7 أبريل، 2024 3:13 ص
Search
Close this search box.

ثورة العشرين.. وشهيدها الخالد

Facebook
Twitter
LinkedIn

الدعوم.. ولاء وثبات

انتفاضة شعب لايقبل الضيم ولا يرضى بالذل أبدا ، ضد محتل أراد طمس العراق كبلد، وعاث في ارضه وإفسادا ، إنها ثورة العشرين ، التي اشتعلت جذوتها في الثلاثين من حزيران عام 1920 ، بخروج العراقيين عن بكرة أبيهم وبكل مكوناتهم ، في مظاهرات سلمية للمطالبة بالاستقلال ، وسرعان ما تحولت المظاهرات السلمية إلى ثورة مسلحة ، ضد ممارسات الاحتلال البريطاني القمعية.
العراقيون آنذاك كانوا على قلب رجل واحد، حين أفتى المرجع “محمد تقي الشيرازي” بحرمة التعامل مع الانجليز ، كما حرض الشيخ “مهدي الخالصي” الجماهير على الثورة من خلال خطبه الحماسية.
كانت الشرارة الاولى للثورة سنة 1915 بين القوات البريطانية الغازية وقوات الجيش العثماني والمجاهدون العراقيون في منطقة الشعيبة في البصرة، شاركت بها عشائر الجنوب والوسط.. وكان الشيخ عودة الثامر رئيس عشيرة الدعوم، الذي أعد قوة من وجهاء ورجال الدعوم للمشاركة في هذه المعركة الجهادية تلبية لنداء المرجعية، فأستشهد عدد منهم وجرح أخرون، لكن ما يؤسف حقا أن التاريخ بخس كثيرا من مواقف العشائر ولم يذكرها.
من المعارك البارزة في ثورة العشرين التي قدمت فيها العشائر العراقية الأصيلة أروع صور البطولة والتضحية، المعركة الكبيرة التي حدثت بعد معركة الرارنجيةالتي صمد فيها أبناء قبيلة العوابد بوجه أقوى جيوش العالم آنذاك وهو جيش الاحتلال البريطاني، وكان الفارق كبيرا في امكانيات التسليح لصالح جيش العدو، وخصوصاً المدافع الرشاشة التي كانت تعتبر من أبرز نقاط قوة الجيش البريطاني.
رغم كل ذلك الفارق في الإمكانيات لصالح الإنكليز، لكنه وقف عاجزاً أمام صمود وإيمان وشراسة وقوة وتضحيات أبناء العشائر العراقية، مما مكنهم من فك الحصار المفروض عليهم وتحويل كفة المعركة لصالحهم.
«معركة الهندية» لاتقل شراسة عن المعارك الاخرى والتي لم تولى أهتماماً لائقاً ولم يعطها المدونون حقها كمعركة تاريخية حطمت أسطورة الجيش البريطاني الذي لا يقهر، عندما أرادوا الدخول إلى مدينة كربلاء، حينها وقف أبناء العشائر كالدعوم برئاسة الشيخ علي عوده ثامر مع بقية العشائر الأبية، فسجلوا أروع البطولات في صد جيوش المحتل ومنعوه من دخول كربلاء في معركة قل نظيرها.
تكاتف العشائر كان هو الفيصل في تلك المعركة، كعشيرة السادة العرد، وبني طرف وبني اسد، والكراكشه، والبو غانم وغيرها من العشائر التي شاركت، وأستشهد خلالها الشيخ علي عوده الثامر، وجرح الكثير من أبناء عمومته معه..
كانت إرادة الباري أن يولد للشيخ الشهيد وفي نفس يوم الاستشهاد ولد الحفيد الاوحد، (خان علي عوده الثامر) الذي تربى وترعرع في ربوع المضايف وريحة وعبق الدلة والفنجان والمجالس العامرة، ليتولى رئاسة العشيرة عندما بلغ الحلم.. فكانت له المكانه البارزة في عشائر الفرات الأوسط، وله المواقف في حل النزاعات العشائرية، يضاف لتلك المكارم، مزية عظيمة لاينالها الا ذو حظ عظيم، وهي أنه نذر نفسه مع أبناء عشيرته لخدمة زوار الحسين عليه وأله أفضل السلام في الزيارة الاربعينية، ولا نستثني أحدآ من عمومته فكلهم يد معطاء للخدمة الحسينية وليومنا هذا.. فسار الأبناء علي ما كان عليه الأباء، في تقديم الخدمة الحسينية، عن طريق موكب الدعوم الذي يقع على طريق طوريج-كربلاء الذي بدء من غرفة طين صغيرة مع بيت من الشعر، وصار اليوم حسينية كبيرة عامرة بالإيمان والتقوى في نفس المكان تقدم الخدمات للزائرين أيام الاربعين، واستراحة الوافدين إلى كربلاء في بقية أيام السنة، حتى إن كل من يسافر إلى جنوب وشمال العراق ويسأل عن عشيرته فيجب بأنه دعمي، يأتي الجواب سريعآ رحم الله خان..
هذا ما حاز عليه إلى هذه الساعة، مما ادى الى اعتقاله من قبل جهاز الأمن الصدامي عام١٩٨٢ بسبب هذه الخدمة وتواصله مع السيد محمد باقر الصدر (قدس) وأعتقل معه عدد من أبناء عمومته، حتى تلقى أشد أنواع التعذيب في الأمن العامة ببغداد لمدة ثلاثة أشهر بعدها أطلق سراحه محمولا ب(بطانية) من أثر تعذيب الجلاوزة ، ولم يعش بعدها طويلا حتى انتقل إلى جوار ربه شهيدآ بتاريخ ١٩٨٢/١١/٢٦بسبب المادة التي أعطيت له..
جاء دور ولده الأكبر الشيخ عبد الأمير خان علي عوده الثامر، ليكمل المسيرة وكان يسير على نهج والده تغمده الباري براسع رحمته في خدمة الإمام الحسين وإقامة المجالس الحسينية في مضيفه رغم قساوة النظام انذاك، وحظي بحب جميع العشائر لتواضعه وقلة كلامه الذي لايضعه ألا في محله صفة أحبها الجميع منه، لكن الله اختار له جواره بتاريخ ٢٠١٣/١١/٢٢، فودعناه بقلوب يعتصرها الالم، ليبزع قمر آخر يحمل هذه السارية والبخت متوارثه اب عن جد في رئاسة الدعوم..
كعادة أباءه وأجداده كان ولده الشيخ صادق عبد الأمير خان علي عوده الثامر، حيث البخت والخدمة الحسينية التي نذر نفسه لها، والمجالس العامرة بحب الحسين لا تنقطع، وخدمته في المواكب في الزيارة الاربعينية، نراه ذلك الخادم المتواضع في حب سيد الشهداء، فنراه
يمسح مكان الزائر ويغسل الاواني ويوزع الطعام ويرحب بالضيوف، وهذا هو قمة التواضع في حب الحسين.
هكذا تتجدد المواقف من ثورة العشرين إلى فتوى الجهاد الكفائي، لتتكرر بطولة الأجداد مرة اخرى لدى الأبناء لحمل راية الشهادة والتضحية من أجل الأرض والعرض والمقدسات، فأنتفض أبناء القبيلة جميعا، بين من يحمل السلاح ويقاتل وأخر يقدم الدعم اللوجستي للمقاتلين على طول جبهات القتال للتحرير الأرض من شرذمة داعش الكفر وهو يحمل اسم الدين لمحاربة الدين المحمدي، حتى قدمت قبيلة الدعوم كثيرا من الشهداء والجرحى من أبنائها حتى عدت في إستفتاء لمحافظة كربلاء هي الأولى في عدد الشهداء الذين قدمتهم.
هكذا تكمل هذه العشيرة الكريمة والمخلصة لأل البيت والمرجعية المباركة، المسيرة حتى قيام القائم أن شاء الله

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب