18 ديسمبر، 2024 8:18 م

جارتنا “حايط على حايط”.. ولكن!

جارتنا “حايط على حايط”.. ولكن!

قد يسميها بعضنا بارقة أمل، ويظن آخرون أنها تبشر بخير آتٍ وانفراج قريب، تلك هي الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي يلديرم الى العراق، إذ هي خطوة بالاتجاه الصحيح من المفترض أن تفضي الى نتائج تصب في مصلحة العراق، ولاسيما أن الطرفين -العراقي والتركي- عازمان -كما يبدو- على إنجاح هذه الزيارة. أما وجه نجاحها فيتبلور بالدرجة الأساس في القضاء على التنظيم الإرهابي “داعش” في المنطقة. ومن المؤكد أن تركيا لها دور مهم ومهم جدا، إن لم يكن بالقضاء فسيكون بالحد من تواجد وانتشار هذه العصابات، وكيف لا..! وهي الجارة المتاخمة للعراق، وهي وإياه كما نقول؛ (حايط على حايط). هذا اذا استثنينا النيات المبيتة في نفوس امبراطورها العثماني أردوغان، والتي تدفعه الى تحقيق حلمه في إعادة الهيمنة العثمانية على “ألوية” العراق، وأولها “لواء” الموصل.
ولو احتسبنا أن المصلحة متبادلة بين الطرفين، فإن مصلحة الجانب التركي تكمن في إيقاف نشاط حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من أرض العراق قاعدة لتحركاته ضد تركيا، وهذا ما قاله يلديرم لرئيس وزرائنا العبادي، حيث أشار الى استعداده لتقديم اي نوع من الدعم ضد المنظمات الارهابية، المتمثلة بما يسمى “الدولة الاسلامية”، وقطعا ما هذه الخطوة إلا لضمان قيام السلطات العراقية بإخراج “حزب العمال الكردستاني” من أراضيها في شمال بلدنا، فالعمال الكردستاني يؤرق تركيا بين الحين والآخر.
وطلبات يلديرم حتى اللحظة سليمة ولاغبار عليها، وكلامه كما نقول: (حچي معدّل). ولكن..! ماذا لو عدنا بالزمن قليلا الى الوراء..! أليست هي تركيا ذاتها وحكومتها عينها ورئيسها نفسه الذين خططوا لبناء سد (أليسو) على نهر دجلة في منابعه من الأراضي التركية؟!
أليست هي التي قررت البدء بخطة إملائه على نهر دجلة منتصف العام الجاري 2014، دون أن تزود العراق بخطة الإملاء بالرغم من مطالباته العديدة لتزويده بها، مع علمها أن 56% من موارد العراق من نهر دجلة تأتي من الأراضي التركية، وبالتالي فإن بناء السد سيتسبب بنقصان مياه نهر دجلة بشكل يؤدي الى تناقص المساحات الزراعية وزيادة المساحات المتصحرة؟!.
أليست هي تركيا ذاتها التي سمحت للأكراد بتصدير النفظ المستخرج من الأراضي العراقية، المتمثلة بإقليم كردستان العراق، دون علم الحكومة المركزية في بغداد؟!
أليست هي تركيا ذاتها التي تأوي الهاربين المدانين بقضايا إرهابية من القضاء العراقي، وتحميهم وتوفر لهم الغطاء الآمن لعقد مؤتمراتهم هناك، والتخطيط لإسقاط العملية السياسية في العراق؟!
أليست هي تركيا الوسيط في تسريب عناصر العصابات الإرهابية الى الأراضي السورية، مع علمها المسبق بالتفافهم منها الى الأراضي العراقية؟!
فهل بإمكاننا القول أن فتح تركيا ذراعيها للعراق في هذا الظرف هو “صحوة” ضمير؟ أم هي حياكة جديدة لمخطط جديد يغازل به أردوغان العبادي لمآرب أبعد مما تبوح بها التصريحات! وفي الحالتين على رئيس وزرائنا استحضار أبيات للإمام علي (ع) يقول فيها:
والقَ عدوك بالتحية لاتكن
منه زمانك خائفا تترقب
واحذره يوما إن أتى لك باسما
فالليث يبدو نابه إذ يغضب
وذر الحقود وإن تقادم عهده
فالحقد باقٍ في الصدور مغيب
[email protected]