23 ديسمبر، 2024 2:46 م

جامعة هارفارد واالقرأن ومبدأ العدالة

جامعة هارفارد واالقرأن ومبدأ العدالة

طالعتنا الميديا بأن جامعة هارافارد الأميريكية ، أعتبرت القرأن أفضل كتاب للعدالة ، وأنقل ما كتبه أحد هذه المواقع بأختصار ، موقع البشائر ، في 20.01.2020 ( صنفت جامعة هارفارد الأمريكية القرآن الكريم كأفضل كتاب للعدالة ، وذلك بعد دراسات علمية مطولة
بحثت بشكل مكثف قواعد العدالة التي يحتويها القرآن الكريم ، وخصت بذلك النص التالي ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ
اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا، 135 / سورة النساء ) ، أنتهى . ووفق تفسير الطبري لهذه الأية ، أنقل شرح النص وبأختصار ( وهذا تقدُّم من الله تعالى ذكره إلى عباده المؤمنين به وبرسوله (1) أن يفعلوا فعل الذين سَعَوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر
بني أبيرقٍ أن يقوم بالعذر لهم في أصحابه ، وذَبَّهم عنهم ، وتحسينَهم أمرهم بأنهم أهل فاقة وفقر . يقول الله لهم: ” يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامين بالقسط” ، يقول : ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام بالقسط (2) =يعني: بالعدل=” شهداء لله ” .
تعقيب لبعض المواقع : ولكن بعض المواقع نقلت خلاف ذلك ومنها موقع سبوتنك عربي في 21.01.2020 ، حيث بينت التالي ( واعتمدت بعض المواقع
الرسمية الخبر المتداول / حول عدالة القرأن ، فبحسب ” دار المعارف ” ونقلا عن ” الموقع الرسمي للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ” فقد استشهدت لجنة التصنيف في جامعة هارفارد ببعض آيات القرآن الكريم في عمليات التقييم النهائي . ) ، ثم يكمل الموقع (
هارفاد لم تصدر أي بحث حول القرآن : أما قناة ” الجزيرة ” فذكرت أن جامعة “هارفارد” لم تقم بأي تصنيف للقرآن ، وأن الخطأ وقع بسبب قيام كلية القانون في الجامعة في عام 2013 بوضع سلسلة تحمل اسم ” سلسلة العدالة ” ووضعت الآية رقم 135 من سورة ” النساء
” / المذكورة في أعلاه ، على إحدى بواباتها ، واعتبرتها إحدى أقوى الدلائل على عدالة القرآن . وترجمت الجامعة الآية إلى اللغة الإنكليزية ووضعتها على البوابة الرئيسية لمكتبتها في كلية القانون ، وبحسب موقع الكلية في الجامعة فإن السورة تتعامل ” بشكل أساسي مع
التزامات ومسؤوليات المرأة في المجتمع الإسلامي ، لكنها تتناول أيضًا الميراث والزواج ، وأهمية الصدق في الشهادة ” لكن الجامعة لم تصنف القرآن كأفضل كتاب للعدالة . ونشرت العديد من وسائل الإعلام العربية خبر تصنيف الجامعة للقرآن كأفضل كتاب للعدالة ،
وحصل الخبر على استحسان الكثير من المتابعين ، لكن من دون التأكد من صحته . ) . كل ما سبق منقول حرفيا من المواقع .
القراءة : بداية أود أبين أن الخبر غير دقيق ، لأن الجهة التي تبنت الأمر هي كلية القانون ، ولم تقوم جامعة هارفارد بأي بحث أو
تصنيف بهذا الشأن ، حول عدالة القرأن ! ، وكل التفاصيل موضحة في أعلاه ، تساؤلي هنا هل من الممكن أعتبار القرأن أفضل كتاب للعدالة ! .. لأجله سأورد في التالي ، غيضا من فيض من أنه ليس من الممكن أعتبار القرأن بأي حال من الأحوال كتابا له شأن في
العدالة أو المساوات ! ، وذلك من خلال عرض بعض النصوص التي تقاطع مبدأ العدالة : أولا – النص القرأني ليس فيه عدالة ربانية أصلا ! ، لأنه يظهر الله بالمعذب ولا يظهره ب ” العادل ” ، وهذا
موضح في النص التالي ” إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) / سورة النساء ” ، جاء في شرح هذا النص وفق الطبري ، التالي ( – حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن
الأعمش ، عن ثوير ، عن ابن عمر: ” كلما نضجت جلودهم بدّلناهم جلودًا غيرها “، قال : إذا احترقت جلودهم بدّلناهم جلودًا بيضًا أمثالَ القراطيس . – حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: ” إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارًا
كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرَها “، يقول : كلما احترقت جلودهم بدّلناهم جلودًا غيرَها ) . ثانيا – ان القرأن يصنف البشر بطريقة غير عادلة ، فمنهم مسلمين والباقي
كفار وجبت عليهم الجزية ! ، وفق النص التالي ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ / 29 سورة التوبة ) .
ثالثا – هناك أجحاف كبير بحق المرأة بالنسبة لتوزيع الأرث ، لأنه يمنح الرجل ضعف حصة المرأة ، وذلك وفق النص التالي ” يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ … إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)سورة النساء ” .
وكذلك بالنسبة للشهادة ، فشهادة أمرأتين تعادل شهادة رجل واحد ، وذلك وفق النص الأتي ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى / سورة البقرة ) ، ويعلل ذلك المقسرين بما يلي
( وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِإِشْهَادِ امْرَأَتَيْنِ لِتَوْكِيدِ الْحِفْظِ ; لأنَّ عَقْلَ الْمَرْأَتَيْنِ وَحِفْظَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ عَقْلِ رَجُلٍ وَحِفْظِهِ ./ انظر إعلام الموقعين ج1 ص 75 – نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) ، وهذا غير مقنع ! . * كما أن رسول الأسلام يصف المرأة بأقذع الأوصاف ،
حيث قال « يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ » فَقُلْنَ : وَبِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: « تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ » / هذا ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما صحيح البخاري
(1/68) ، صحيح مسلم (1/86) واللفظ للبخاري بسنده عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ – نقل من موقع الأئمة الأثنى عشر . رابعا – القرأن وفق نصوصه حلل السبي أو ملك اليمين ، وفق الأية
التالية ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين / سورة المؤمنون ) ، والسبية : ” هي تلك المرأة التي وقعت في الأسر والتي تم أسرها في أرض المعركة سواء بقتال أو بدون قتال حتى أنها إذا كانت تقاتل مع الرجال أي
محاربة جاز للأمام أن يقتلها أو يسترقها أو أن تقوم بفدية نفسها بالمال ، ويجوز له في تلك الحالة الاستمتاع بها مثل زوجته وذلك دون غيره من الرجال الآخرين وذلك يكون من غير أن يعقد عليها أو يقدم لها مهراً أو شهوداً ” ..

* الحكم بعدالة أو بتقييم أي كتاب لا يتم بأختيار نصا أو مقطعا منه ، العدالة مضمون وبنية ومفاهيم للكتاب بمجمله ، خاصة في كتاب / القرأن ، مصادره التي نهل منها متعددة / اليهودية والمسيحية ومن قيم الجاهلية قبل الأسلام وغيرها ، وأن أي تقييم لأي كتاب لا
يعتمد على أستقطاع نصوص مجتزأة منه ، بل يجب النظر للكتاب بكل ما قدم من قيم للبشرية ! .