23 ديسمبر، 2024 6:31 م

ثورتكم يا سيدي يا حسين  ..يتجدد كل عام بثوب جديد

ثورتكم يا سيدي يا حسين  ..يتجدد كل عام بثوب جديد

بعد مرور كل هذه القرون الزمنية الطويلة على ثورة الحسين عليه السلام  بوجه الظلم والظلالة ، بقيت الى الآن تجدد نفسها كل عام بثوب جديد وسط اجواء لم تشهد لها كل المناسبات الدينية في العالم مثيلا في الكيفية التي يتذكرها انصاره ومحبيه ، بل وكيف يجددون العهد على المواصلة في طريقه التحرري للخلاص من التبعية والطغيان ، بمعنى ان ثورة اخلاقية  بهذا المستوى كانت تحمل في طياتها كل المبادئ الانسانية ، وحين قامت منذ ساعاتها الاولى وجدت لكي تبقى تجدد نفسها بنفسها على الحان بطولتها الحسينية لكي تستمر الاجيال من بعدها تمضي نحو اهدافها بعزيمة واصرار اكبر  نحو الاصلاح الفكري و العدل الاجتماعي ، ..
لقد توهم الذين اتفقوا على محاربة ابا عبدالله الحسين عليه السلام   ، ان الانتكاسة التي سيصيب آل البيت الرسول في منازلتهم لقوى الشر والرذيلة في معركة الطف  ستضع حداً امام دعوات الروحية الصادقة لاتباع الحسين من بعده ،  خصوصا وان دواعش ذلك الزمان الرديء والفاسد قد مارسوا الهتك والتمثيل بالشهداء ، وانتهكوا مبادئ الحرب والسلم    دون ان يدركوا بشاعة فعلتهم الدنيئة التي تخطت كل المعايير حتى غدت بعد قرون من حدوثها  انها كانت وستبقى وصمة عار تطاردهم  في ظرف كل زمان ومكان ، بمعنى ان ابا عبدالله الحسين عليه السلام كان على معرفة من نتيجة معركته الشريفة مع الخارجين على طاعة الله ورسوله ، و لم تكن على قائمة اهتماماته الجانبية بل كانت الاهم هو اشعال فتيل ثورته ووقوفه جهرا بوجه من يدعون الاسلام زورا وبهتاناً بل ويخططون لتمزيق صفوفه وزرع الشبهات حول احقية اهل البيت بالخلافة وابعادهم عن الواجهة املاً بالاستحواذ على مقدرات المسلمين ، واشاعة البدع الجاهلية والترويج لها على اسس مجردة من القيم الاسلامية النبيلة التي جاء بها الرسول عليه افضل الصلاة والسلام ..
لذلك فان الصرح الجهادي الكبير الذي اعتلاه الحسين عليه السلام قبل ثورته وبعدها قد اشعل روح الجهاد في قلوب المؤمنين بالحق ليجدد به رسالة جده الكريم التي كانت تواجه خطرا حقيقيا من قبل يزيد ومن ولاه على نهجه الشرير ، واتخذوها وسيلة للتسلط والبغي والعدوان ، بمعنى ان سيدنا الحسين عليه السلام  كان على وعي وادراك بان تلك الحفنة الضالة عن طريق الهدى ستصيبها اللعنة الدائمة ، وان ثورته التحررية ستبقى مدرسة نضالية حتى وان اصابها سوء  ، سوف يستمد منها الاحرار قيم البطولة والفداء والدروس والعبر التي تغذي قواعد البناء النفسي والفكري لدعاة الحرية والكرامة الانسانية …
هذا هو غيض من فيض مشاعرنا واحساسنا بثورة لم نشهد تفاصيلها ولم نعش زمانها ، ولكننا متيقنون تماما ان الثورات العظيمة لن تموت ، بل قامت لكي تبقى ، وان حسينا عليه السلام الذي قاد سفينتها ، يستحق ان نكافئه بالهدي والالتزام بمبادئه الانسانية مع الأخذ بعين الاعتبار بانه كان يمثل بأيمان صادق كل الامم الواقعة تحت ظلم الجبابرة  والطغاة خير تمثيل ، وان   استمرارية ثورته العظيمة  وبقاءها في الضمائر والوجدان  تبقى مرهونة بكيفية تعامل أنصار الحسين ومحبيه ومؤازريه بحذر ما تخطط لها دواعش واداتها في هذا الزمن ، حيث الحاسدون والحاقدون على النهضة الثورية لمبادئ ثورة الحسين قد أعدوا العدة للوقوف بوجه تيارها الجارف ، والعمل بمباركة القوى الاقليمية التي خسرت كل اوراقها المزيفة بشان اسلامها المزيف على زرع الشكوك حول أهمية ثورة الحسين عليه السلام عند الكورد الذين احتضوا بكل حرارة ابان فترة النظام المقبور كل انصارها ومؤازريها في عقر دارهم مستندين بذلك على المظلومية المشتركة التي ورثوها جيلا بعد جيل ،  منها ما كانت اجهزة النظم القمعية تمنع الشيعة من البكاء على الحسين وانصاره من الشهداء ، ومنها ما كانوا يمنعون الكورد بها  من تسمية اولادهم بالأسماء الكوردية  ، أو حين كان التعاطف الكوردي الروحي والوجداني مع مظلومية الشيعة  يتحول الى تحالف عدائي في نظر النظام ورموزه ، ولا زلت اتذكر حين استدعاني دائرة أمن بغداد عن سر حضوري لبيت ابو حيدر رحمه الله ، ومشاركتي له في طبخ (الهريسة) ..؟؟ وما هي علاقتي بالحسين ويوم العاشوراء وانا كوردي…؟؟ ولكن قدرتي على الاجابة المقنعة قد فوت على المحقق فرصة اللف وتثبيت التهمة ، وخرجت منها سالماً…
 ولا زلت اتذكر ايضاً باية لهجة ثورية حكيمة اتخذ المناضل مام جلال قراره في منتصف التسعينيات بأهمية بناء حسينية خاصة بالشيعة بكل المواصفات العمرانية في مدينة السليمانية لتكون ملاذا لطبيعتهم الوجدانية وممارساتهم الدينية والمذهبية الخاصة باستذكار سيد الشهداء الحسين وثورته الانسانية العظيمة …
اذن .. وبما لا يقبل الشك ان ثورة الحسين التي نعيش هذه الايام ذكراها العظيمة معنيون بها جميعا كعراقيين بغض النظر عن التسميات القومية والدينية والمذهبية ، ومدعون من باب الحرص على روحية انتماءنا الوطني ان نجعل من يومها الخالد منطلقا جديدا لتجديد ما وجدنا انفسنا عليه من  ألفة واخاء وتأزر ، لنبقى نحن ويبقى العراق وطنا يجمعنا دون الم …وننظر جميعا بعين واحدة الى مآثر سيدنا الحسين عليه السلام في يوم ثورته الخالدة  على انه مصباح نور لهدايتنا جميعا وسفينتنا للنجاة …..