22 نوفمبر، 2024 3:47 م
Search
Close this search box.

جبهة الإنتظار والإصلاح الحسيني

جبهة الإنتظار والإصلاح الحسيني

يعيش المنتظِرون وبشغفٍ؛ في حالة ترقب دائم، وإنتظار مستمر إتصل فيه نهارهم بليلهم، وولع كبير، لقيام يوسفهم ومنتظرهم، بقية فاطمة إمام العصر والزمان (عجل اللّٰهم فرجه)، الذي وعد الله به الأمم، ليجمع به الكلم، حينها ستشرق شمسه على الدنيا وأهلها، ليُذهِب بها  الظلمة الحندس، التي عميت بها بصائر كثير من أهلها، بعدما أغرقوا أنفسهم في بحر ظلماتها، التي لا ترحم أبدا، والذي غاب عنهم؛ منذ أن خاب أمله، بإكتمال العُدّة من أنصاره ومقوية سُلطانه، مؤمنين به ومسلمين له أمرهم .
يعلم المنتظِرون أنه لن يقوم، ما دامت العُدة غير مكتملة، ولا الشيعة مؤهلين على إستقباله،  ناهيك عن حدوث العلامات الحتمية، عدّتهم كعدة جيش الإسلام في معركة بدر، توقف عليها أمر الله بنفسه، فلن يأذن لوليه المهدي، مالم تكتمل عدته، ستأخذ هذه العُدّة المكونة من 313 رجلاً و 53 إمرأة، على عاتقها نصرة المنتظَر، والقيام معه فور ظهوره، لينطلقوا معه إلى الفتح المبين، ليعلنوا عن تأسيس الحكومة الإلهية، ثورة كُبرىٰ التي يملأ الأرض بها قسطاً وعدلا، بعدما ملئت ظلماً وجورا .
إن مسألة تأهيل المجتمع؛ لإستقبال الإمام المنتظر(عجل اللّٰهم فرجه)، والتسليم له بما سيطرحه من نهج ودستور لقيادة الأمة به، لابد أن يستوعبه المجتمع الذي سيعاصره قبل ظهوره، وهذا التأهيل يحتاج وبشكل كبير؛ لثورة إصلاحية واسعة النطاق في المجتمع،  تبدأ من الأساس حيث نقطة الصفر إلى أن تصل القمة، من أصغر فرد مهما كان مركزه الإجتماعي، لتصل إلى أكبر فرد، ثورة تشمل جميع مؤسسات المجتمع، وإن تعددت دون تمييز، فكلهم مشمولون بالإصلاح ، وإن كانوا من الطبقة الراقية، ولا مجال للتساهل أو التسامح حتى .
وطريق الإصلاح؛ لابد أن يمر بالمصلح نفسه، ومن أهله وأقرباءه وأصدقاءه، ومن ثم إلى المجتمع بأكمله، فإن لم يصلح المُصلِح نفسه، وكان يدعو الناس إلى الطريقة الصحيحة، عُدّ هذا الأمر نفاقاً ورياءاً، وكان بمنزلة الكاذب على الله (عَزَّ وجل) والمشرك به، فلابد من إصلاحه نفسه بالأول، والتمكن منها والسيطرة عليها، حتى يكون قادراً على إصلاح غيره .
من بعد هذه الحرب، التي جرت داخل نفس المُصلِح، والإنتصار الباهر الذي حققه، بعدما نجح في الجهاد الأكبر، حيث تغلب على القوى الشريرة التي أرادت أن تأخذ بيده إلى الضلالة والإنحراف الخُلقي، وإن هذا الجهاد، أي الجهاد الأكبر؛ فُضِّل بكثير على الجهاد الأصغر أو جهاد القتال والدفاع وما شاكل ذلك، لآن وبالإمكان للمُصلِح، أن ينهض بمشروعه، ليبدأ من أسرته فأصدقاءه ومن ثم مجتمعه، ولا يغفلن عن أمر، ألا وهو أن الإنسان في حالة جهاد دائماً، فلا يُعرف متى يشنُّ جيش الشيطان هجومه، فليحذرنَّ ولا يستهين به .
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من أهم ركائز الإصلاح المجتمعي، فمتى ما أُمِر الناس بالمعروف، وسعوا لتحقيقه، وحيث لابد أن يرافقه نهي عن المنكر، وتعاضد أبناء المجتمع على تركه وزجر من يفعله، سيكون المجتمع في صلاح وخير .
فإنتظار صاحب الزمان، لابد أن يرافقه الإصلاح دائماً، لإن أساس خروج الإمام المنتظر (عجل اللهم فرجه)، كخروج أبيه إبن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين الشهيد (صلوات الله عليه)، الذي لم يخرج أشِراً ولا بطراً وإنما خرج لأجل الإصلاح في أمة جده رسول الله، وهذه دعوة لجميع الناس الذي يبكون على الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، أن يعتبروا من ثورته الكبرى، وينطلقوا في ركبه من أجل الإصلاح، (وَ ما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْم وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ) .

 

أحدث المقالات