17 نوفمبر، 2024 8:37 م
Search
Close this search box.

ثورة الشعب والتحديات القادمة – 1

ثورة الشعب والتحديات القادمة – 1

لاشك ان التظاهرات التي تجتاح العراق حاليا تمثل صحوة بعد سبات طويل ، ولكن ، يبدو ان الاصرار على المطالب المشروعة التي يطالب بها المعتصمون في ساحات العز والكرامة وبطلان التهم التي حاولت سلطة المالكي الصاقها بهم باءت بالفشل ، حيث امتدت شرارة تلك التظاهرات الى كل انحاء العراق وبدأت المطالب يرتفع سقفها يوما بعد يوم حتى وصل الى حد المطالبة باسقاط الحكومة وتنحي المالكي ، وهذا المطلب لم يعد خافيا بل ان التصريح به جاء حتى ممن هم مشاركون بالسلطة والبرلمان كالقائمة العراقية والتيار الصدري وحتى الحزب الشيوعي، لانهم ادركوا مبكرا ان الشعب العراقي بات قاب قوسين او أدنى من الثورة العارمة والتي ستطيح بكل العملية السياسية ورموزها بشتى مسمياتهم ، ولكون القادم من الايام غير واضح للكثيرين ، فالواجب ان يتم ايصال حقائق تبنى عليها ستراتيجية واضحة المعالم للتصدي لاي رد فعل من الحكومة ، ولكي تكون تلك الجماهير مستعدة لكل الاحتمالات ، وفي البدء علينا ان نوضح حجم التأثير الذي ستلحقه تلك الاعتصامات وتصاعدها على الحكومة العميلة وعلى من يسيرها وربط ذلك مع المتغيرات التي تحدث في دول الجوار وتأثيرها في الفعل القادم .
ان التعاون الايراني الامريكي ومن خلاله ( الصهيوني ) بات واضحا لكل من لايفقه حتى الف باء السياسة ، ولعبة المصالح باتت واضحة في مابين تلك القوى الثلاثة ، فقد التقت مصالحهم وبات التعاون متفقا على البعض منه وارتجاليا احيانا اخرى ومادامت المصالح تسير بخط مستقيم لايتقاطع ايا منها مع الاخر فلانتوقع تغييرا في المواقف سواء من الولايات المتحدة أو ايران لان كلاهما يستفيد من الاوضاع القائمة والمستفيد الاخر (الكيان الصهيوني ) والذي قد يبدو للاخرين غائبا والحقيقة انه يستفيد اكثر من الجميع خاصة بعد ماسمي بالربيع العربي والذي ستثبت الايام انه ليس الا خريفا عربيا وانه ربيعا للصهيونية وامريكا وايران وقد تدخل تركيا لاعبا رابعا ان لم تكن قد دخلت بعد؟؟؟
لذا علينا ان نوضح حجم التغيير الذي سيحدث اذا ما نجحت الجماهير العراقية في الحصول على ماتنادي به  وتأثيره في الحلف الثلاثي اللامقدس الذي اشرنا اليه وبالتالي كم لونا من الخطوط قد وضعت وماهو اللون الذي سيكون مابعده الطوفان.
ان اسقاط العملية السياسية في العراق سيكون لها تأثيرا واسع النطاق قد يمتد لكل الدول المحيطة به وقد يساهم بتصحيح مسار الثورات العربية التي بدأت تأكل نفسها وفقدت البوصلة التي بدأت بها أول انطلاقها مما سهل لقوى لاتنتمي لتلك الثورات بركوبها والانحراف بها بعيدا عن مسارتها الحقيقية ، وها نحن نرى مايحدث في مصر وليبيا واليمن وماستؤول اليه الامور في سوريا ؟ فما هي نتائج نجاح ثورة العراقيين
انحسار المد الايراني
ان سقوط الحكومة العراقية المسيطر عليها من قبل ايران سوف يجعل ايران في وضع صعب جدا وسيقطع عليها طريق دعم حلفائها سواء بسوريا ومن خلاله الى حزب الله في لبنان وقد يسقط كلا الطرفين ، كما سيقوض مشروعها الصفوي ويضعف كل خلاياها النائمة والمستيقضة والتي تعيث فسادا في الاقطار العربية والاسلامية وينهي امالها بتصدير مايسمى بالثورة الاسلامية كما تدعي ، وستشجع القوميات والمذاهب المضطهدة داخل ايران للثورة ضد الحكام الفرس الذين يهيمنون على مقدرات اطياف الشعب الايراني .
ضرب المصالح الامريكية
ان انتهاء التهديد الايراني لدول الخليج العربي سيجعلها  تنعم بالامان والاستقرار وسينعكس ذلك على رفايتها الاقتصادية وزيادة ميزانها التجاري ويكون لها فائض نقدي سيساهم برقي تلك المنطقة من خلال الخروج مما يسمى (الحماية الامريكية) ضد التهديدات الايرانية والتي بموجبها تجني الولايات المتحدة مئات المليارات سواء عبر صفقات الاسلحة الى تلك الدول أو اتفاقية حمايتها من اي تهديد نووي لاحق وترجم ذلك الى تواجد الاف الجنود الامريكان في قواعد عسكرية فاقت حتى تلك القواعد الموجودة داخل الولايات المتحدة نفسها ونشرها للعديد من بطاريات صواريخ (باتريوت) المضادة للصواريخ ، وبالطبع كلفة كل ماموجود على اراضي تلك الدول تدفعه تلك الحكومات من اموال شعوبها.
والنفط العربي الذي ينساب الى الاسواق العالمية تحت السيطرة الامريكية وتستفيد من الاسعار المخفضة التي تبيع تلك الدول نفطها اليها ، ليس ذلك مهما بقدر اهمية ان كل الفائض النقدي لتلك الدول يذهب الى امريكا عبر لعبة شراء سندات الخزانة الامريكية والتي سينظر الكونكرس الامريكي في زيادة حجم الدين خلال نيسان المقبل ليصل الى اكثر من 14 ترليون ( اربعة عشر الف مليار ) وهو اليوم تجاوز الاثنى عشر الف مليار ، علما ان الدخل القومي لامريكا لايصل الى 12 الف مليار أي أن الدين اكثر من الدخل ولاادري كيف ستقوم الدول التي تمتلك سندات تلك الخزانة باسترداد اموالها ونصيحة لهم نقول ( اقبض من دبش)

الضرر الذي سيصيب دول العدوان
ان عودة العراق الى محيطه العربي وتأثيره فيه هو خط احمر بالنسبة لايران اولا والصهيونية ثانيا .
حيث سيطالب باستعادة الاموال التي نهبت والغاء الصفقات المشبوهه التي حصلت وصولا الى الغاء الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة وبالتالي مطالبة الدول التي شاركت بالعدوان على العراق دون مسوغ قانوني بالتعويض عن كل ماخسره العراق وقد يمثل حجم هذا التعويض ميزانيات تلك الدول لسنوات طويلة ، وبالتالي فهذه الدول ايضا سوف يكون لها دور لابقاء الوضع كما هو عليه .

عودة الاحتلال المباشر
ان الحلف اللامقدس والمصالح التي تجمعه ( ايران- الولايات المتحدة- اسرائيل) سوف يفعل المستحيل ليبقى الوضع كما هو عليه او احداث تغيير تكتيكي يستطيع فيه ضمان عدم تعرض مصالحه للخطر حتى لوتطلب الامر اعادة احتلال العراق مجددا اذا مافشلوا في قمع تلك الاصوات المنادية بالحرية والاستقلال وقد يتم تبادل الادوار بين امريكا وايران كما حدث في السابق عندما سحبت امريكا قواتها من العراق وسلمته الى ايران ، فقد تعود امريكا وتخرج ايران ولو شكليا بحجة حماية الشعب العراقي ، أو عن طريق ارسال قوات دولية لحفظ الامن والاستقرار في بلادنا ، ولكي تستمر لعبة الشطرنج بينهما على الارض العراقية ، وقد ياتي بدل المالكي من يدعي الوطنية وبالتالي نكتشف انه العن من الاول .

الحرب الطائفية
احتمالية تصعيد الامور من خلال اللعب على وتر الطائفية والذي عملت عليه ايران في العراق منذ الاحتلال والى يومنا هذا ولانبالغ اذا مااخذنا بنظر الاعتبار احتمالية نشوب حرب طائفية تقودها ايران ووكلائها من جهة ، والقوى الوطنية العراقية من جهة اخرى، كاحدى محاولات الحكومة للبقاء في السلطة لتنفيذ المخططات التي جاءت من أجلها ولكي يبقى الوضع العراقي كما هو عليه الان.

الخلاصة
ماذكر لايمثل الا جزءا يسيرا من الحقائق وليس كلها ، فهل سيكون من السهل ان يسمح بمغادرة حكومة الاحتلال بيسر ؟ او هل يظن البعض ان الطريق سيكون سهلا ؟ وماهي الاحتمالات القادمة ؟
انها صورة مختصرة لحجم التأثير الذي سيحدثه الشارع العراقي اذا ماتم نيله لمطالبه وبالتالي علينا ان نضع في الحسبان كل الاحتمالات وذلك يتطلب انشاء مجلس وطني يضم شخصيات سياسية واكاديميين ومحللين سياسيين والاستعانة بمراكز الدراسات والبحوث الوطنية وكذلك المواقع العراقية على الانترنت ومنها الكثير الذي يعمل ضد الاحتلال ويقف مواقف مشرفة من قضايا حقوق الانسان والتصدي للفساد والتبعية والعمالة ، ليتدارسوا كل الاحتمالات وان يضعوا الحلول المناسبة لها قبل ان تستفحل ، ولقطع الطريق امام كل الذين يحاولون سحب هذه الثورة المباركة الى ازقة مظلمة يتعذر بعدها الوصول الى الطريق الذي ننشده .
لاأريد مما ذكرت اعلاه سوى التذكيربجزء يسير من الحقائق التي قد لاينتبه اليها البعض وبالتالي لايقدر حجم ماسيلاقيه وينعكس ذلك على خلل في الاعداد للمواجهة القادمة ، لذا علينا ان نعرف حجم عدونا ومالديه من امكانات وماهو الضرر الذي سيصيبه جراء الخسارة وماحجم استعداده للمضي والاصرار على القتال للحفاظ على مصالحه ، لان المعركة القادمة بين الشعب العراقي والحكومة المنصبة من المحتل ليست صراعا داخليا تحت مسمى حقوق ومطالب وديمقراطية وانتخابات وغيرها من الشعارات التي ينادي بها اي شعب يتطلع لحياة افضل ، بل هو صراع ارادات ومصالح دول لاأبالغ اذا قلت أن سقوط امريكا وانهيارها هو أول نتيجة لعودة العراق الى وضعه الطبيعي ، وانهيار ايران تحت ضغط شعوبها المضطهدة وانتهاء مشروعها بالسيطرة على الخليج العربي واحلام الصفويين بتدمير امة العرب وانهاء دينها وقوميتها نتيجة احقاد تاريخية معروفة .
لذا ، أأمل ان اكون قد أوصلت بعضا مما يدور خلف الكواليس ومايمكن أن يواجهه شعب العراق ورجال المقاومة الوطنية الباسلة من تحديات ، عليهم دراسة كل مفاصلها وتداعياتها لكي يعرفوا حجم التحدي الذي يواجههم ويهيئوا الاسلحة المناسبة ، اعلاميا وسياسيا وجماهيريا ومن ثم حساب احتمال  الوصول للمواجهة العسكرية ، وعليهم ان يعرفوا ان هذه المواجهة سيكون تأثيرها ليس على الساحة العراقية فقط بل سيمتد ليشمل محيط العراق العربي والدول الاستعمارية المهيمنة على مقدرات تلك الشعوب وبالتالي لن تقف صامتة وقد تلجأ لشتى الطرق لتحقيق اهدافها التي جاءت من اجلها منذ عام 2003 وماكانت تخطط له قبل ذلك بعشرين عاما، مع الاخذ بنظر الاعتبار أن من نواجههم يمرون الان باصعب مرحلة في تاريخهم سواء امريكا أو ايران ، الاولى اقتصاديا وانهيارها بات وشيكا والثانية داخليا حيث القوميات والمذاهب المتناحرة وخنق الحريات والاضطهاد بات اقرب للانفجار وبالتالي ستكون ايران بوضع لاتحسد عليه وستشرب من نفس الكأس الذي سقت به غيرها .
كما أود أن أشير الى أن صمود الشعوب المتطلعة للحرية هو الطريق لنيلها والتاريخ مليء بالشواهد على ذلك ، ولااقصد من خلال ماعرضته بايجاز احباط البعض على قدر حرصي على التنبيه وواجب الاخذ بنظر الاعتبار كل ماتقدم وماالنصر الا من عند الله وهو خير الناصرين.
في الجزء الثاني ،سأتحدث في عن الاجراءات التي يجب اتخاذها لادامة الصمود واجبار الحكومة على الانصياع لمطالب الجماهير .

أحدث المقالات