في البدء ولكي يعرف المّطالع ماذا يقرأ الآن و من الذي يقرأ له فأنا لا يعنيني من هو الشيعي ومن هو السني او غيرهما ، فعندي -لمن يتابع ما اكتب- إيران ليست شيعية والذين يتخذونها مرجعا لهم في المذهب او في ازاحة المظلومية او في تشييع العالم الاسلامي او في إدامة مذهب “أهل البيت” فهو واهم أو يشاركها في الغاية ، أما الذي يتبعها ويؤيدها دون وعي او لأغراض قومية فارسية وإعادة الأمجاد الغابرة لما قبل الإسلام فانا اقول له نعم ناصرها وانت على الطريق الصحيح ،
من هذا أبدا التوصيف-برؤيتي-لما جرى في المنطقة وما سيجري بعلم الله وتحليل المعطيات ، إيران بعد سيطرتها على العراق بشكل كامل منذ عشرين عاما واستثمارها لثروات ثاني اغنى بلد في العالم وصرفها على تشييع افريقيا “صفويا” وتوسيع انصارها في باكستان وافغانستان ومحاولة التغلغل في المجتمع التركي عن طريق الديموقراطية السياسية هناك ودفع مرشحيها للبرلمان وفي المجتمع المصري عن طريق الملحدين والفنانين ، كل هذا وغيره كان الخط الثاني في اولويات ايران لخلق نفوذ اقليمي او عالمي من اجل اللعب مع الكبار باوراق مهمة وتسجيل حضور في المشهد الدولي كان عمر بن الخطاب الراشد رضي الله عنه قضى عليه لألف سنة في الماضي و صدّام الدكتاتور اوقفه لأربعين سنة في العصر الحديث ،
أما الخط الاول والهدف الاقرب والاكبر لإيران فهو الهلال العربي اي الحصول على الاحواز العربية -وقد تم- ثم العراق الكبير الغني ثم ربطه بالشام الاستراتيجية المهمة متضمنا لبنان تلاقيا مع نفوذ العدو الجديد والحليف القديم في فلسطين ، وصراع النفوذ هذا بين الدولتين -العريقة في التاريخ الممحوة في الاسلام “فارس” والاخرى العريقة في الدين الهجينة في المجتمع الدولي “اسرائيل”- لم يترك محلا للصداقة والحلف الذي هدفه العرب والاسلام ، وصراعه اختلاف الايديولوجيتين “الدينية والقومية” فالمجاملات لا تكون على حساب الطموحات .
ولأن العرب هم الأمة الوحيدة على الأرض التي لا طموح لها ولا خطة لديها منذ ان غادرت الاسلام واتخذت قادتها الضعفاء التافهين اصناما تعبدهم ، فان الامم من حولنا ترسم لمستقبل دولها وابنائها ونحن نرسم لمستقبل بناتنا في الزواج وابنائنا في الإنجاب ، ونبدع في حفلات الرقص ومهرجانات الجونة والرياض وقرطاج وجرش وعيون بغداد ،
فكانت ايران قد قطعت شوطا كبيرا بمعاونة بشار وابيه للتغلغل في سوريا واستنجدت بروسيا ضمن تفاهمات مصالح معروف ليكون لها اليد العليا هناك ، وكانت قاب قوسين من تحقيق حلمها الاكبر بعد ان سيطر حزب الله على لبنان والمليشيات الاخرى على سوريا والعراق مستتب امن على مايشتهون ، فجاءت الصعقة الكبرى بتدبير الله مرة اخرى وليس بتدبير العرب ولا بدهاء تركيا ولا بضعف ايران ، وانما لتغيرات كبرى طرأت في المنطقة بين ليلة وضحاها من موضوع محاصرة غزة ومصلحة اسرائيل وقدوم ترامب وتفضيل روسيا لنفوذ اوكرانيا على قاعدتها ومطارها في سوريا ، وتلقف تركيا للفرصة التي كانت تنتظرها بشغف عشر سنوات من قبول ملايين النازحين السوريين والدعم اللوجستي للثورة خوفا من تمدد الكرد السوريين على غرار الكرد العراقيين واقامة دويلة مجاورة تؤثر على الكرد الاتراك ،
كل هذا التقى بشكل عاجل وكبير لدرجة ان سحق المصالح الايرانية والمؤامرات الخليجية ضد السوريين جاء دون رحمة ولا التفات ولا حتى استماع ، فانكسر الهلال الفارسي المرسوم وصمتت ايران على جراحها واعادت الباكستانيين المسلحين والعراقيين والافغان ، وتنتظر قرارات اخرى قد يتخذها المنتصرون في الثورة من اعادة الديموغرافيا السورية القديمة واعادة المستوطنين الايرانيين ، فعندما يكون الامر متعلقا باسرائيل والهدف الغربي والمسيحي والاوربي في الشرق الاوسط فان مطالب واحلام ايران تصبح لا قيمة لها عند الامم الكبرى ،، ولا اعتبار .