جبهة الانقاذ المحلي الموحدة

جبهة الانقاذ المحلي الموحدة

“واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة”
الآن وليس غدا، أصبح الركون ضروري جدا لوقف العنف والوعيد والأعمال التخريبية والمسلحة التي عصفت بالبلاد منذ أن وطأتها اقدام داعش والقاعدة.
والجرائم التي ارتكبت بحق العراقيين، سيما ماكان منها متعلقا بإنتهاك الأمن وتدنيس الاعراض والشرف والحرمات، ماهي إلا مأساة انسانية ووصمة عار في جبين مرتكبيها.

والفتن التي احدثتها داعش والقاعدة فيما بين مايسمى بالمكونات الساكنة شمال وغرب بغداد، وفي بقية مناطق “المثلث السني” الاخرى، هي سابقة خطيرة تنم عن حجم السيتراتيجيات والأجندة التي جاء بها هذا التنظيم لتفكيك اللحمة العراقية وعزل اقليم السنة عن بقية اهله في أنحاء العراق، والتحكم به كمطية للسيطرة على زمام الأمور في منطقة خاصرة العراق لمواجهة المد والنفوذ الشيعي فيها بحسب زعمهم، والمجانبة لجمهورية إيران الاسلامية، والتي كثيرا ماينعتوها بالدولة الصفوية والفرس المجوس.

اذن فاللجوء إلى التعاون والتنسيق والتفاوض والحوار البناء بين تلك المكونات أمر ضروري ومستحسن في الوقت الحاضر لبناء “جبهة انقاذ محلي موحدة “ضدهما تأخذ على عاتقها توحيد الصف الوطني -وتظم بين ثناياها جميع النخب المجتمعية- ووضع آليات لمواجهة الارهاب المتمثل ب”داعش والقاعدة” والقضاء عليه، ورسم خطط سيتراتيجية لتجفيف منابعه، بات حاجة ملحة لايمكن تأجيلها، لاحتواء الموقف في الفلوجة والأنبار، وتفكيك الأسباب المؤدية للفتنة التي أسست لحط رحال داعش والقاعدة في هذه المنطقة الشريفة التي تتميز بتقاليد ومعتقدات معتبرة، قد تختلف عن أي مكان آخر في العراق وفي المنطقة لخصوصيتها بحكم القاسم العائلي المشترك الذي تتميز به عوائل وشرائح تلك المنطقة والذي جعلهم متشابهين في كل شيء، ولحمة واحدة منذ عهدناهم،

هذه المنطقة التي لم تغادر الأعراف المتعلقة بالثأر، وبقية الأعراف العربية والعشائرية الأصيلة المعروفة بعراقة وأصالة تلك العوائل المحافظة، والتي ترفض وبشكل صارخ الدعوات المؤدية للانفتاح على طريقة الغرب أوالانفلات من التقاليد والقيم التي جاء بها الدين الاسلامي الحنيف على طريقة البلدان المنفتحة، فهي الآن بأمس الحاجة للوقوف معها وقفة رجل واحد لإستئصال شأفة داعش والقاعدة وتطهير المنطقة التي أبتليت بها بشكل نهائي.

والتأخر في عدم احتواء الموقف وبسرعة استثنائية قد يفضي إلى تصعيد الموقف السياسي والعسكري والمجتمعي إلى مالايحمد عقباه، وينبغي على أهل الحل والعقد في المنطقة الاهتمام بهذه المسألة الشائكة ودراستها مليا حفاظا على سلامة الاهالي من نتائج الحركات العسكرية، فضلا عن حالات الاقتتال والتضاغن بين سكان المنطقة أنفسهم، والاسراع عاجلا لدرء هذه الفتنة التي عصغت بالبلد والتي تؤدي ربما إلى مزيد من المخاطر على غرار ماحدث في سوريا، ولبنان في حربها الأهلية عام 1975، وبدل الركون والاعتماد على سياسيين فاشلين قد تبوؤا مراكز قيادية نافذة وصلوها وفق صناديق الاقتراع بالصدفة أوبضربة حظ، إذ لاشأن لهم بها سوى الانتفاع والثراء الفاحش وإدامة المصالح الذاتية، والانشغال بالملذات وبلبس البدلات والاربطة الأجنبية الفاخرة، والاحذية الايطالية المتينة، وشرب الغليون الكوبي، وبعضهم الآخر يغتسل ببول البعير الصحراوي الخليجي، حيث تعوزهم القدرة على احتواء الأزمة التي كانت من صنع أيديهم، كما انهم وبشكل مؤكد لايستطيعون فهم وإدراك الحراكات المحلية والأقليمية والدولية وإلا ماوصلت الأمور إلى هذا المآل.

فليعتمد الناس في تلك المناطق على الله أولا، وعلى أنفسهم كنخب مجتمعية مدنية وعشائرية محترمة وطلابية ومنظمات فلاحية وعمالية ونسوية معتبرة ثانيا،وعلى طول غطاء مجتمع محافظات المثلث السني ثالثا، وليشكلوا جبهة انقاذ موحدة بالاستفادة من إمكانيات الدولة المتيسرة والدعم اللوجستي والعسكري التي تقدمه لهم القوات المسلحة العراقية الباسلة، لدعم اخوانهم في الرمادي والفلوجة وتنظيف المنطقة من براثن داعش والقاعدة وحواضنهما التي تأويهما، تماما كالذي جرى في الاعوام 2008-2007-2006، وإقامة الحدود عليهما بسبب إغواء الشباب وتوريطهم للقيام بتنفيذ أعمال إرهابية تخريبية، ولتسببهما بالدمار الذي أحدث في المنطقة جراء أعمالهم المفخخاتية والعمليات العسكرية المضادة، وبسبب تدنيس شرف المرأة العراقية.

وتعد هذه الفترة المتميزة بهذه الفتنة التي جاءت بها داعش والقاعدة لتزرعها في هذه المنطقة المحافظة، هي أسوء الفترات العصيبة التي مروا بها اهالي المنطقة عبر التاريخ الحديث، حيث التهجير واللجوء والقتل، وانتهاك الاعراض بفتوى جهاد النكاح، وتعد سابقة خطيرة لامثيل لها، وانتهاك قسري يندى له جبين الانسانية، بهذه الطريقة السيئة الصيت وبطرق قسرية واغتصابية في أكثر الأحيان.
وأن التأخر في تفكيك أسباب هذه الفتنة قد يؤدي ذلك إلى إمتدادها لبقية المناطق السنية القابعة شمال بغداد وفي حزامها وماحولها وستذوق الأمرين من جراء انزلاق الوضع بولوج مصائب وخيمة على شاكلة ماحدث في سوريا كما أسلفت.

إن المحنة التي تمر بها منطقتي الرمادي والفلوجة لم تأتي من فراغ أو صدفة أو قدرا محتوما، بل هي وليدة تصرفات سياسي الصدفة من ذوي النفوس الضعيفة -الذين أستودعوا ثقة الناس فيهم ليمثلوهم في المحفل التشريعي والتنفيذي خير تمثيل، فبدلا من ذلك أذاقوهم الأمرين وجعلوا من أراضيهم مرتعا لزراعة الفتن والإحن والنعرات الطائفية وتبني فكرة الإرهاب والمفخخات- والتنفع من الوضع القائم الحالي، فتحولوا بذلك إلى تجار حروب بفعل عوامل الأنانية والإثرة وغسيل الأموال بعد أن خانوا ضمائرهم وشعبهم الذي أوصلوه إلى هذا المصير المزري، بعد تواطئهم مع داعش والقاعدة والمجيء بهما إلى هذه المنطقة، لتنفيذ خطط وأجندات اقليمية.

ووجود داعش والقاعدة في هذه المنطقة وعلى هذه الشاكلة، ادى وسيؤدي إلى تدني مستوى العلاقات المجتمعية والانسانية، ويؤدي حتما إلى تفكيك النسيج الوطني والأسري والعرى العشائرية، وسيولد عدة عقد بسبب العار الذي الحق ببعض العوائل المحافظة جراء نتائج رذيلة جهاد النكاح، فضلا عن عقد الشعور بإضمحلال الأمن والخوف من المستقبل المجهول، وظهور فتن واحن جديدة لم تكن بالحسبان وغير معهودة في المنطقة قد تؤدي إلى الاقتتال الأخوي والأسري، ربما تجر إلى حرب أهلية سنية-سنية لاسمح الله.

أحدث المقالات

أحدث المقالات