لاقى قرار فصل اربعة من طلاب كلية القانون / جامعة القادسية بناءً على الأمر الإداري المرقم 382 في 24 نيسان الجاري ، إدانة واستنكار المنصفين من اهل الفكر والرأي على الصعيد المحلي ، نظراً لعدم ملائمة العقوبة مع الجُنحِ المزعوم والمرتكب من الطلبة المفصولين ، اللذين هتفوا : إيران بره بره …
إحتجاجاً على استضافة الشيخ ( قيس الخزعلي ) ، مما دفع عناصره المرافقة الى إطلاق النار في الهواء ، لإخافتهم وإثارة الرعب فيهم .
تأسيساً عليه إتسعت الحملة الشبابية في الأوساط الطلابية لمختلف جامعات وكليات ومعاهد القطر ، للمطالبة بالغاء قرار عمادة الجامعة ، المُتَسِم بالظلمِ والإجحافِ ، والتسريع بعودتهم الى مقاعدهم الدراسية .
شخصياً لا استغرب تباري العميد واعضاء هيئته التدريسية في تبجحهم الذليل المفرط والمتداعي بكيلِ المديح للمُعمم ” الخزعلي ” زعيم ميليشيا العصائب ، وإضفاء صفة الحصانة عليه وكأنهُ مُنَزَّل ، نظراً لما شهده العراق منذ نيسان 2003 ، لقلبٍ مُتعمدٍ في موازين القيّم والفضيلة ( ترهيب وترغيب ) .
وليس اكثر نفاقاً ساذجاً لاهجاً من ان يقوم احد الاساتذة بدعوة رجل دين لايمت بصلة للدروسِ العلمية والإنسانية التي تختص بها كلياتها ، مُحاط ٌ بالعشرات من عناصر الحماية المدججين بالسلاح ، ليُحاضر ويُنظر في مكان يُفترض انه صومعة علمية لها حُرمتها التي لم تشهد انتهاكاً وتدنيساً منذ جلاء الإحتلال البريطاني عن العراق وانتهاء وصايته عليه .
لعلَ الكثير منا شاهد (( الفديوهات والأفلام )) المُسربة عبر وسائل التواصل وبرنامج ال (( واتس آب )) ، لحيّثيات الحادثة وتداعياتها . المُهيلُ بين تلك المشاهد ، هو الاسلوب والطريقة التي ظهرَ فيها احد الأساتذة اثناء التحقيق مع احد الطلاب في القضية موضوعة البحث ، وتقمصه لدورِ شرطيّ الأمن دون ادنى شعور بالخجل من مكانتهِ العلمية والتربوية ، التي تُحتم عليه تَفَهُمِ موقفِ طلابه المحتجين ، بدلاً من إهانتهم وإذلالهم ، في محاولةٍ بائسة للحصول على إعتراف عن الجهة التي دفعتهم للتعبير عن مواقفهم الوطنية الشريفة .
ولاشك ان هذا الاسلوب البوليسي التسلطيّ الشاذ الذي إتسم به الأساتذةُ المحققون ورئيس الجامعة ، يعكسُ حالة التدني والتدهور القيّمي والأخلاقي لأولئك الأكاديمييون ، والمعطوف بدوره على انحدار المستوى العلمي والثقافي للتعليم العالي في العراق .
إذاً لاغرابة حينما تُصدر منظمة اليونسكو ، توجيهاً دولياً في عدم إعترافها بشهادات التخرج العراقية لحقبةِ مابعد 2003 ، على الرغمِ من مساعيها وحثها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، لإعادة تأهيل النظام التعليمي بكافة مستوياته وتحسين قدراتها في التخطيط والإدارة .
ولابد من الإشارة الى ان الهجرة غير المسبوقة للأدمغة والألبابِ نتيجة شمولها بقرارات الإجتثاث والحظر سيئة الصيت ، ساهمت بشكل كبير في إحداثِ فراغٍ ، ليس بوسع العقول التي تَفصُل طلاب لمدة سنة دراسية كاملة للعام الدراسي ( 2016 ــ 2017 ) على ان تُحتسب سنة رسوب ، اقول ليس بوسعهم ملء هذا الفراغ والتعويض عن اولئك العِظام فكراً وعلماً وسلوكاً ، واللذين يعيشون على الكفاف في دول المهجر .
ومن هنا فعلى الدكتور عبد الرزاق العيسى وزير التعليم العالي ، ان يمارس صلاحياته في الغاء قانون انضباط الطلبة رقم 160 لسنة 2007 وتفعيل العمل بتعليمات الإنضباط رقم ( 19 ) لسنة 1989 ، إذا ما ارادَ النهوض بمستوى وزارتهِ حفاظاً على ماتبقى منها في ظلِ تسلط المعممين الجهلة وإستباحتهم لحُرُماتِ الجامعات والمعاهد وتقويضهم لإستقرارها الأمني ونشاطها المُعتاد ،
إذ لم نشاهد يوماً وعلى مدى سنوات دراستنا الجامعية في بغداد ، أيُّ مظهر
مما نشاهدهُ اليوم من مظاهر عبث المليشيات المسلحة في أروقتها وتدخل احزاب السلطة في شؤونها ، حتى أضحَت عملية الهيمنة والتَحكُم في إداراتها موزعة بالمحاصصة ، فتجد كل فصيل مسؤول عن كلية ومعهد ، تخضع رئاستها لإملاءاته التي تُحتم عليها سلوكا ً بوليسياً بأمتياز .
حفظ الله العراق والأمة .