” قد ” يخالُ او يستنتجُ البعض من هذا ” العنوان ” أنَّ – الجبهةَ غير المرئية – تتعلّق بجوانبٍ مخفية من الفسادِ والإفسادِ المستشري في نواحٍ عدّه , سواءً من جوانبٍ ماليّة ضخمة او اداريةٍ منتشرةٍ في مفاصل الدولة , وينسحب
الأمر على مؤسساتٍ أمنيّه او عسكرية وما الى ذلك ممّا يضع العراق في مهبّ الريح , وما تؤديه في قضمِ بُنيةِ البلد , وهذا بالطبع استنتاجٌ وارد او نصف مشروع , لكنه ليسَ بيتَ القصيدِ . .
الجبهةُ المراد مجابهتها عبرَ هذه الأسطر ” وليس بمجابهةٍ جبهويه ” هي جبهةٌ تستخدم وسائل الرؤية للتأثيرِ وحرفِ الرؤى .! , ومن دونِ مقدّماتٍ تمهيدية , فأنَّ الولوج الى قلب الموضوع يأخذنا وينقلنا الى مسألة < كبارِ مسؤولي السلطة وقادةِ احزابها + قنواتهم الفضائية + الصحف التي يمتلكونها > .! , وإذ على الإطلاق ” وبأوسعِ نِطاق ” سوف لن يغدو بمقدورنا أنْ نقترب او ندنو وثمّ نصل الى ايّةِ نتيجةٍ مفترضه حول ” مصدر ” المال الهائل لتكاليفِ استيراد او شراء تلك القنوات الفضائية العائدة لكبار المسؤولين , او ما هو الثمن الذي قدّموه مقابل إفتراض إهدائهم لتلكنّ القنوات منْ قِبلِ دولٍ ما .! وسنترك الإجابة النَصيّه على ذلك للتأريخ ” بالرغمِ منْ أنّ الكثيرين منّا يعرفون ويدركون ذلك ” المصدر ” , كما أنّ الله تعالى ستّارٌ ويسترُ العيوب , فسوفَ لا نتدخّلُ في هذا الشأنِ , والوقايةُ خيرٌ من العلاج .!
وَ عودٌ الى قلبِ الحدث , فلماذا يا ترى أنّ الساده – القاده في التحالف الوطني يملِكُ كُلاً منهم قناةً فضائيةً خاصّةً بهِ ” وليسَ كحزبٍ او تنظيمٍ واحدٍ فحسب , بل حتى على مستوى الشخص الواحد او القائد للبعضِ منهم ” , فأذا كانوا متحالفينَ حقّاً في حِلفٍ واحد و حَلَفوا اليمينَ عليهِ , فلماذا لاتكونُ كلمتهم واحدة في ” الإعلام ” بدلَ تشتيتها وتشظيتها ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمال .! لا سيّما وانّ المسألةَ اوسعُ وأقدم من التنافس على زعامة التحالف الوطني بعدما تخلّى عنها ” ابراهيم الجعفري ” لينزِل الى وزيرٍ بعدما كان رئيس وزراء العراق ايضا , وبهذا الصدد فأنّ الأمر يتجاوز الدعاية الحزبية والشخصية لهؤلاء , وليس من اليسير تفسيره , ولا بدّ من وضعِ علائمِ استفهامٍ أمامَه أو لنقل أمامَ الأهداف المرجوّه من وراءه .! , وذات الأمر ينطبق على الطرف الآخر او المقابل الذي تمتلك تنظيماته وبعض قادته قنواتٍ فضائيةٍ خارج وداخل العراق , ولا سيما انّ هذا الطرف هو الأكثر تشتّتاً وانقساماً .
إنّه بدونِ ادنى شكّ , فأنّ تعدد وسائل الإعلام وخصوصا وسائل البث الفضائي , وبشكلٍ خاص في بلدٍ مثل العراق يؤدي الى تشتيتِ الرأي العام و يملأ الأجواء بالغبار السياسي بل وحتى يشوّه مدى الرؤية لدى المتلقّي , وهذا المتلقّي الذي هو الجمهور يمنعون عنه ” بفضائياتهم المتعدده ” تشكيلَ صورةٍ ذهنيةٍ سياسيةٍ واضحة عمّا يريدونه هم ! وعمّا يجري على الساحة العراقية الشديدة الغموض , ولعلّ هذا هو ما قصدوه واستهدفوه الأمريكان منذ بداية الإحتلال تحت مسوّغ ” حريّة التعبير ” , وقد كانت لهم – الأدواتُ التنفيذيةُ – جاهزةً لتطبيقِ وتنفيذِ ما سُمّيَ ب : < حرية التعبيرِ > هذه , على الرغمِ من أنّ العديد من الأحزاب التي مارست وما برحت ضخَّ البثّ الفضائي او ما يُصطلح عليه ب : < تدفّق المعلومات > فأنها لم تكن تقصد تنفيذَ الأهداف الأمريكية , ولكنّ النتيجةَ واحدة بالطبع . الجانب الآخر من هذه المعضلة هو أنّ تلكم القيادات الحزبية ومن كلا الطرفين فأنها تفتقد الإدراك الإعلامي المطلق للتأثيرِ الذي يُحدثهُ إعلامهم المتعدّد ونتائجه السلبية , إذ كبلدٍ كالعراق وفي مثل ظروفه هذه , فكلّما تمّ تخفيض وتقليل اعداد القنوات الفضائية المحلية او الحزبية فيه , لكان التأثير على الجمهور اوسع , وهنا ينبغي الأخذ بنظر الأعتبار الأعداد الكبيرة للقنوات العربيه ووسائل التواصل الأجتماعي ومواقع الأنترنيت المتاحة أمام الجمهور, وهنا يكمن فنّ كيفية استمالة المتلقّي للألتفات لمشاهدة فضائيات الأحزاب العراقية هذه .
وحيثُ أنّ الطرح المطروح هنا ينطلق من إعتباراتٍ تتبنّى المنطق الإعلامي والسياسي من زاويةٍ خاصه تتعامل وتتعاطى بالساحة العراقيه دون غيرها ! , فأنه من اقصى درجات الأستحالة أن توافق هذه الأحزاب السياسية ” التي تتحكّم بالوضع العراقي برمته ” لتقنينِ وتخفيضِ اعداد وسائلِ إعلامها , ولسببٍ هو ليس السبب الوحيد ! وهو ما يتعلّق بالجانب الغريزي للدعاية السياسية والإعلامية الضيّقه ..!ئ