19 ديسمبر، 2024 12:05 ص

جدلية الاستيراد الفكري بين التطور والتأخر 

جدلية الاستيراد الفكري بين التطور والتأخر 

التطور سمة بشرية تميز بها البشر عن باقي المخلوقات ، وأن كانت باقي المخلوقات تتطور بصورة مختلفة ونسبة معينة تختلف هي الاخرى عن البشر ، أمتاز البشر بتطور كل ما يتصل بحياتهم ، من المأكل إلى المشرب إلى الملابس وانتهاءاً بالأفكار التي يحملونها ، الأفكار هي اكثر ما يتطور لدى البشر ، ان لم نقل هي أصل كل تطور حاصل لهم ، كل شيء ينبع من الفكر وميدانه ، اذ ليس من الممكن ان نأتي بشيء او نطوره ان لم نكن قد سبقناه بتفكير عميق وطويل حتى وصلنا الى ما استطعنا الوصول له 
التطور بحد ذاته مطلوب لذاته ، ولكنه يجب ان يؤطر ويحدد ، كذلك ليس كل شيء قابل للتطور ، فبعض الافكار والمتبنيات هي واحدة ، في الجاهلية هي نفسها ، وفي عصرنا الحالي موجودة مع بعض التغييرات الغير جوهرية ، تغييرها ليس تعبيراً عن التطور ، وبقائها لا يعني تأخرا ً 
الأمة تفقد المناعة ضد الانحرافات عندما تقوم باستيراد كل شيء ( كل الأفكار ) بداعي التطور والتقدم والاطلاع ، يجب أن تكون هنالك محددات ( كمارك فكرية ، سيطرة نوعية ) لاستيراد واستقبال اي شيء خارج عن الإطار الفكري والثقافي للمجتمع ، عندما يبدأ الإنسان باستقبال الأفكار حتى الغريبة منها بدعوى حاجة الزمن إلى التغيير ، فإنه سيقوم بتغيير جذوره ايضاً بنفس الحجج ، ولن يشعر بذلك إلا عند اول رياح تقتلعه من مكانه او تجعله اوهن من بيت العنكبوت . الانغلاق بدعوة الحفاظ على الذات امر مرفوض أيضاً ، تحت اي ذريعةً كانت ، سواء بحجة الغزو الثقافي ، او الغزو الفكري وما شاكله ، هذه الافكار تفقر المجتمع فكرياً اكثر مما هو فقير ، اذ لا يمكن معادات كل ما يصدر من الثقافة الغربية بسبب بعض النظريات المنحرفة ، فكما قال الله تعالى ” الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ” ، اي ان نأخذ ما يفيدنا وينفعنا وان كان في الصين 
التوازن مطلوب ، بين ما نإخذه وما نرفضه ، فليس الاستيراد المطلق امر عقلاني ، كونه يلغي كل خصوصياتنا ، بسبب استيراد مالا ينسجم مع ثقافتنا وديننا ومعتقداتنا ، ولا الرفض المطلق لكل ما يأتي من خارج الحدود امر اكثر عقلانية ، فلا هذا ولا ذاك وانما امر بين أمرين ، ان كنا نرغب بتطور متوازن ، يحفظ هويتنا ، ويعيد هيبتنا