22 نوفمبر، 2024 10:54 م
Search
Close this search box.

جبهة العبادي وجبهة المالكي والصراع المصيري

جبهة العبادي وجبهة المالكي والصراع المصيري

لم يعد خافيا على أحد أن هناك صراعا، وصراعا حادا، وحادا جدا، وإن كان غير معلن، لكنه بيّن حتى للأصمّ والأعمى، وهو ليس وليد اليوم، بل قائم منذ حيل دون الثالثة للمالكي، واختير العبادي بديلا له لرئاسة مجلس الوزراء؛ ذلك الصراع بين رئيس الوزراء الحالي ورئيس الوزراء السابق الأمين العام لحزبهما، ورئيس ائتلافهما ائتلاف دولة القانون. قلت «صراع»، ولم أقل «تنافس»، وقلت «صراع حاد، وحاد جدا»، ولم أقل «صراع ناعم».

وهناك من اليوم جبهتان متصارعتان هما الأخريان آخذتان باستكمال ملامح وعناصر كل منهما، هما جبهة العبادي والداعمين له، ومن هم الأقرب إليه، أو يمكن أن يكونوا مستقبلا منضمين إلى جبهته، أو متعاونين معها، مع اختلاف درجات القرب والتنسيق. وفي الجانب الآخر هناك جبهة المالكي والداعمين له، ومن هم الأقرب إليه، أو يمكن أن يكونوا مستقبلا منضمين إلى جبهته، أو متعاونين معها، أيضا مع اختلاف درجات القرب والتنسيق.

جبهة المالكي مدعومة من إيران وروسيا وسوريا وحزب الله اللبناني وقادة الحشد الشعبي المتمسكين بمبدأ ولاية الفقيه، أو المنسقين مع إيران بأي درجة كان التنسيق، وبقطع النظر عن الدوافع، استراتيجية عقائدية كانت، أم تكتيكية مصلحية، وكذلك كل قوى الإسلام السياسي الشيعية المؤمنة بولاية الفقيه، أو الأشخاص ذوي النفَس الحادّ في شيعيتهم.

أما جبهة العبادي، فمدعومة من أمريكا، ويمكن أن تُدعَم أو يُتعاوَن معها من قبل التيار المدني، والقوى العلمانية والليبرالية والمدنية، والتيار الصدري، وائتلاف الوطنية بقيادة علاوي.

لا يجب أن تكون كل قوى وشخصيات هذه أو تلك الجبهة منسجمة إلى حد كبير فيما بين بعضها البعض، فنعلم على سبيل المثال التناقض بين مقتدى الصدر وأمريكا، كما لا يجب أن تكون كل القوى الداعمة بأي درجة من درجات الدعم، ليس لها ملاحظات على إحدى القوى الأخرى، أو ربما حتى على العبادي نفسه، الذي يرى البعض أنه فوّت فرصا كان يمكن له أن يستثمرها مدعوما من جماهير الشعب والمرجعية الدينية والقوى المدنية والتيار الصدري وأمريكا وعدد من دول أورپا والدول الإقليمية، كما هناك الملاحظات على التيار الصدري.

ويبقى نوري المالكي هو الأكثر خطورة على مستقبل العراق، وسبق وكتبت مقالة في 26/12/2016 بعنوان «لو عاد المالكي لَقُتِلَ آخر أمل للعراق»، فليراجع من يرغب في ذلك.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=542578

ولا أريد أن أتناول العقبة أمام العبادي، وهو كونه ما زال عضوا وعضوا قياديا في حزب الدعوة الإسلامية، وفي ائتلاف دولة القانون برئاسة نِدّه اللدود نوري المالكي، والتحالف الوطني برئاسة المراهق السياسي عمار الحكيم صاحب «الحكمة»، إلا إذا فاجأنا بخروجه بكتلة باسم «دولة المواطنة» أو شيء من هذا القبيل.

نعم لو استطعنا نحن، لو استطاع العلمانيون المؤمنون حقا بمبدأ المواطنة، والمتمسكون به أشد التمسك بدون أي تفريط به، والعابرون كليا للطوائف والأعراق والمناطق، والمؤمنون حصرا بالعراق، بالديمقراطية الحقيقية، بالفصل التام بين الدين والسياسة، بما في ذلك المعتدلون من المتدينين العلمانيين، الذين يحترم إيمانهم وتدينهم، ولكن يبقى كل ذلك بالنسبة لهم شأنا شخصيا؛ أقول لو استطعنا أن نفوز بأكثرية برلمانية تمكننا أن نشكل نحن الحكومة المقبلة، فهذا ما نتطلع إليه، ولكن النظرة الواقعية تلزمنا أن ننسق مع كل من يقف أمام جبهة المالكي وأتباعه وداعميه، وأمام القوى الداعمة للنفوذ الإيراني وقوى الإسلام السياسي والطائفية السياسية والفساد المالي، لأن المالكي ورهطه وداعميه يشكلون اليوم الخطر الأكبر على العراق، فلنعمل أولا على عبور هذا الخطر، ثم لكل حادث حديث. ولإزالة سوء الفهم في استخدام ضمير «نحن»، فهذا لا ينبغي أن يفهم أني شخصيا بصدد المشاركة في الانتخابات القادمة، لا الآن ولا مستقبلا، بل هذه الـ(نحن) إنما هي تعبير عن الشعور بأنها قضيتنا وهمنا وتيارنا، نحن كل الذين يؤمنون بدولة المواطنة الديمقراطية العلمانية العادلة، ونتطلع إلى تحقيقها، والتي كان يمكن أن يتمتع العراقيون اليوم بديمقراطيتها وعدالتها ورفاهيتها وتقدمها، لولا تفويت سياسيي الصدفة من سيئي الشيعة وسيئي السنة وسيئي الكرد للفرصة الذهبية التاريخية التي أوتيت للشعب العراقي بعد سقوط الديكتاتور؛ هذا التفويت لهذه الفرصة الذي اعتبرته في مقالة سابقة جريمة وطنية تاريخية كبرى، وكل كلمة مقصودة بدقة فهي حقا «جریمة»، وحقا جريمة «وطنية»، وحقا جريمة «تاريخية»، وحقا جريمة «كبرى»، فهل يقتل الأمل بعودة المالكي، أم نحول دون ذلك، ودون بقاء الطائفيين والفاسدين سراق ثروة الوطن وقوت الفقراء، لنخطو الخطوة الأولى بالاتجاه الصحيح نحو عراق ديمقراطي علماني يرفل بالعدل والسلام والحرية والأمن والرفاه.

أحدث المقالات