منذ الاحتلال الغاشم والجريمة الكبرى التي ارتكبتها الولايات المتحدة ومن تحالف معها عام 2003 وأوضاع العراقيين تسير من سيء لأسوأ وبالرغم من كل الرؤى والطروحات التي جاء بها المحتل وطبل لها عملائه وسط حالة الفوضى وفعل الصدمة التي اصابت العراقيين ، مابين مصدق لما حدث ، ومابين رافض له ، مابين باك على وطن شامخ ينهار امامه ، وبين حثالات متعلقة بحذا المحتل ، ترقص على دماء الشهداء ، فرحة بانكسار وطن ، كان لهم اما وابا وراعيا ،البعض لعشرات السنين والبعض لمئات ، ولكن دم الخيانة والغدر ظل يسري في عروقهم ، لايهمهم موت الوطن ليعيشوا هم واسيادهم الذين ملئوا رؤوسهم بافكار خاطئة وعبئوا قلوبهم بالحقد تجاه شعب لم يهنأ بالسلام والطمأنينة منذ عدة عقود من الزمن .
وبالرغم من كل ماحدث ، كان الكثير من ابناء هذا الشعب الطيب تأمل ان يكون بعضا مما اعلن من شعارات قد تكون صحيحة ، وباتت تمني النفس ان تستريح بعد معاناة طويلة ، بين حروب فرضت عليه، ودمرت مابني لعشرات السنين ، وحصار وتجويع انهكت شعبه . وتمضي الايام ، والكل ينتظر ، وبدأت ملامح التغيير الذي حدث تتوضح معالمه ، وتوضحت صورة الجريمة التي خطط لها بعد ان امتلأت البلاد بميليشيات الفرس وعاثت بارض العراق فسادا وقتلا وتهجيرا وتحت انظار وحماية الاحتلال الامريكي والحكومة التي جاء بها ، وباتت معاناة العراقيين اقسى وامر من ذي قبل ، وعرف العراقيون كذب الوعود التي جاء بها القادمين الجدد ، لابل ان الامور باتت تتجه نحو نوايا المحتل بانهاء وجود هذا الوطن ارضا وشعبا ومن ان تقسيم البلاد بات قاب قوسين او ادنى وان انسحاب القوات الامريكية وتسليم العراق للايرانيين بات واضحا من خلال الميليشيات التي ارتكبت جرائم يندى لها جبين الانسانية ، وقيامهم وتحت انظار ودعم حكومة الاحتلال بتشريد وتهجير الملايين من ابناءه وقيامهم بعمليات قتل وتمثيل بجثث الموتى لم يشهد لها التاريخ مثيلا من قبل وذلك تحت ظل قوانين وانظمة شرعها المحتل وباركتها حكومته ونفذتها تلك الميليشيات وعبر مسارات نوجزها بالآتي :
1. زرع الفتنة الطائفية والتي لم يعرفها العراقيين عبر تاريخهم الطويل .
2. الانتقام باغتيال كل من قاتلهم في القادسية الثانية والذين دافعوا عن وطنهم ضد الافكار الصفوية الحاقدة ومبدأ تصدير الثورة الذي آمنوا به وماسمي بالثورة الاسلامية عام 1979 ، حيث تم اغتيال الاف القادة والمقاتلين الذين وقفوا ضد التوسع الصفوي 1980-1988 .
3. اغتيال العلماء واساتذة الجامعات والاطباء وتهجير الآلاف منهم .
4. تغيير الواقع السكاني للعديد من المحافظات واولها العاصمة بغداد وتمت بعمليات واسعة عامي 2006 و2007 ادت الى هجرة اكثر من مليون ونصف المليون من اهالي بغداد الى خارج العراق او لمحافظات اخرى وتحت التهدديد والقتل والخطف لابنائهم ومن طائفة معينة لغرض فرض حالة جديدة على العاصمة وجيء باكثر من مليونين ليستوطنوها بدلا عنهم ، منهم من خارج الحدود ومنح الجنسية العراقية ومنهم من محافظات اخرى الغرض منها تغيير الواقع السكاني وفرض حالة جديدة على العاصمة تتضح معالمها ونواياها يوما بعد يوم، وكذلك شمل الامر محافظة التأميم ( كركوك) وتهجير العرب وجلب مئات الاف الكرد اليها ، وشمل هذا الامر ايضا العديد من مناطق ديالى والموصل والبصرة وكربلاء والنجف .
5. اعتقال مئات الالوف من مكونات طائفية معينة ، توفي الآلاف منهم تحت التعذيب ، ومازال مصير عشرات الالوف غامضا .
6. تدمير البنى التحتية وتخريب الاقتصاد والزراعة والصناعة وجعل البلاد تعتمد عليهم وعلى غيرهم في كل متطلبات الحياة اليومية .
7. اتخاذ مبدأ التدمير المنهجي لكل اوجه الحياة المدنية اجتماعيا وسياسيا من خلال وصول قيادات غير كفوءة ومرتبطة باجندات خارجية وانصاف متعلمين وسراق وحاقدين على هذا الوطن ، باتت تعيث فسادا وتدميرا في كل مجال من مجالات الحياة المتحضرة ، سواء في التعليم او الصحة او الخدمات وكذلك القوات المسلحة والقوى الامنية ، مما جعل البلاد تعيش حالة من الفوضى وفقدان الامان وضبابية المستقبل .
8. استهداف مكون طائفي يمثل غالبية الشعب العراقي كمرحلة أولى للتدمير تعقبها المباشرة بتدمير ماتبقى من الطوائف الأخرى تباعا ، لان اطماع الفرس واحلامهم هي الهيمنة على ارض وثروات الامة العربية وما المذهب الصفوي الذي ابتدعوه الا وسيلة من وسائلهم لتفرقة ابناء المسلمين وزرع الفتنة بينهم لتكون هي الرابح من هذا الصراع المذهبي والعرقي المقيت ، ومن ان العراق هو بوابتهم لتحقيق احلامهم المريضة .
ان ماتم عرضه اعلاه ماهو الا غيض من فيض ، ولكن ابناء العراق الاصلاء ومن مختلف قومياته وطوائفه ومذاهبه والذين يشكلون بمجموعهم النسيج الوطني المتماسك منذ الاف السنين لم تنطلي عليهم تلك المؤامرات وبدأ عهدا جديدا من النضال ضد المحتل واعوانه كانت المقاومة الوطنية العراقية هي السباقة له منذ الايام الاولى للاحتلال حتى اجبرت القوات الامريكية المحتلة على الانسحاب بعد ان كبدتها خسائر فاقت كل ماخسرته في حروبها الاستعمارية من قبل ، ومن ثم جاء دور الشعب عبر التظاهرات التي بدأت تكبر وتزداد شيئا فشيئا، من جنوب العراق الى شماله ، وتوجت بالتظاهرات الكبرى في ساحة التحرير ببغداد في 25-شباط 2011 ولتتواصل رغم العنف والاغتيالات التي جوبهت به الى ان تنظم نفسها وبشكل اوسع وفي ستة محافظات كبرى من العراق ومنع الحكومة لمحافظات العراق الجنوبية من التظاهر وقطع الطرق امام ابنائه للذهاب لمشاركة اخوانهم في المحافظات الاخرى بسبب سيطرة ميليشيات ايران وقوات الحكومة العميلة على تلك المحافظات بشكل او باخر ، وبات مطلب كل العراقيين سنتهم وشيعتهم عربهم وكردهم وتركمانهم مسيحييهم وصابئتهم ويزيدييهم ، هو طرد المحتل الامريكي والايراني من البلاد وكذلك الحكومة التي جاءوا بها معهم ، بعد ان كشفت كل اوراقهم وعرفت نواياهم الحقيقية .
لقد اجمع العراقيون جميعا على ان هناك مؤامرة تحاك ضد بلدهم وبالتالي كان لابد ان يوحدوا صفوفهم ويقفوا وقفة رجل واحد ويدا بيد من الجنوب الى الوسط الى الشمال والى الغربية واعلنوا اليوم مطالبهم والتي تتلخص بالآتي .
1. تغيير الدستور الذي كتب بايدي اجنبية ساهم بزرع الفتنة وسيؤدي الى تقسيم البلاد .
2. الغاء قانون المساءلة والعدالة والذي اتخذ ذريعة لايذاء شريحة واسعة من ابناء الشعب العراقي وحرمانهم من ابسط مستلزمات الحياة وتطبيقه بطريقة انتقائية لخدمة اجندات خارجية .
3. الغاء المادة (4 ارهاب) تلك المادة التي استخدمتها الحكومة العميلة لتصفية معارضي الاحتلال ورجال المقاومة الوطنية الابطال وباسلوب غلب عليه التمييز الطائفي خدمة لاجندات فارسية وتصفية المعارضين للنهج الصفوي .
4. الغاء التمييز في التعيينات بالنسبة للوظائف والقبول في الكليات والدراسات العليا والبعثات .
5. ايقاف هدر اموال العراق ومحاسبة السراق وتخصيص الاموال المناسبة لرفع مستوى الخدمات في المحافظات بالتساوي وبلاتمييز .
6. اطلاق سراح الموقوفات والمعتقلات من النساء دون وجه حق ومحاسبة المسؤولين عن حالات الاعتداء والاغتصاب لبعض الموقوفات في السجون العراقية .
7. اطلاق سراح الموقوفين والابرياء الذين لم تثبت ادانتهم والمعتقلين منذ عدة سنوات بالاعتماد على المخبر السري والغاء العمل بهذا الاسلوب لاعتقال المواطنين واعتماد الحرفية والادلة سببا لاعتقال المشتبه بهم .
8. العمل على انهاء البطالة ومعالجة حالات الفقر في العراق .
9. اجراء تعداد سكاني تحت اشرف دولي لمعرفة الواقع السكاني في العراق والتغيير الديموغرافي الذي لجأت اليه الحكومة لاغراض مشبوهه ، ومعرفة عدد الذين منحوا الجنسية العراقية منذ الاحتلال ولغاية الان دون وجه حق .
10. تعديل قانون الانتخابات بما يضمن انتخابات نزيهه تتيح لابناء الشعب انتخاب الكفاءات العلمية والقيادات القادرة على السير بالعراق نحو الافضل .
11. ايقاف كافة الاجراءات الطائفية التي ادت الى نزوح الملايين خارج مدنهم وخارج العراق .
12. تعويض المتضررين من اعمال الميليشيات الاجرامية والحركات المتطرفة والجماعات الارهابية .
ان العراق اليوم يمر بأزمات اقتصادية واجتماعية وبيئية خطيرة سببها الرئيسي الخلافات السياسية بين الكتل التي تتحكم بمصير البلاد وضعف ادائها الحكومي وهيمنة الجهلة وانصاف المتعلمين على القيادات العليا للدولة في شتى المجالات وتجميد قدرات الكفاءات العلمية الحقيقية وعدم افساح المجال لها بالعمل على تحسين الاوضاع في البلاد وذلك بشكل متعمد يخدم بالاساس النظام الايراني ودوره المشبوه في العراق خاصة والمنطقة العربية عامة ، ولذلك فان تلك المطالب اعلاه قد تزداد بسبب اصرار الحكومة على المضي بمسيرتها الخاطئة مما سيتسبب بالمزيد من الفشل في كل مناحي الحياة وخاصة الاساسية منها وزيادة معاناة الشعب العراقي نتيجة ضعف الخدمات الصحية والخدمية ، بكل تفرعاتها ، وهدر اموال العراق وتركها تستباح من قبل السراق والمرتشين .
وبالرغم من كل ماطرحه المعتصمون في ساحات العز والكرامة من مطالب وبشكل سلمي ، ومضي اكثر من ثلاثة اشهر فان رد الحكومة كان الآتي :
تم تشكيل لجنة وزارية تدرس طلبات المتظاهرين وقامت هذه اللجنة ولاغراض معروفة بالتركيز على :
1. الغاء المادة 4 ارهاب .
2. الغاء قانون المساءلة والعدالة ( اجتثاث البعث )
وبدأت الدوائر الاعلامية للحكومة بمهاجمة المتظاهرين واتهامهم بالطائفية او بالتعاون مع التكفيريين او القاعدة وهذه التهم يكيلونها لكل من ينادي بمطلب يخدم الشعب او يقف ضد الاحتلال منذ عام 2003 ولغاية يومنا هذا ، وقد قامت اللجنة باطلاق سراح 3000 معتقل حسب قولهم ، البعض مضى عليه سبع سنوات بلا ذنب او ادانة وبنفس الوقت وخلال الايام الماضية قامت باعتقال المئات من المتظاهرين وغيرهم بتهم جديدة ويبدو انه تعويض عمن اطلقت سراحهم ، اما وجهة نظر الحكومة بقانون المساءلة والعدالة فتعتبر الغاءه مكافأة للبعثيين حسب قولها وتنسى ان البعثيين في العراق كانوا أكثرمن 90% من الشعب العراقي وهي تطبق القانون بشكل انتقائي بما يخدم الاجندة الايرانية ، ولاتعتمد مبدأ محاسبة المسيء ، او من ارتكب جرائم بحق الشعب العراقي ايا كان انتماءه ، وهذا يشمل ليس البعض ممن تعتبرهم من القيادات البعثية بل يمتد ليشمل مافعلته قوات بدر وحزب الدعوة والبيشمركة ضد ابناء العراق منذ التسعينات ولغاية مؤامرتهم التي ادت لاحتلال العراق ، اما البعثيون الذين هم الهدف من هذا القانون ، فلايمكن ان يكون كل هؤلاء قتلة ومجرمين وهم صنعوا وطنا يفخر به العراقيون جميعا ، وحموا وطنهم من شر الفرس الصفويين واذاقوهم مرارة الهزيمة وكانوا شعبا يفخر بوطنه وبانجازات علماءه وكان موحدا برغم كل المعاناة التي مر بها طوال عقدين من الزمن بين حروب فرضت عليه وحصار ظالم جائر تسبب باضعاف هذا الوطن ليأتي اشباه الرجال والخونة وعلى ظهور الدبابات الامريكية ومن تحالف معها ومنهم الفرس ليحتلوا هذا البلد ويعيثوا فسادا على ارضه في مرحلة من اسوأ المراحل التي مر بها العراق في تاريخه الطويل ، ولذلك ستستمر هذه التظاهرات والمطالبة بالحقوق مهما طال الزمن وغلت التضحيات وقد تصل المطالب الى حد اسقاط الحكومة ان استمرت بمواقفها المتشددة تجاه المطالب المشروعة .
نعم انها الثورة على الظلم قد بدأت وستستمر حتى اسقاط كل رموز العمالة والخيانة ومحاسبة القتلة والمجرمين ومن استباح اعراض العراقيات ، وأهدروا ثروات البلاد ، وسوف لن تضيع دماء الشهداء الذين سقطوا او سيسقطون في ساحات العز والكرامة ، وانها لثورة حتى التحرير باذن الله والله خير الناصرين .
في الجزء القادم وهو الخامس
ساتطرق الى احتمالات المواجهة وردود الافعال طبقا لما جرى خلال الاسبوعين الماضيين من تصريحات وتحركات والتصعيد المحتمل .
[email protected]