خمس دورات توالت ، على جائزة الابداع العراقي التي اطلقتها وزارة الثقافة ، منذ العام 2015 وقد شملت جائزة العام 2019 التي جرت مراسمها في 18 من الشهر الحالي، عشرة حقول هي (الشعر ، القصة القصيرة ، النقد الادبي، الثقافي، النص المسرحي، النحت، الخط العربي، ادب الاطفال ، التأليف الموسيقي، الترجمة الادبي ، الفلم القصير) وقد حجبت الجائزة عن الحقل الاخير لأسباب فنية ..
واللافت ان الجائزة كانت ذكورية بامتياز ، فلم نجد اثرا لأبداع نسوي، حيث غابت المرأة .. وعسى ان يكون هذا الغياب خيرا .. فألى الفائزين بالجائزة التهاني والتبريكات.
حفل التوزيع ، وآلياته ، الذي شاهدته من على شاشة التلفاز ، لم يتناسب مع عبارة ( جائزة الابداع ) فمن المعروف ان لمثل هذه الجائزة ، طقوسا ، يتسيدها الفرح والحبور، لاسيما ان الجائزة شملت مناح عديدة من الوهج الثقافي، وهي تعبير عن منهج حياة متعدد الجوانب، الجانب الأكبر منه لابد أن يكون مفرحاً هادئاً ، فالإبداع بدايته تفاؤل ونهايته فرح ، لكن ان غابت ثقافة الفرح انقلب الامر للضد فجأة ، وأصبح تصرفاً روتينيا ، اشبه بأسقاط فرض لا غير ، من حيث المظهر والجوهر، وبصراحة اقول انني لمستُ حضورا كئيبا ، غير متفاعل مع الحفل ، وشاهدتُ عشرات من الحضور يتلفت ، باحثا عن كرسي ضمن طاولات متلاصقة غير منتظمة ، بضيافة فقيرة ، فيما العرف البروتوكولي يقول ان لكل مدعو مكانا ، يعرفه القائمون على الاستقبال .. وهناك ملاحظات عديدة حول التقديم ، واسلوبية منح الجائزة ، يطول الحديث عنها، وربما للقائمين على الحفل اعذارهم التي لا نعرفها ..!
في هذه العجالة ، اشير الى ضرورة ان تقوم الوزارات والمؤسسات والدوائر ، بالمشاركة في دورات تخصصية لمن تختارهم من موظفيها في العلاقات العامة ، لفهم دورهم في عكس نشاطات دوائرهم بمختلف الفعاليات بأبهى صورة ، فالعلاقات العامة ينبغي ان تمثل واقعا سليما ، وان لكل فعالية ، مقاما وفعلا وتحضيرا، لابد أن يدعم بالخبرة ، والفهم الواعي الجميل ، فإذا كنا لا نلوم دائرة فرعية ، حين تقوم بفعالية بسيطة للتعريف بنشاطها بإحدى المحافظات ، فأننا نلوم بمحبة وحرص ، وزارة الثقافة ، حينما تقوم بفعالية رئيسة ، مثل جائزة الابداع في العاصمة..
واجد من المناسب ، ان استجلب من ذاكرتي ، حالة عشتها قبل عقود من الزمن ، تدل على اهمية وجود كوادر مدربة في مجال العلاقات العامة .. ففي العام 1987 كانت نقابة الصحفيين العراقيين مدعوة لحضور فعالية اقامها اتحاد الصحفيين العرب في القاهرة ، وكنتُ احد اعضاء الوفد العراقي ، وصادف ان تأخرت الطائرة التي اقلتنا الى مصر، في الوصول لمدة زمنية ، وطلب الينا من كان في استقبالنا ، ان نتوجه الى القاعة الكبرى ، في فندق ” سمير اميس ” الشهير الذي افتتح في ذات العام ” 1987 لحضور الفعالية التي دعينا اليها ، وفعلا وصلنا متأخرين بحوالي ساعة ، ودخلنا القاعة الفخمة ، فأستقبلتنا سيدة ، بابتسامة جزلى ، مقرونة بتكرار كلمة ( الحمد لله على السلامة ) وصحبتنا الى طاولة عليها عبارة ( الوفد العراقي ) ، مزدانة بباقة ورد طبيعية ، كبيرة الحجم ، وما ان جلسنا حتى استمعنا الى صوت مذيع الفعالية ، وهو يرحب بنا، وبالأسماء ..
ما احوجنا الى موظفي علاقات عامة .. رأسمالهم الابتسامة والوجه الصبوح !