جدلية التجديد في الحوزة

جدلية التجديد في الحوزة

في احدى لقاءاتي بالسيد محمد رضا الجلالي رحمه الله توفي قبل ايام وهو رئيس تحرير مجلة علم الحديث المحكمة قلت له ما يخص الحديث هنالك مسالة انا اراها مهمة وهي المفروض ان يكون هنالك المام كامل بالحديث من حيث هل الحديث جواب لسؤال ام ان المعصوم راى تصرف معين وتحدث ام انه كان في الدرس ومن هم الحضور عند الحديث ومن هو السائل ، ابتسم الرجل وقال هذا هو فقه الحديث الذي نحن نعمل عليه الان … ولا اعلم اين وصلوا وتوفى الرجل .

كتاب الاجتهاد والحياة فيه مجموعة من اللقاءات مع اعلام شيعة والسنة محورها التجديد في الفقه الاسلامي واول المتحدثين الشيخ محمد مهدي شمس الدين (1936 ـ 2001) وتطرق الى عدة مسائل مع الاستشهاد بقواعد اصولية وفقهية ومصطلحات حوزوية ، انا القاصر توقفت عند بعض ملاحظاته بالرغم من ان طلبه بالعموم سليم لكن بالتفاصيل والامثلة توقفت عنها .

يقول التعبد الشرعي وعدم فحص مناخ الحديث النص زمانه مكانه من السائل ، وهذا ما ذكرته اعلاه وهو مهم جدا ،هذا امر سليم

 هنا توقفت على ما ذكر من رواية لم يتاكد منها وهي حسب قوله “صحيحة حين يسال السائل لا اذكره بحرفيته انه نحن في بلادنا نؤاكل المجوس يقول له الامام انا لا اؤاكلهم ولكن انتم لا تغيروا عادة اعتدتموها ، فيفهم من ( انا لا اؤاكلهم ) اي انهم نجسون ، الامام ينزه نفسه حسب ظروفه “( الاجتهاد والحياة محمد مهدي شمس الدين ص21)

بحثت عن هذا الحديث فوجدته هكذا” وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: سئل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوم مسلمين يأكلون وحضرهم مجوسي أيدعونه إلى طعامهم؟ فقال: اما انا فلا أو اكل المجوسي وأكره ان احرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم”. وسائل الشيعة 24/208

الفرق شاسع عن ما قصده شمس الدين وعن نص الحديث ، لاحظوا الفرق قوم مسلمون ياكلون وحضر مجوسي اي ليس كما قال شمس الدين ان المسلمين يسالون هل نؤاكل المجوس ، وهذا فرق كبير ، ويقول الامام اكره ان احرم عليكم شيئا تصنعونه في بلدكم ، فكيف يكون الحرام اذا المعصوم لا يفعل ويكره ان يحرم ؟ هنا ياتي مطالبة السيد محمد باقر الصدر باجتهاد المجتمع حتى يعلم المطلوب من الحديث .

يعود الشيخ شمس الدين ليتحدث عن الجهاد فيقول ” ان خطابات الجهاد ليس واجبات كفائية بل هي واجبات عينية ولكن ليس على الافراد بل على الامة… نسال لماذا اذا امتثل البعض سقط عن الكل لماذا يسقط عن الكل ، واذا اذا عصى البعض يعاقب الكل لماذا يعاقب الكل (نفس المصدر ص18)

هنالك مسالة مهمة ما يخص التطوير وليس التجديد كما يقال وهذه المسالة ان المجتهد او المرجع هل هو مطلق اليد هل هو صاحب منصب تشريعي وتنفيذي وقضائي ؟ اي يحاسب من لا يفعل ، هل البلد الذي فيه حاكم عادل ام طاغية ؟ هذه مسالة مهمة اعود لمسالة الجهاد

انا لست ضليعا بهذه المسالة ولكني اسال من باب الاستفسار ، هل الدعوة للجهاد ايام الخلافة نفسها اليوم في عصر التجديد كما تقولون ؟

اليوم الجيش يتم تشكيله من متطوعين ، والقانون الاخر كما هو معمول به في اغلب البلدان خدمة الزامية وخدمة احتياط وهذه الغاية منها ضبط المواليد والعدد والتدريب حسب الصنوف وعند الحرب والحاجة لا يعلنون الجهاد بل استدعاء مواليد لهذا الغرض .

لاحظ فتوى الجهاد الكفائي للسيد السيستاني حفظه الله شرطها بان تكون تحت اشراف الحكومة ، لان الحكومة ادرى بعدد جيشها وماهي الحاجة للعناصر القتالية ومعرفة العدد المطلوب ،

والعيني اصلا في الواقع يصبح كفائي لان هنالك اعمال غير عسكرية لا يمكن لها ان تتوقف فتؤثر على الاقتصاد فلا تلتحق بالجهاد العيني ، وهنالك عناصر خبيثة ومنافقة وتهبط من معنويات المقاتلين فلا يصح دعوتهم ، وهنالك حالات عديدة على هذا الشكل ، هذه وجهة نظري القاصر ، اليوم النظم والقوانين التي تعمل عليها اغلب البلدان اصبحت متطورة من حيث معرفة شعوبها بما يتصف به او متطلبات البلد ، وغير ذلك ، وهذه الامور بحاجة لتشريع سليم يقودها الى بر الامان ، والتشريع المطلوب من المرجع عندما يكون مطلق اليد ، لكن اليوم بحكم مفردات السياسة القذرة التي مجرد المرور من جنبها نصاب بالتلوث يضاف للعقول القاصرة التي لا تتاكد عن ما ترى او تسمع فتتهم المراجع بالتقصير .

والحديث الرائع يقول( ان رايتم  العلماء على أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك، وإذا رأيتم الملوك على أبواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء) حديث لا يحتاج الى تفسير