الكتب السماوية بمعظمها تتضمن روايات تاريخية لفترات سبقتها لاستخلاص العبرة والحكمة (لأن التاريخ يعيد نفسه) فلماذا لا ننظر الى ما حدث في كربلاء كحادث تاريخي سياسي لاستخلاص العبرة بعيدا عن الممارسات التي نشرها رجال دين يتاجرون بالدين وبعيدا عن تطرف اعمى لرجال دين يدعون التوحيد وجميعهم يفتقدون اقل درجات المعرفة والعلوم الدينية… عندما تسألهم يقولون لك أجمع العلماء وعندما تسألهم من هؤلاء العلماء لن تجد الجواب الشافي.
نعود الى التاريخ ونحاول ان نعيش الاحداث.
تخيل نفسك تذهب صباحا للتسوق في أسواق الكوفة أو دمشق أو القاهرة وتجد احتفالات وتتفاجيء برؤوس مقطوعة مرفوعة على الرماح يدار فيها بالشوارع والاسواق وفي فترة زمنية هي اقرب ما يكون لفترة بزوغ شمس الاسلام ونشر القيم الاخلاقية
تسأل عن الموضوع يقال لك ان هذه الرؤوس هي للحسين بني علي أبن فاطمة ابنة نبي هذه الامة محمد (صلى الله عليه وأله) واهل بيته وعشيرته
تسألهم عن السبب البعض يقال لك صراع سياسي على الحكم أو ثارات قديمة !!!
من قتل في هذه معركة الطف في كربلاء؟
28 من بين ال 72 رجل استشهدوا في واقعة كربلاء هم من اولاد عقيل ابن ابي طالب وجعفر ابن ابي طالب وعلي ابن ابي طالب وكل هؤلاء يعتبرون من الصحابة وأقرب الناس للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) . وجعفر أبن ابي طالب هو شهيد جاءت فيه احاديث تعرفها المذاهب الاسلامية . أما علي أبن ابي طالب فسيرته واخلاقه ودينه وشجاعته وإيثاره وعدله وحكمته لا يختلف عليها احد في أمة الاسلام.
وهنا يتبين أن المعركة كانت محاولة لإبادة آل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) لاغراض سياسية.
وهذا المنهج استمر بعد محاولة إبادة شاملة لآل الرسول (صلى الله عليه وآله) بتقييد وعزل ما تبقى منهم لمنع إيصالهم للحكم.
هذا الحدث التاريخي ادخل النظام السياسي للحكم (في ظل دين الاسلام) بمنهج قائم على تعيين الحاكم ولو كان على حساب دماء آل الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي جاءهم بالاسلام و باسلوب همجي من خلال ارسال الرؤوس المقطوعة الى ارجاء البلاد الاسلامية ليطاف بها بالصورة لا تختلف عن زمن الجاهلية التي حاربها الإسلام.
النتيجة المستحصلة الآن فيما يخص الجانب السياسي نجد ظهور عدة فرق اسلامية ولكن مبنية على منهجين اساسيين في الحكم
المنهج الاول:
يقول بإن الحكم يجب ان يكون لآل الرسول (صلى الله عليه وآله) وهذا المنهج تفرعت منه عدة فرق منها من ادعى انه من آل الرسول ليستحصل على القيادة الدينية والتأثير السياسي من خلال كثرة الاتباع (مثل طائفة البهرة …وغيرهم ) ، وفرق أخرى استلم الحكم السياسي بمسمى الهاشمية كما في المملكة الاردنية
وفرقة الاثنى عشرية تركوا المطالبة بالحكم لان الامام غائب لذلك لم يشتركوا في الحكم (حتى بعد ان اتيحت لهم فرصة بعد ثورة العشرين في العراق ) وهنا وجد رجال الدين فرصة لقيادة اتباع هذا المنهج … ولكن عندما وصل بعض اتباعهم الى الحكم كما حصل ويحصل الآن في العراق تغير الحال واصبحت الشورى التي انتقدوها تصب في مصلحتهم واصبح رجال الدين يحكمون في الظل …ونتائج الحكم كارثة للشعب بكل ما تعني الكلمة أو ان يحكم رجل الدين كمرشد أعلى (لا يستطيع ان ينصب نفسه حاكم لان هذا يخالف عقيدته) والناس تختار رئيس يخضع لحكم المرشد الاعلى كما هو في أيران (ولاية الفقيه) وهذا عبارة عن خليط من الشورى والتسلط
المنهج الثاني:
وفيه ايضا عدة فرق ، احدها ان يحكم اي كان وليس بالضرورة من نسل آل الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو منهج غير واضح المعالم لا هو شورى ولا ديكتاتورية ولا ديمقراطية واضحة رجال الدين اجتهدوا فيه على ترسيخ مفاهيم وهي عدم الخروج على ولي الأمر ووجوب طاعته مهما كان… ولكن بعد حدوث ما يسمى بالربيع العربي نجد ان رجال الدين انقسموا هنا بين مؤيد ومعارض لانه خلاف ما حاولوا ترسيخه لمئات السنين من وجوب طاعة ولي الأمر.
وفي العصر الحديث انشق من هذا المنهج عدة فرق منها الاخوان المسلمين الذي يطالبون بحكم اسلامي خليط بين شورى لاختيار مرشد اعلى وديمقراطية لاختيار رئيس يتبع المرشد الاعلى وبعدها ظهرت تيارات متشددة تريد ارجاع منهج الخلافة على اساس ماجاء في كتب الصحاح (بأن يكون الخليفة والحاكم من نسل الرسول محمد (صلى الله عليه واله) لذلك نجد ان من يختاروه بالشورى يدعي انه إبراهيمي، هاشمي قرشي لتطبيق ما جاء في صحيح مسلم باب الخلافة في قريش ولكن هؤلاء قاموا بمجازر وقتل للناس باسلوب همجي ابشع ممما كان في الجاهلية (ووصف منهجهم حديث لعلي ابن ابي طالب قال فيه : يطلبون الحق وهم ليسوا اهله)
العبرة التي يمكن استخلاصها ان الدين اصبح لعبة سياسية وانه جزء كبير من الاحاديث والتاريخ الاسلامي تم تدوينها في زمن نظام سياسي همجي قتل آل الرسول (صلى الله عليه وآله) ووضع رؤوسهم على الرماح وطاف بها البلاد الاسلامي.
فعلى المسلم أن يتفكر في الحقائق التي وصلته عن الإسلام ويتحقق منها بإنصاف بعيدا عن المنابر الدينية التي همها الوحيد الحصول على الامتيازات في ظل انظمة سياسية مهما كان اسلوبها بالحكم… والتاريخ يعيد نفسه