عشية أربعينية “كامب ديفيد” وبجرة قلم اهدى ترامب نتنياهو هضبة الجولان.
لم يقتصر سخاء الرئيس الامريكي المغرم بالاستعراضات؛ على التصرف بارض عربية،سورية.
وبحركة لا تختلف عن تصرفاته المثيرة المألوفة ، اهدى دونالد ترامب، رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتشي بالسرقة، القلم الذي وقع فيه قرار البيت الابيض الاعتراف بهضبة الجولان جزءا من الكيان الاسرائيلي. متجاوزا بكل وقاحة كل قرارت الامم المتحدة الرافضة لضم الجولان ولاحتلال اسرائيل للأراضي العربية.
في هذه الغضون، دمرت الصواريخ الاسرائيلية مبان ومقار حكومية، ومنشات أهلية في قطاع غزة، بذريعة الرد على صاروخ طائش ضرب شمال تل ابيب وأسقط جرحى وفقا للبيانات الاسرائيلية.
ومع ان احدا لم يتبن إطلاق الصاروخ اللقيط. الا ان الآلة العسكرية الاسرائيلية سارعت بالانتقام ،وكأنها تصوت مسبقا على اعادة انتخاب ” بيبي” لرئاسة الحكومة الاسرائيلية المتناغم مع اليمين العنصري في الدولة العبرية، وفِي الولايات المتحدة، وكلاهما رضيع الكراهية والاستعلاء والاستبداد.
الملفت ان اسرائيل، التي تمعن في ضرباتها الجوية والصاروخية على شعب غزة ،كل مرة، يحتاج فيها الساسة العنصريون الى إثبات كرههم للعرب،أوقفت بعد ساعات،إطلاق النار، وقبلت بمبادرة مصريةللتهدئة.
ثم عاودت غاراتها على القطاع في مناورة تبدو وكأن أطرافا مختلفة تشارك فيها سياسيا ووفق سيناريو معد سلفا!
وليس مستبعدا ان يكون فصيل فلسطيني مخترق، قام بإطلاق الصاروخ اللقيط للتشويش على بيع الجولان ؟!
واضح ان ” أعراض ترامب” اصابت عدواها،ليس “بيبي” فقط، بل ولاعبين اخرين في المنطقة، يتطلعون ايضا الى هدايا الرئيس الامريكي المجانية ويحرصون على الانخراط في لعبة عنوانها التفريط بالأراضي العربية، والاعتراف بسياسة الامر الواقع متجاوزين بمراحل، سخاء الرئيس المصري الراحل انور السادات،الذي افتتح قبل اربعة عقود موسم التنازلات العربية؛ وصولا الى محاصرة الفلسطينيين في بقعة من الارض؛جعلتها اسرائيل؛ حقلا لتجريب الاسلحة الفتاكة ومختبرا للتجويع والانتهاك والعسف والظلم.
يتبادل اللاعبون،الهدايا عشية أربعينية كامب ديفيد، احدهم يستقبل بفرح صاروخا لقيطا، لم يعترف بأبوته احد، فيرد بقصف عنيف لا يكترث لمن يسكن المباني.
ويتولى اخر، التدخل السريع؛للتهدئة ووقف إطلاق النار، بينما نتنياهو الملاحق بتهم الفساد، والملطخ بعار العنصرية؛ يقطع زيارته الى واشنطن ويعود مسرعا “بقلم الجولان” لإظهار مدى الحرص على “ضحايا” الصاروخ الطائش من غزة!
مسلسل استعراضات، الجامع بينها، عنوان واحد؛ الاستخفاف بالقوانين والمواثيق الدولية، وإلغاء دور الامم المتحدة، والخنوع لارادة الامر الواقع الذي تفرضه اسرائيل على العرب، دون بارقة امل في عودة الروح الى الجامعة العرببة التي تكتفي ببيانات الشجب المدبجة في أروقتها منذ عقود وفق كليشهات، يمزح الصحفيون العاملون في مقر الجامعة بالقاهرة انهم يحفظونها عن ظهر قلب، لتكرارها، ويدرجونها في تقاريرهم حتى قبل صدورها!
انها احداث تشبه “حفلة سمر من اجل خمسة حزيران” للكاتب المسرحي السوري الفذ الراحل سعد الله ونوس الذي افتتحت أعماله عصر الكوميديا السوداء في المسرح العربي الحديث.
تجسد المسرحية بمشاهد تتفجر سخرية مريرة ” الظاهرة الصوتية” لردود الفعل العربية ازاء التغول الاسرائيلي، منذ النكبة، مرورا بالنكسة، وليس اخرها جرات القلم الامريكي التي ألحقت القدس بالدولة العبرية وبعدها الجولان، وبينهما اغلب أراضي الدولة الفلسطينية الآخذة مساحتها بالتآكل، ليس بفعل العربدة الاسرائيلية الامريكية فحسب؛ بل وايضا، بفضل جرذ يقضم البيانات الصادرة عن المقر العتيق للجامعة العربية!