22 ديسمبر، 2024 7:46 م

ثورة الحسين ..ثورة الفكر والاصلاح في الامة

ثورة الحسين ..ثورة الفكر والاصلاح في الامة

في الحقيقة نقف عند هذا الحدث مدركين منذ البداية أن الحروف والأسطر لا تسع للحديث عن عقيدة وفكر التغيير لدى الإمام الحسين (عليه السلام) الذي ليس له مثل، لأنه فكر رجل أحبه الله ورسوله وورث العلم من أبيه الذي كان أعلم الناس ولم يسجد لصنم فكرم الله وجهه في أحاديث الناس.
إن الحديث عن الإمام الحسين (عليه السلام) يتطلب منا استحضار نفس التضحية والقدرة على قهر شهوات النفس والتعبير عن اللحظة التاريخية في التصدي للظالمين ونصرة المستضعفين، فالإمام لو أراد العيش أمويا لكان أسعد الناس فوق الأرض، لكن عقيدته ومنهجه تفوق أن يكون إنسانا شهوانيا أو دنيويا وليس غريبا أن الإمام لما سئل يوما ما عن عوامل ثبات الإيمان تحدث عن الورع وعن سبب زواله تحدث عن الطمع، لذلك لم يقبل الظلم في حياته، كما أنه لم يقبل الظلم في أمة جده فكان يحمل فكرا لا يقف تصوره في وضع الكلمات والمفاهيم وإنما جسد حقيقة التغيير في منظومة تجمع بين الكلمة والسلوك من خلال سعييه إلى اقتلاع الجور من الأرض وصولا إلى إحقاق العدل بين مجتمع الناس.

فالحسين من هذا المنطلق أسس ثقافة وسلوكا لمنظومة تربي الناس على بناء الذات وتنشئتها نشأة قوية تجعلك رجل تغيير بامتياز فهو إمام وقدوة ورجل حق يقر به الجميع ولهذا نختم بما قاله المسيحي العربي بولس سلامة “الحسين (عليه السلام)، مهما كتبنا عنه، فلن نتجاوز فيه ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) “مكتوب على ساق العرش: إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة”

ومن هذه الزاوية نرى الصورة الواضحة لمنهج عاشوراء من خلال ما طرحه احد المحققيين الاسلاميين المعاصرين في بيانه رقم -69- محطات في مسير كربلاء ,وهذا مقتبس منه جاء فيه :
((والآن ايها الأعزاء الأحباب وصل المقام الذي نسال فيه أنفسنا ، هل سرنا ونسير ونبقى نسير ونثبت ونثبت ونثبت على السير ونختم العمر بهذا السير المبارك المقدس السير الكربلائي الحسيني الالهي القدسي في النصح والأمر والإصلاح والنهي عن المنكر وإلزام الحجة التامة الدامغة للجميع وعلى كل المستويات فنؤسس القانون القرآني الإلهي وتطبيقه في تحقيق المعذرة الى الله تعالى أو لعلهم يتقون
حيث قال الله رب العالمين سبحانه وتعالى : { وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الأعراف/164.
وبهذا سنكون ان شاء الله في ومن الأمة التي توعظ الآخرين وتنصح وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر فينجها الله تعالى من العذاب والهلاك ،
فلا نكون من الأمة التي قعدت عن الأمر والنهي والنصح والوعظ فصارت فاسقة وظالمة وأخذها الله تعالى بعذاب بئيس.
ولا نكون من الأمة التي عملت السيئات ولم تنته ولم تتعظ فعذبها الله تعالى وأهلكها وأخذها بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون فقال لهم الله كونوا قردة خاسئين،
قال العزيز الحكيم:
{ لَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } الأعراف/165-166.))

في الواقع نحن نحزن على الحسين ليس إسقاط واجب، ولا لعادة بل لأنه ملهم للعطاء والنبل والفكر المستنير ومقاومة الطيش والخسة ونحن في وقت نحتاج إلى الكثير من القدوات الصالحة والملهمة للصبر ونيل الظفر..