قال ياقوت الحموي:﴿ ما رأيتُ بلداً أبْكَر إلى ذكر الله من أهل البَصرَةْ ﴾
وقال الأصمعي: سمعت الرشيد يقول : ﴿ نظرنا فإذا كلّ ذهبٍ وفضّةٍ على وجه الأرض لا يبلغ ثمن نخل البصرة ﴾
وقال الجاحظ:﴿ في البصرة ثـلاث أعجوبات ليست في غيرها من البلدان﴾.
وقال الفلاسفة والمناطقة: البصرة مركز إشعاع فكري وحضاري عبر السنين لكل العلوم والمعارف الإنسانية.
وقال خبراء الطاقة: البصرة ثروة نفطية هائلة تعادل ثروات دول مجاورة وهي تحتكم على أكبر احتياطي من النفط والغاز.
وقال علماء الاجتماع: البصرة وناسها يوصفون عبر سنوات القهر والرماد بسبب البيروقراطية والتسلطية والدكتاتورية وفردية العروش بأنها (دائرة معارف) الفقر بشتى أطيافه اللونية ، فهم سكان مدن الصفيح الذين يلتقطون مفردات رزقهم اليومي من أكوام النفايات ومهنتهم كما شاءتها لهم (حكومات القهر والظلم والإقصاء والعنصرية) أن يكونوا (حرّاساً لمملكتهم النفطية الهائلة وعرشها الذهبي الصولجان) ولكن لا يحق لهم حسب القوانين النمرودية والفرعونية والمحاصصاتية المعاصرة أن ينعموا بهذا الإرث الاقتصادي العملاق إلا فقط تصفّح (ملفات الأوراق الصفراء).
وقال المؤرخون: خُرِّبت البصرة على يد (الزنج) الذين قفزوا إليها من خارج أسوارها لزمن امتد لأكثر من 14 سنة من القرن التاسع الميلادي يشيعون الخراب والدمار والظلم والقهر والجوع ثم توالت عليها بعد ذلك النكبات حتى العصر الحديث وأصبحت حصتهم من مناجم ذهب مدينتهم الأسود الأمراض السرطانية حتى شاع مصطلح (خراب البصرة) ليشمل كل معاني الخراب في الأنفس والأموال والديار.
وقال السياسيون المُحْدَثون في العراق المعاصر: أهل البصرة لهم الطيبة والنخوة والشهامة والشجاعة والصبر الجميل لكنَّ حصتهم من أعثاق النخل الحشف البالي ومن ذهبهم الأسود الهجرة إلى مدن الصفيح وأعوام القهر والرماد.
وقال المفكرون: في البصرة نعمتان مفقودتان هما (الشبع والأمان) وكلاهما متلازمتان تقابلهما ثنائية تتربّع في النفوس هي (الجوع والخوف).
وقال الميثولوجيون: أسطورة غرق (التايتانك) سببها مومياء فرعونية قديمة كانت راقدة في تابوت من ضمن حمولة السفينة وقد أصابت لعنتها السفينة بكل ما تحمل من مؤونة ومعدات وبشر مؤدية إلى غرقها.
ما تلك إلاّ أساطير وخرافات أرادواها لتضليل العقل البشري. وهكذا فعلت الحكومات المتوالية في العراق المعاصر حتى الساعة في (البيت البصري) وبيوتات أخرى لتستمر الخرافات الأسطورية في قاموسه سنوات من القهر والرماد المرّ.
وقال علماء أنظمة الأرض Earth System Science ESS من المتخصصين في علوم البيئة والاقتصاد والجيولوجيا والمحيطات والاجتماع والفضاء إن التفاعلات الديناميكية للأغلفة الجوية والمائية والجليدية وبنيتها الحيوية والمغناطيسية هي العامل الرئيس وراء التأثيرات السالبة على المجتمعات البشرية وغرق (التايتانك) عام 1912م وهي السفينة العملاقة العابرة للمحيطات التي كانت مبحرة من ميناء ساوثامبتون جنوب بريطانيا إلى نيويورك عبر المحيط الأطلسي وعلى متنها 2223 مسافراً بطاقم يبلغ حوالي 885 شخصاً غرق من المجموع الكلي حوالي 70 % بأقل من ساعتين ونصف وهي بكتلتها الضخمة التي تبلغ أكثر من من 5200 طن وبطول حوالي 270 متراً وعرض يزيد على 27 متراً.
أمّا سياسيو العراق المعاصر ومريدو الأحزاب والكتل فإنهم يتعاملون مع الظواهر المجتمعية بديمقراطية قشرية ورؤيا باهتة الألوان ومع هتافات المتظاهرين بفيزيائية أصوات الحناجر الملثمة دون أدنى تحليل منطقي للغايات والوسائل وما ترمي إليه السياقات العنقودية في أحاديث المشاركين وعرضها على خبراء المنطق والاجتماع والمستشارين التكنوقراطيين للوصول بها إلى أهداف مؤسساتية مدنية.
التظاهرات في منظور الدولة العراقية المعاصرة حالة تعبيرية طارئة تبدأ وتنتهي كأية ظاهرة بعيداً عن تحليل مقتنياتها.
وقال علماء المحيطات: بلغت كتلة الجبل الجليدي الذي أغرق (التايتانك) مليون وخمسمائة ألف كيلو غرام بعد أن توحّدت ذراته الثلجية المتناثرة هنا وهناك إلى بعضها في زمن يمتد إلى ما يقرب من 3 آلاف سنة لتتسبب في تحطيم سفينة عملاقة تستهلك أكثر من 600 طن من الوقود يومياً وهي في طريقها إلى نيويورك.
إنّ دول المؤسسات العالمية بتكنوقراطييها وخبرائها ومهنييها تولي الظواهر الحياتية أهمية قصوى تتبع مصادرها ومساراتها وتحللها بعمق لكي تبدع القوانين والأنظمة التي تحكم مسارها وتؤسس لدولة الإنسان.
وأقول هكذا تُسَوّق المعارف في الدول المتقدمة وتُفسّر الظواهر مؤسساتياً وديمقراطياً وليس (تظاهراتياً) كما تفعل الدول الحديثة العهد بالديمقراطية التي تركت شعوبها فرائس السرطنة في البلاد والعباد.
وأقول حطّمت (كرة النار) والذرات الثلجية الجلمودية المتماسكة أسطورة (التايتانك) محدثة كارثة قهرت غطرسة الإنسان الذي لم يحتكم إلى العقل المتوازن ويضع تصوراته في دائرة نظرية الاحتمالات الرياضية لكي لا يخسر جولاته في دورات الروليت المجنونة.
وأقول ثورة المظاهرات (بفلسفتها الديمقراطية) في دول العالم المتمدن المؤسساتية ظاهرة صحية 100% لتشخيص مواطن الخلل بغية الالتفات إليها وتصحيح مساراتها من قبل الحكومات الاتحادية. أمّا نحن بديمقراطية حديثة مستوردة نريد بناء المؤسساتية المدنية (تظاهراتياً) في ظل صراعات الإخوة الأعداء على ثروات الشعب أمام بوّابات مملكة النفط البصري.
وأقول من المؤكد أن التأسيس لثقافة التظاهر أمر في غاية المدنية والديمقراطية ولكن في بلدان تحكمها دولة مؤسسات حقيقة مبنية على أرض الواقع لها دستور متين وقانون وقضاء عادل غير مُسيّس.
أمّا الدول الحديثة العهد بالديمقراطية والمؤسساتية المدنية كالعراق المعاصر فالتظاهر يجب أن يدرس بعمق وأن لا ينظر إليه فقط من حيث قشرته الخارجية إذا أرادت أن تبني دولة مهيبة الجانب ذات مركزية رصينة ، خصوصاً ونحن نحتكم على خزين متراكم من ملفات الفساد المركب الذي يبلغ مداه عشرات الألوف دون أن يتحرك بها أدنى ساكن والمفسدون يمتهنون الروليت ويتفقسون كل ثانية عن أجيال رقمية فضائية تعبث بميراث الشعب على مرأى ومسمع من منصات الهرم الرئاسي ، والمحاصات تدور بأفلاكها جهاراً أمام الشعب الذي يعيش في فضاءات القهر والرماد والتصفيات والتهميشات والتسقيطات وعنكبوتية سياسيي الصدفة والحروب والأزمات وتعدديات الأحزاب وتشظيها التي بلغت أكثر من (أيام السنة الكبيسة) التي منذ ولادتها حتى الزمن الحاضر وهي تسعى بكل الوسائل المتاحة ولو اقتضت الضرورة أن تصعد على أكتاف مفاصل الهرم الحكومي خارج أسوار القانون من أجل تحقيق مكاسب ومغانم فردية فئوية ولائية وعائلية.
وأقول في دولة حديثة العهد بالديمقراطية وشعب لم يتعود ثقافتها منذ سنين حيث تعرض لسنوات من القهر والقمع واللا إنسانية وفجأة يصحو على (فسلجة الانترنت) و (اليوتيوب) ومنصات التواصل الاجتماعي ليتصفح العالم بجزيئات من الثانية بالصوت والصورة الحية وهو الذي فقد التواصل معه لعقود من الزمن المُرِّ ، وهذه التكنلوجيا التي فتحت أبواب العالم بمختلف أطيافها له الرديء منها وما أكثره والجيد دون حس رقابي حيث تلقفها هذا الشعب المهمّش وهام بها طولاً وعرضاً بسياحة ألكترونية مشاعة ، وهو الذي ورث الحرمان والإهمال والتردي والتسطيح والتشظي والقهر والبيع في أسواق النخاسة العالمية من قِبَلِ دكتاتوريات فرعونية مريضة حيث صادرت حرياته وميراث أجداده لسنوات طوال وحتى الزمن الحاضر تُرى ماذا تتوقع حكومات العراق المعاصر من هذا الشعب المقهور أليس هذه ظواهر جديرة بالتقصّي؟
وأقول لسنوات قد تمتد بـ(أرشيفاتها) إلى أعوام عدة يوم أسست مدنه وداراته دكتاتوريات لم تترك لهذا الشعب المقهور الذي يحتكم على ميراث عملاق (حضاري واقتصادي وفكري) الفرصة لاستثمار ذلك الإرث وتلك الطاقة بعد أن استفحلت (عصابات مافيا العروش والسلطة) وعرَّضت البلد وأهله إلى كوارث موتية ومنايا مختلفة لعدة عقود تاركة تأثيراتها السالبة على الأرض والإنسان والأجيال ، فأين هي الدولة المؤسساتية في العراق المعاصر التي يصطرع فيها (الغُرماء) أمام بوّابات (مملكة النفط البصري) محاصصاتياً؟
وأقول المظاهرات حالة ديمقراطية إنسانية مدنية متقدمة ولكنها في العراق المعاصر بحاجة إلى قراءة متأنية لهدفها الرئيس الذي دعت للخروج من أجله وما يختفي ورائها من أهداف جوهرية وأجندات مسيّسة.
هذه التظاهرات الأخيرة التي شهدتها البصرة في التاسع عشر من تموز عام 2019م مثّلت الديمقراطية المشوّهة المحاصصاتية والكتلوية الضيقة من خلال هتافات حناجرها ومفارقاتها الفردية وعشائريتها القبلية وطرائق تحشيدها وانقساماتها حسب التوجيهات الصنمية للأحزاب والكتل التي تتخفى وراء صريرها وتصريحات بعض مروّجيها.
وأقول 14 محافظة عراقية خرجت ـ كما أشاعوا إن صدقوا القول ـ بإيعاز رُعاتها ، ظاهرها يحكي (مظلومية شعب مقهور منذ سنوات القمع والرماد ونبذ المحاصصاتية) وباطنها يحكي عنفوانية فك القرش وفرعنته وتسلطه في دولة مؤسسات (بيوتات الأحزاب العراقية) الذين عاشوا أبهى صور الرفاهية والثراء الفاحش جهاراً خلال السنوات الـ16 الماضية من العرش العراقي المعاصر وكلها من ثروات هذا الشعب المقهور.
وأقول يطالبون بوزارات سيادية عملاقة من على أرض البصرة (مملكة الذهب الأسود) انطلاقاً تظاهراتياً مقصوداً وهي المدينة التي تطعم مفاصل الدولة العراقية من الشمال إلى الجنوب منذ زمان ولا زالت أشهى صنوف الأكل وتسكنه الجنائن المعلقة وتملأ خزائنه بأرقام مليارية خيالية لكنها منذ (خراب البصرة) في القرن التاسع الميلادي تعيش تحت مستوى خطوط الفقر في الطول والعرض دون أن يلتفت إليها صُنّاع القرار في الدولة العراقية الحديثة.
أهذه هي فلسفة التظاهر في الدول الديمقراطية أم أنها (ديمقراطية مخصصة) فقط للعراقيين الحيارى نتاجها مظاهرات مصنوعة مسيّسة حزبية كتلوية انتفاعية يلجؤون إليهاعندما تميل بهم كفة الميزان وتُغّيَّب مصالحهم فيعمدون لهذه التظاهرات من أجل الحفاظ على معادلتهم السلطوية.
ليس هكذا أيها الإخوة الأعداء وفنارات الأحزاب والكتل السياسية تكون فلسفة التظاهر في الدول المؤسساتية وصدق المثل العربي المشهور:
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
وأقول هل هذه التظاهرات هي طريق مخصوص لـ(كعكة العرش العراقي) أم هي دكتاتورية بجلباب ديمقراطي مفصّل بمقاييس أجندات مستوردة؟
وأقول لماذا المظاهرات على أرض البصرة (مملكة الذهب الأسود) أهو اعتراف بمظلومية هذه المدينة التي (خرَّبها الزنج) لأكثر من 14 عاماً فضلاً عن الكوارث الطبيعة التي أخذت نصيبها من هذا الخراب والدكتاتوريات والزعامات عبر سنوات البطش والتنكيل لتأتي على ما تبقى من هذه المدينة الفاضلة وإرثها الفكري الذي تشهد به مكتبات العالم ومتاحفها ومقتنياتها ، أم أن هذه التظاهرات لتمرير صفقات ومراهنات روليتية متحولة إلى (جبل جليدي وكرة نار) وما الشعب العراقي المقهور المُتَظاهِر إلا غلاف قشري لتلك (البراغماتيات) التي شاهدناها بوضوح رؤيا تصويرية وكيف تجسدت في مفرداتها صراعات الإخوة الأعداء أمام بوّابات (مملكة النفط البصري).
وأقول البصرة شريان العراق الاقتصادي العملاق فلماذا هذا الإقصاء والإهمال؟
لماذا تبدأ الثورات الفكرية والعقائدية والسياسية والاقتصادية عبر الأزمنة المرّة على أرضها عندما يهمش أصحابها؟
هل البصريون يمتلكون طيبة وشهامةً وعزائماً وصبراً جميلاً ورؤية استراتيجية لا يمتلكها الآخرون يُضيّفون على أرضهم المهاجرين ومن ضاقت به السُبل وهم يتأكون على خنجر الظلم والقهر والفساد المركب لثرواتهم؟
وأقول الذين يقودون هذه المطالبات في سياق التظاهرات يتحدثون عن حصص وزارية عرضت عليهم لكنهم رفضوها رغبة في وزارات (نفطية سيادية) معنى ذلك أن فلسفة التظاهر تقرأ (لا لتهميش الأحزاب) وليس (لا لتهميش الشعب العراقي المقهور) وإلا ما الذي فعلته تلك التكتلات خلال الـ 16 عاماً الماضية من سنوات القهر والرماد؟
وأقول أنصفوا البصرة على أرض الواقع ليس بـ (خطابات سياسية جوفاء) وأوراق وملفات مستهلكة بل أعطوها نصيبها الأوفر كما تستحقه أية مملكة نفطية في العالم المعاصر وهي التي تعوم على (محيط نفطي هائل) والبعض من ناسها يسترزقون من أكوام النفايات ويسكنون (مدن الصفيح) وأنتم لكم نصيب الملوك من العرش العراقي وثرواته العملاقة.
وأقول لماذا لم تسأل الحكومة الاتحادية منظمي المظاهراتية التي كانت بؤرة انطلاقها البصرة أهي سياسية حزبية محاصصاتية أم من أجل سنوات القهر والرماد والوضع الخدماتي والمعاشي المتردي الحالي؟ هل سألت الحكومة الحالية صُناع القرار في الدورة السابقة لهم عما قدموه للبصرة في أعقاب التظاهرات الاحتجاجية وخروجها عن سياقاتها المدنية بعد أن طفح الكيل وتفاقمت أزمة تردي الأوضاع المعيشية والخدماتية واستمرارية ضخ (الماء المالح) للشرب وكان رأس الحكومة في البصرة يجتمع مع حكومتها وعن يمينه ويساره أهل الحل والربط من (وزراء الصدفة) وبألسنة حِداد وأفعال قِصار َّ (تمخّض الجبل فولّد فأراً)!
وأقول (حكومة الظل) أو ما أسميتها في مقالاتي السابقة (حكومة المعارضة) أهي المعارضة السياسية التي كانت تحكم (القبضة التدويرية لوزارات بعينها يتولاها شخص خارج الكفاءة التكنوقراطية لكنه من داخل الحزب ويظل متنقلاً من وزارة لأخرى) خلال السنوات الـ 16 الماضية وكأن العراق العظيم قد خلت سوحه من المهنيين أصحاب الخبرة فلجأت الأحزاب إلى (مبدأ التدويرية) أم أن (المظاهراتية) من أجل التأسيس لـ(حكومة تكنوكاريزمية) مؤسساتية مدنية وأين كانت (بيوت الأحزاب) من كل ذلك خلال سنوات القهر والرماد؟
وأقول التظاهرات فتيل إن انحرف عن مساره أحرق مدناً بأهلها وثرواتها فعلى الحكومة الاتحادية أن لا تأخذ من الديمقراطية قشرتها وعليها أن تَعي قول الحق تعالى: ( فأما الزَّبدُ فيذهب جُفاءً وأمّا ما ينفعُ الناسَ فيمْكُثُ في الأرض).
وأقول التظاهرات في كل العالم من أجل تصحيح مسار وليس إسقاط حكومة. فأين نحن من مظاهرات الجمعة تموز عام 2019م وشهود العيان يسجلون تواجدها على هيئة مجاميع بين الفردية والجماعية تؤشر الحزبية والطائفية الضيقة وأعين الرصد فيها على حقول البترول الهائلة التي تعوم فوقها مدينة البصرة صاحبة الأعجوبات الثلاثة كما يصفها الجاحظ؟
وأقول الجهات السياسية الداعمة للتظاهرات من خلال المشاهدات الحية لجموعها بحركاتها الفردية والجماعية أراها سرعان ما تحصل على مكاسبها من مفاصل الهرم الرئاسي سوف تتبخر وتتلاشى الزعامات تاركة (الشعب المقهور بلافتاته) تذروها الرياح في ميادين التظاهر.
وأقول روّاد التظاهرات الذين جمعتهم ساحات البصرة (مركز العراق الاقتصادي ومملكة نفطه) عليهم أولاً أن يكشفوا للرأي العام (ملفات الفساد والمفسدين الذين ينتشرون على الساحة الداخلية والإقليمية والخارجية) حيث يعتبرون بوجههم الآخر الرافد الأساس للإرهاب الذي تمدد على الجهات الأربعة .
هؤلاء بفسادهم المركّب خلال الأعوام الـ16 المنصرمة قد غذتهم أجندات الطائفية والكتلوية والمناطقية والإقليمية والولاءات العائلية والحزبية وشبكاتها العنكبوتية.
وأقول روّاد التظاهرات الذين جمعتهم ساحات البصرة (مركز العراق الاقتصادي ومملكة نفطه) كان لشعاراتهم أن ترتفع عالياً وهي تنادي بمحاكمة الفاسدين أمام الشعب بعيداً عن التداخلية بين الرئاسات الثلاثة وعلى القضاء أن يأخذ دوره نزيهاً شامخاً عملاقاً بعيداً عن (المحاصاتية الشعارية) التي تمتهن التسويف والتهميش والتسقيط والثأرية والكيدية بين الفاسدين أنفسهم ومن يتعرض لفتح ملفاتهم.
وأقول روّاد التظاهرات الذين جمعتهم ساحات البصرة (مركز العراق الاقتصادي ومملكة نفطه) كان المفروض بهم أن يرفعوا شعاراتهم أن لا أحد فوق القانون وإن الحكم للدستور والعدل والقانون والمطالبة بمنهجية واضحة وآليات لملاحقة الفاسدين الذين ينتشرون من أعلى قمة الهرم الحكومي حتى قاعدته من دون استثناء بدأً بالوزراء السابقين نزولاً إلى الدرجات الخاصة وما هو دونها. هذا هو المطلب الجماهيري الأساسي الذي يجب أن يتصدر أولويات المتظاهرين من أجل تصحيح المسار الحكومي وليس بالاستمرار بمحاصصاتية براغماتية.
وأقول روّاد التظاهرات الذين جمعتهم ساحات البصرة (مركز العراق الاقتصادي ومملكة نفطه) عليهم أن يعلموا بأن (جبل الفساد المالي والإداري والسياسي) ما كان له أن يصبح بحجم (الجبل الجليدي) الذي أغرق (التايتانك) لو تصدت له الحكومات العراقية المعاصرة منذ 16 عاماً.
هذه الرؤية لا تتقاطع مع تأسيس الحكومة الاتحادية (المجلس الأعلى لمكافحة الفساد) لأنها خطوة في الاتجاه الصحيح الذي سيضطلع بدوره وفق إجراءات تنظيمية وإدارية لملاحقة ملفات الفساد والمفسدين شرط أن يضع في مقدمة أولوياته وأعلى ساريته عدم تسيس القضاء الذي يجب أن يتصف بالنزاهة والتجرّد والموضوعية بعيداً عن ضغوط حزبية أو كتلوية أو طائفية أو إثنية أو قومية أو سياسية لأن ثروة الشعب أمانة في عنقه أودعتها الأمة.
وأقول الغطرسة والجبروت هي التي أغرقت (التايتانك) وإنّ ذرات الثلج الكروية الصغيرة هي التي صنعت الكتلة الضخمة لـ(جبل الجليد) الذي حطم أسطورة (التايتانك) وعلى الحكومة الاتحادية أن تعيد قراءة (ملف التايتانك) مراتٍ لكي تفيد من التجربة الكارثية وتتلافى الطوفان المُغرق وجبال الجليد التظاهراتية التي تسمح بها الديمقراطية المدنية وحرية التعبير.
على الهرم الرئاسي أن يبني حكومة المؤسسات ويطارد الفاسدين باعتباره جوهر المطالبات المليونية من الناس وسيّد أولوياتها لأنه إذا عولج بشكل منظم وجوهري ومهني وشفاف فإن كل القضايا الشائكة ومعاناة الملايين من الشعب العراقي المقهور سوف تنتهي لوحدها لأن (الفساد هو جبل الكبائر العملاق).
وأقول بدلاً من اللافتات ذات الأجندات اللونية المتعددة التي يخفي البعض منها تصفيات حسابية بين (الإخوة الأعداء).
على المتظاهرين في مواسم الهجرة إلى أرض البصرة أن يرفعوا هذه (اللافتات الثمانية) التي أعرض لها في البيانات التالية بدلاً من (اللافتات المُقنّعة) وهم يقفون أمام مثلث الهرم الرئاسي في دار السلام بغداد العرش والدولة وصولجان المُلك لكي تطالعها أعين الحكومة والأحزاب والكتل والتيارات بكل موجبات القوة والحيوية حينما تعقد العزم والرغبة لتأسيس دولة ديمقراطية مؤسساتية يريدها الشعب المتظاهر وهي تجتثُّ عروق الفاسدين وتعيد المال العام الذي نهبته مافيات الفساد المنظم الداخلي والخارجي والإقليمي إلى خزائن الشعب.
الأولى – لافتة صوت السماء
قال الله تعالى:(وإذا قيل لهم لا تُفسدوا في الأرض قالوا إنّما نحن مصلحون ألا إنّهم هُمُ المفسدون ولكن لا يشعرون).
الثانية ـ لافتة الشاعر الجواهري
أعيذكَ أن يعاصيكَ القصيـــدُ وأن ينبوا على فمك النشيـــــدُ
وأن تعروا لسانك تمتمــــاتٌ وأن يتفرط العقد الفريـــــــــــدُ
أعيذك أن تتوه بكـــــــل وادٍ وأنت لكلّ سامعةٍ بريــــــــــــد
وقائلةٍ أما لكَ من جديــــــــدٍ أقول لها القديمُ هو الجديـــــــد
ومن لم يتعض لغدٍ بأمـــــسٍ وإن كان الذكي هو البليـــــــدُ
لافتات بصرية كتبتها لأني (بصري المولد والنشأة والإثنية ) من قصيدتي (كفى بالعراق):
الثالثة ـ لافتة كفى بالعراق
كَفى بِالعِراقِ مَسارِحاً وَفُصُولا مُتَوَسِّداً أَوْجاعَهُ مَعْلولا
كَفى بِالعِراقِ سَواعِداً مَشْلولَةً وَالعَقْدُ أضْحى بِعَرْشِهِ مَحْلولا
كَفى بِالعِراقِ تَحاصُصاً وَمَزادُهُ قَدْ أعْلَنَ التَّكْبيرَ وَالتَّهْليلا
كَفى بِالعِراقِ مُراهَناتٍ مُرّةً وَالرّافِدانِ تَعَطُّشاً وَذُبُولا
وَجَنُوبُه أهْلُ المعالي طِيبَةً وَشَهامَةً وَبَيارِقاً وَرَعِيلا
وَهُمُ الرِّجالُ عَزائِماً وَمَواقِفاً وَسَرائِراً ما بَدَّلوا تَبْدِيلا
وَهُمُ وَحَقِّ العَرْشِ أنْبَلُ مَعْشَراً رَسَخُوا على مَرِّ العُصُورِ أُصُولا
وَهُمُ الأكارِمُ أنْفُساً وَشَهامَةً رَنَّتْ بِهِم خَيْلُ الزَّمانِ صَهيلا
أَوَهكذا تُجزى الجَوازي وَنِفْطُهُمْ لِبِلاطِكُمْ جُنْديُّه المجْهولا
أوَهكذا عُلَبُ الصَّفيحِ مَدائِنٌ تَحكي خَرابَ البَصْرَةِ المطْلُولا
وَنَخيْلُهُم يا أَشْرَفَ الشَّجَرِ الذي أَمْسى يُغالِبُ صُفْرَةً وَذُبُولا
قَدْ كانَ لِلْتاريخِ أَرْضَ سَوادِهِ وَإلى الحضَارَةِ هادِياً وَدَليلا
طَفَحَ المكِيلُ فَفاضَ غَيْضاً نازِفاً جَمراً لِيُشْعِلَ في الرَّمادِ فَتيلا
وَلِذاكَ أَذَّنَتْ الحناجِرُ وَيْلَهُ مَنْ باتَ في وَكْرِ الفَسادِ نَزيلا
الرابعة ـ لافتة يا بصرة الأوجاع
يا بَصرَةَ الأَوْجاعِ نادى نَذيرُها لمتى سَيَبْقى ضَميركُم مَشْلولا
يا بَصْرَةَ السَّيّابِ نُقْسِمُ بِالذي رَفَعَ السَّماءَ وَنَزَّل التَّنْزيلا
العَيشُ أَسْمى أَنْ يَكونَ شَهامَةً وَالموْتُ أَحْلى أَنْ يَكونَ نَبِيلا
وَشَجاعَةُ الشُّجْعانِ أَسْمى غايَةٍ في النّازلاتِ مَراتِباً وَكَفيلا
وَأَجَلُّها مَنْ أَلْبَسَتْ شَرَفاً لها عَرْشَ العُقُولِ التّاجَ وَالإِكْليلا
وَبَنَتْ طِباعاً في النُّفوسِ قَويمَةً وَتَعَهَّدَتْ هِمَمَ الرِّجالِ فُحُولا
لِتَدُكَّ وَكْرَ المفْسِدينَ صَلافةً طُولاً وَعَرْضاً كاسِفاً مَخْذُولا
وَتَقَضَّ في عَيْنِ الطِّباعِ مَضاجِعاً وَتَزُفَّ أنْفَ الصّاغِرينَ ذَلِيلا
الخامسة ـ لافتة صبر العراقيين
كَفى يا سِياسَةُ بِالعِراقِ مَواجِعاً هَلّا كَبَحْتِ مِن العِنانِ قَلِيلا
وَكَفى بُيوتُ المالِ هِيضَ جَناحُها مُذْ خِلْتُموها مَغانِماً وَمُيولا
كَفى يا سياسيونَ خَفِّفُوا وَطْأكُم فَلَقَدْ غَدا حِمْلُ العِراق ثَقِيلا
كَفى قَدْ تَعدّى السَّيْلُ رابِيةَ الزُّبى وَالشَّعْبُ أضْحى بِدِينُكُم مَخْذولا
كَفى بِالعِراقيينَ قَهْراً مُزْمِناً وَالعازِفونَ جَهالةً وَجَهولا
صَبْرُ العِراقيينَ عِيلَ تَصَبُّراً إنْ فاضَ أَسْمَعَ صَوْتَهُ عِزْريلا
صَبْرُ العِراقيينَ يَبْقى خالِداً صَبْرَ الحُسَيْنِ وَجَوْهَراً مَصْقُولا
صَبْرَ الذينَ إذا تَناخَوا شِيْمَةً وَحَميةً وَمُروءَةً وَقَبيلا
عَصَفُوا بأَهْواءِ الفَسادِ وَرَتْلِهِ وَمَضى الأَعَزُّ مِن الرِّجالِ ذَلِيلا
وَلَيُفْجَعَنَّ بِماءِ وَجْهِهِ غُصَّةً تبَقْى عَلى الخَطْبِ الجَليلِ دَلِيلا
وَلِيَعْلَمَنَّ أَخُو الجَهالَةِ بأسَنا لَوْ فَقَّسَتْ غُلْفُ الرُّؤوسِ عُقولا
السادسة ـ لافتة القطيع كفوفه
ما كُلُّ مَنْ رَكِبَ السِّياسَةَ هامُها وَمَنْ اعْتَلى سَرْجَ الجَوادِ نَبِيلا
أوْ كُلُّ مَنْ سَنَّ اللسانَ فَصاحَةً أَضْحى الكَميَّ الماجِدَ البُهْلُولا
وَلا كُلُّ أَشْباهِ الرِّجالِ مَناظراً مَنْ يَدَّعونَ جَهابِذاً وَفُحُولا
أَوْ كُلُّ مَنْ هَتَفَ العِراقَ مُصَدَّقٌ لَوْ قالَ صِرْتُ لِرَأسِهِ إِكْليلا
لَوْ قالَ أُقْسِمُ بِالقَطيعِ كُفُوفِهِ شَرَفاً تَسامى قاتِلاً وَقَتيلا
كَذبوا صَعاليكاً وَفِينا رُحاهُمُ دارَتْ عَلينا صارِماً مَسْلولا
لَوْ كانُوا حَقّاً مُخلصينَ سِياسَةً ما خانُوا نَهْجَ المرْسَلينَ فُصُولا
لَوْ كانُوا حَقّاً مُقْبِلينَ كَرامَةً ما ضَيَّعُوا التَّحريمَ وَالتَّحْليلا
لَوْ كانُوا حَقّاً لِلوَفاءِ أَسِنَّةً أَمْسى العَفافُ الفاضِلَ المفْضُولا
لَوْ كانُوا مِنْ أهْلِ المقادِحِ هِمَّةً كَفَروا بِأَصْنامِ العِراقِ دليلا
وَتَبرَّؤا دِيناً وَتابُوا قِبْلَةَ حَجُّوا إليها وَكَسَّروا الإِزْميلا
لَوْ كانُوا حَقَّاً لِلْحُسينِ رِسالَةً ما أَضْحوا في عَينِ الزَّمانِ ذُيولا
السابعة ـ لافتة عراق الأنبياء
هذا عِراقُ الأنْبياء مَناقِباً مَنْ ذا يَرومُ عَلى النَّهارِ دَلِيلا
هذا عِراقُ الأَكْرَمينَ مَغارِساً المترَعِينَ شَمائِلاً وَأُصُولا
هذا عِراقُ الطّاهِرينَ مُروءَةً وَبِهِمْ تَنَزَّلَ آيُهُ تَنْزِيلا
وَقِبابُهُمْ تَحكي قَداسَةَ جَوْهَرٍ وَهَبَ المحامِدَ أَنْفُساً وَعُقولا
هُمْ أَصْلُ قاماتِ العِراقِ وَأَرْضِهِ مُنْذُ اسْتَقامَتْ في القُرونِ الأُولى
مَنْ لَم يَصُنْ شَرَفَ العِرِاق وأَرْضِهِ يَبْقى عَلى مَرِّ الزَّمانِ دَخِيلا
الثامنة ـ لافتة صوت السماء
قال تعالى: ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
***