاجتهم يراقبون اكل حقوقهم وهم لا يتوقفون عن الثرثرة وانتقاد سلبية اليوم أذانهم تتحدثولا يهمها المصداقية، بعضها زعانف بلهاء تحلم بان تكون مكان الظالم لتقيم عدلها كما يظن الظالم انه بظلمه يقيم عدله.

ثرثرة

في عصر الهزيمة تخاف الناس التغيير لانها ستقمع إن حاولت ذلك وهي عاجزة عن الإصلاح أيضا لأن الإصلاح يحتاج أناسا حقيقين موجودين بالفعل وليس رجالا في الخيال المهموم الذي يبحث عن تعديل راتب تقاعدي بقانون مهمل أو يطالب بالعمل ليعيش وذاك بعيد المنال في بلد لا يخطط للنهضة، بل المناكفة الوهمية بين الأحزاب يروها ضرورة، فلا برنامج غير توليها السلطة دون عرض رؤية ولا مسارات لانها تعتمد على إرساء فكرة من يحكم وليس كيف يحكم.

التأليه بلا ابتكار، ونجاحي لان غيري فاشل والأحزاب دكاكين تتاجر، من اجل هذا لم تعد شعوب العالم المتخلف متأكدة من شيء، الانتماء ضعف فيتنازل عن لغته وبيته إن اقتضت ما يظن أنها مصلحته.

ومن أسوأ ما تصل إليه الشعوب أنها تشاهد مأساتها وكأنها مسرحية تحكي أحداثا لأناس غيرها تجلس على مقعد في انتظار العرض ومن سيمثل الدور الفلاني، ومن هي البطلة لينتقد الشكل والمظهر والسلوك ويصنع التهم لمن هم خارج المسرح، اهم ميتون أم مرضى أم غير مهتمين للفن والأدب.

هذه الكارثة عندما يعتاد الناس والساسة الحالة فلا تجد سؤالا عن برنامج أو رؤية بل هم يتفاعلون وأحاديث تدور في التجمعات الافتراضية وعلى الأرض أو المقهى تنتهي بطلب النرد والطاولة وأناس يزعمون انهم يعملون في السياسة لكن لا ترى منتجاتهم بل تسمع بمنتجعاتهم فان قادك الزمان إليهم في حاجة تكبروا رغم انهم لم يفعلوا لك ما تريد، عندها تفقد اللغة ولا تعرف الباغي أهو الظالم أم من يرفض ظلمه وهذه كارثة.

أمة تبنت كل أيدولوجيات الأرض تقليدا، ولكن بلا تطبيق أو أفعال لبناء ما يزعم حمله أو بالأحرى ما يركب عليه، فقد بات العاملون في السياسة في عالم لا علاقة له بالشعوب.

المستخلص:

عندما يكون التغيير هو المطلوب فلا تفترض النظرية ولا تنقل بتقليدية، سيكون الأمثل استقراء الواقع وليس قوالبمستوردة أو افتراضية تصنعها معامل العقد النفسية والتفكير العقيم؛ الأمم عندما تتعرض للكوارث تجتمع؛فرجال النهضة حتما من بيئة منظومة تنمية التخلفوليسوا بلا انتماء رعاع تنهب أو فأر منطيق يقضم ويهرب إلى اللغز البعيد لذا لابد من العمل ولكن بنهر مواز لا ينابيع تختلط مع النهر العكر فتمسي عكرة تلك جدلية الديمقراطية في الفوضى العدمية حيث بيئة منظومة تنمية التخلف.