22 نوفمبر، 2024 8:07 م
Search
Close this search box.

ثورة الوعي

يقول الكاتب الامريكي سي رايت ميلز :” كل ثورة لها ثورة مضادة ، وهذه علامة على ان الثورة حقيقية “…ونحن نقترب من ذكرى ثورة الامام الحسين (ع) على الظلم وانحراف الاسلام عن مساره وجدت هذا القول مناسبا لأحاول التذكير بان ثورة الحسين كانت وستظل حقيقية ، ولهذا السبب ظهرت لها ثورة مضادة تمثلت في تشويه معالمها واهدافها الحقيقية والقيم الكامنة فيها بممارسات بدأت تزداد مبالغة يوما بعد يوم ..
ولأن الثورة العظيمة تساعد في تغيير مصير أي مجتمع وقد تساعد على احداث تغيير في مصير البشرية ، فنحن بحاجة اذن الى ان نعرف الكثير عن هذه الثورة ..نحتاج الى رجال دين لايعملون فقط على استدرار عاطفة الناس فيتعكزون على المظلومية ويلجأون الى التباكي على استشهاد الحسين الذي يمثل درسا للاجيال بل يعمدون الى تنويرهم واستفزاز المناطق الانسانية فيهم بالحديث عن معاني الشهادة وعن قيمة الثبات على المباديء والسعي الى التغيير التي قادت الحسين الى الاستشهاد املا في تغيير مصير مجتمعه ورغبة في تغيير مصير البشرية فيما لو حاول من تبعه لاحقا ان يفهم الدرس جيدا وان يقاتل من أجل القيم العظمى وينشر المباديء السامية التي نادى بها وضحى بنفسه واهله من اجلها ..
مؤخرا ، أصدر رئيس شرطة العاصمة طهران بيانا قال فيه ان الشرطة ستضرب بيد من حديد على كل من يحاول اهانة العزاء الحسيني سواء بضرب ( القامات ) او بأي بدعة أخرى ..وهذا يعني ان فعل ( التطبير ) الذي يتخلل طقوس استذكار مناسبة استشهاد الحسين ومايماثله من بدع اخرى كضرب الزنجيل والتمرغ بالوحل والزحف على المرفقين وماالى ذلك هي اهانة لهذه المناسبة العظيمة من وجهة نظر الآخرين فلماذا لاتكون بالنسبة لنا – نحن اهل الحسين وتابعوه- فرصة عظيمة لتوعية الناس من فوق المنابر وتعريفهم بما يحدث في واقعهم ليقتدوا بمباديء الامام الحسين في رفض الفساد والظلم وليبذلوا جهودهم في تكريس كرمهم الذي يصل الى حد الاسراف لمساعدة الفقراء والمحتاجين فالناس لايحتاجون فقط الى كثرة الطعام بل الى سد احتياجاتهم الاخرى من سكن وعلاج وتحقيق احلام بسيطة يمكن ان تحدث فرقا لديهم ..
نحن ندرك جيدا ان المجتمعات تتغير وتتأثر تدريجيا بكل مايمر بها من انتصارات وكبوات وتاثيرات خارجية ، لذا يصبح الثبات على المباديء الاساسية في بناء المجتمعات من اصعب الأمور ، وقد تصبح الثورات العظيمة التي غيرت من قبل مصائر تلك المجتمعات مفرغة من معناها وفاقدة لفاعليتها لعدم تعاطي الجيل الجديد معها بل مع مايصله من قشورها على أيدي من يحاول تشويهها او يبالغ في ابعادها عن مسارها الصحيح ، لذا أعتقد بان كل جيل جديد يحتاج الى ثورة جديدة والثورة التي نحتاجها الان هي ثورة الوعي والتخلص من كل مايشدنا الى التخلف واللامبالاة والتقليد الأعمى دون تفكير وتبصر بما قد يحولنا الى أوان تستقبل فقط مايسكب فيها من تشويه بدلا من ان تنضح بالوعي والقيم الاصيلة ..

أحدث المقالات