لكل ثورة سبب لا يخطر على بال احد وهو عادة ليس بالسبب الكبير ولا لاجله يتوقع احد ما ان تشتعل ثورة تطيح بكل النظام ولكن هذا السبب المباشر لاشتعال الغضب هو القشة التي تقصم ظهر البعيركما يقال.الاحتلال البريطاني فعل الكثير في اوائل القرن العشرين مما يستدعي الثورة ولم تنفجر الثورة الا بحادث عرضي باعتقال ابو الجون فانطلق غضب عشيرته ومن هذا الغضب اشتعل العراق من اقصاه الى اقصاه ولو ذهبت الى التاريخ وقارنت هذا الحدث باحداث كثر حصلت لانتابتك الدهشة لماذا يثور الناس لاجل ابو الجون ولا يثور لانتهاك حرمة مراجع وعلماء ابعدوا بطريقة مهينة علما ان الثورة قادها العلماء وليس ابو الجون.ثورة تونس انطلقت لاجل انتحار بائع متجول بطريقة مفجعة لا احد يعرف هذا البائع ولا سيرته وليس لهذا البوعزيزي اي سابقة في الاعتراض على الحكومة او النظام ولا اشتغل يوما بالسياسة ولا ربما حتى فكر في ذلك ولكن احتجاجه على قطع رزقه بهذه الطريقة اطاح بزين العابدين بن علي ولم تنفع كل خطاباته الاحتوائية ولا محاولات ايقاف الزحف الثوري.وهكذا لو تتبعت الثورات ستجد اسباب انطلاقها المباشر فيه الكثير من الغرابة ولا يتناسب مع الحدث التالي. وهذا الذي يحصل في العراق فبعد تفاقم الغضب وتوالي الحوادث المضحكة المبكية من ارجاع طيارة بيروت الى كيزر الفهداوي واخيرا نستلة الصغير وقبلها احداث كبار مفجعة من سقوط الموصل الغرائبي ونكسة حزيران العراقية الى مذبحة سبايكر التي سيذكرها التاريخ طويلا مرورا بانتفاضة القاعدة والمنظمات الارهابية على شكل تظاهرات في اكثر من محافظة بشعارات قادمون يا بغداد ويعاصر كل هذا فساد حكومي وفشل امني وبحر من الدماء بعدد لا يقدر على احصائه احد وخليط من ساسة في شمال البلد جاهروا بالتقسيم والانفصال فعلا قبل القول ومن آخرين كانوا اشد الناس حرصا على سلامة الارهابيين وحقوقهم ولكنهم ظلوا يعملون في الحكومة والبرلمان حتى اليوم ومن ساسة عملوا لذواتهم واحزابهم وعوائلهم بدعوى الدفاع عن المذهب ونتج عن هذا الخليط الثلاثي ازمة في كل شئ من الخدمات الى الانتخابات وهي اي الازمات اكثر من ان تعد او تحصى ومع ذلك لابد من القول ان اكثر الازمات خطورة كانت فقدان الهوية الوطنية وجعل الفساد ليس بظاهرة وحسب بل اصبح تقليدا اجتماعيا يسعى الكثير لبلوغه وان تحدث في الاعلام وغيره ضده حين لا يصل اليه ,كل هذا كان يشكل اكثر من سبب للثورة ضد النظام القائم والاطاحة به ولاجله قامت الاحتجاجات هنا وهناك ولكن هذه الاحتجاجات لم تبلغ مستوى الثورة ولا تقاربه ولا توحي بذلك اصلا بل كانت تميع بسهولة بالمال حينا وببعض الملثمين بهراوات واعتقال فلان واختطاف فلان وتعذيبهم حينا آخر.ساد الشك الكل من ان احدا سيقدر على هز هذا النظام المحاصصي الفاسد المتكأ على دول الاقليم وبعضهم اعتزل التظاهر في التحرير وغاب التظاهر في كثير من المحافظات وبدا ان كل شئ انتهى لصالح الفساد مرة اخرى خصوصا مع التهديد الامني الداعشي الذي اقلق الكثير ومنعه من المشاركة بالاحتجاج ولعل اكثر الفصول من الشعور بعدم الجدوى هو خطبة بح صوتنا وما تلاه من غضب مرجعي بمقاطعة للعملية السياسية وليس للسياسيين وحسب.فجاة وبلا مقدمات وبلا تحضير من ناشطي التحرير العلمانيين ولا دعوات الفيسبوك من خارج الحدود كما افعل انا ويفعل غيري ممن لا حول لهم ولا قوة وربما لاننا تعبنا من السجون السابقة فلم يبق لنا من الحول سوى اقل من الكلام وهو الجلوس خلف الكيبورد وايضا لا تحريض بغدادية الحمداني وخشلوكه الحالم بفرهود جديد يراكم ثروته كما حصل سابقا عندما اطيح بسيده واخذ الجمل وما حمل ولا شرقية البزاز التي يستأجرها من شاء مثل بائعات الهوى الا انها تبيع السم بدلا عن الهوى والمتعة.فجاة خرج طلاب الجامعات من السماوة ليطردوا سياسيا ليس بافسد الكل ولكنه واحد من اكثرهم اعتدادا بنفسه وليس اكثرهم اعتدادا فهناك غيره مما لا يخفى على احد اعتداده ولا اسمه وكانت شرارة لثورة طلابية عفوية شملت جامعة القادسية ,جامعة البصرة ,جامعة الكوفة ,جامعة كربلاء وجامعة المستنصرية.ثورة شعبية عفوية ستطيح بالمتسلطين الفاسدين وبالحالمين بالحلول محلهم ثورة هي التي ستقود التغيير لانها بلا اجندة حزبية انتخابية وبلا ايادي خليجية وسيبقى السبب اغرب من ان يذكر وهو ان الشهرستاني فكر يوما بزيارة جامعة المثنى ليبدء حملة انتخابية مبكرة.