23 ديسمبر، 2024 10:04 م

جدار برلين من جديد … لكن في العراق ؟!‎

جدار برلين من جديد … لكن في العراق ؟!‎

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، قسمت ألمانيا إلى أربعة مناطق محتلة بحسب اتفاقية يالطة، كانت الدول المحتلة هي الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي، والمملكة المتحدة وفرنسا، وكانت هذه الدول المتحكمة والمديرة للمناطق المحتلة من ألمانيا، وتبعا لذلك، قسمت العاصمة السابقة للرايخ الألماني إلى أربعة مناطق أيضا، وفي ذات الحقبة بدأت الحرب الباردة بين المعسكر الاشتراكي الشرقي والغرب الرأسمالي، ومثّلت برلين مسرحا للمعارك الاستخباراتية بينهم.

في عام 1949 بعد قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية (ألمانيا الغربية) في المناطق المحتلة من قبل الولايات الأمريكية المتحدة، والمملكة المتحدة وفرنسا، وقيام جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية) بعد ذلك في المنطقة المحتلة من قبل السوفييت، بدأ العمل على قدم وساق على حدود كلا البلدين لتأمينها، وبقيام كيانين، دَعم التقسييم السياسي لألمانيا، وبين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وضع بشكل أولي شرطة وحرس الحدود، ولاحقا على الطرف الشرقي بدء وضع الاسيجة، وتطور الأمر إلى أن تم بناء سياج أو جدار برلين لكي يكون هو السكين التي قطعت أوصال ألمانيا.

واليوم في العراق يتكرر المشهد الألماني – سياج برلين – لكن هذه المرة على غير صورة فليس هناك جدار وإنما خندق, وحسب ما نشر موقع كتابات العراقي من خبر بتاريخ الخميس 19 / 2015 وتحت عنوان (بين كربلاء والانبار وبابل … خندق للفصل الطائفي)…

رسم مسؤول محلي خط على خريطة يقتطع أرضا زراعية وصحراوية جنوب غربي بغداد نزح سكانها السنة بسبب القتال ثم أشار إلى الجنوب مباشرة على موقع أكثر المزارات الشيعية قدسية.. كربلاء, فقد قال عضو المجلس المحلي في بابل “حسن قدم” إن الخط يمثل مسار خندق يمتد 45 كيلومترا صمم لحماية مدينة كربلاء الشيعية المقدسة من متشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يسعون إلى إبادتها, وأشار إلى انه ما دام تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الانبار فان هذا الخندق سيستخدم لحماية السكان في كل من بابل وكربلاء والذي سيصبح نقطة انطلاق لتحرير الانبار.

وبعد وضع هذه الخطة وبداء التصريح عنها إعلاميا حتى بدأت بوادر التقسيم الطائفي تلوح في الأفق, وخير شاهد هو رفع صور وبوسترات كبيرة في شوارع النجف وكربلاء وبعض محافظات العراق للزعيم الإيراني الراحل ” الخميني ” وتمت تسمية إحدى شوارع النجف باسمه!! وهذا يعني إن إيران قد ضمنت حصتها من العراق وبحجة المحافظة على المقدسات من خطر تهديد ” داعش “, وأمريكا ضمنت حصتها أيضا فهي تواجدت وستكثف تواجدها في المناطق الغربية والشمالية, بحجة محاربة ” داعش “.

 ويبدوا إن هذا الترسيم الجديد للعراق بدأ حيز التطبيق بعد الرسائل المتبادلة بين الزعيم الديني الإيراني خامنئي والرئيس باراك أوباما في مطلع شهر شباط 2015م, بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والالكترونية, حسبما نقله مستشار وزير الخارجية الإيراني ” علي خورام ” عن رسائل الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى الخامنئي وكيف انه متفائل بتلك الرسائل وان أمريكا سوف تغير سياستها في العراق وانها سوف تفتح المجال أكثر لإيران في العراق, وهذا الأمر يرجح جدا إن فكرة وجود داعش في العراق هي فكرة مشتركة بين معسكر الغرب ومعسكر الشرق ويؤيد ذلك نتائج الاستفتاء الذي أجرته صحيفة إيلاف اللندنية بتاريخ 18 / 2 / 2015م, حيث كانت نتائج الاستفتاء هي :

صوت بنسبة40 % إن إيران داعم رئيس للتنظيم، تلتها نسبة 22 % تقول بأن تركيا تدعم التنظيم, أما ثالثاً فقد حلّت إسرائيل بأنها تدعم التنظيم، حيث قررت ذلك ما نسبته 15 % , بينما قال إن أميركا هي داعم (داعش)، وقررت النسبة الأقل 11 % أن العرب هم من يدعم التنظيم .

وحسب هذه النتائج نرى إن المعسكرين الشرقي والغربي لهما دور في ايجاد داعش,كما هو الحال سابقا عندما أوجدوا جدار برلين, وهذا يرجح ويقوي ويؤكد ما قاله المرجع الديني العراقي العربي السيد الصرخي الحسني بان إيران وأمريكا لاعبين رئيسيين في العراق والمنطقة, وذلك خلال الحوار الصحفي الذي أجرته معه وكالة أخبار العرب بتاريخ 13 / 1 / 2015م … حيث قال ..

{ …لا يخفى على العقلاء إن في العراق لاعبَيْن رئيسين أميركا وإيران، أما الآخرون فكلُّهم أدوات بيَدِ هذين اللاعبَينِ يحرِّكاهُم كيفما شاءا ومتى شاءا، وإذا حصل أيُّ صراع بين هذه الأدوات فهو مشروط بان لا يخرج عن حلبَةِ السيدين الكبيرين، أميركا وإيران، ومن هنا يظهر لكم إن كل ما يقع على ارض العراق هو بسبب هذين الوحشين الكاسرين المُتَغطرِسَينِ…}.

فان التجربة الألمانية السابق الآن يمر بها العراق والى متى سيطول هذا الأمر؟ فهل سيقبل الشعب العراقي بهذا التقسيم؟ أم ستكون له كلمة أخرى؟ أو انه سيذعن للأمر الواقع ويبقى تحت رحمة الشرق والغرب؟