امريكي- الى اين ستصل ثورة الفقراء في بلادكم؟
عراقي- اتسمونها ثورة؟!
* بل اكثر من ثورة، انها من وجهة نظري الشخصية ومن خلال تجاربي، تعتبر بداية عملية الخلاص.
* غريب هذا الاستنتاج، اذ متى كان للفقراء وللعائلات الجائعة مثل هذه القدرة على فرض الخلاص والانقاذ والمنطق، في مجتمع تتحكم فيه القوى التي تمتلك السلاح؟!
* في كل التاريخ، القديم والحديث، كان للفقراء والجائعين مثل هذه القدرة. اقرأوا تاريخ الثورة الفرنسية جيداً، واقرأوا تاريخ كل الثورات الشعبية الاخرى فتجدوا الجواب. عندما تجوع الاكثرية المجردة من اي سلاح، العارية من اي قدرة، تفرض بتضامنها التلقائي الحلول العادلة، في اوروبا كانت الحروب الظالمة تحصد الابرياء وتعيش على دمائهم وطاقاتهم وتقسم الارض وتدمر المباني وتأكل وحدها من دون بقية المعدمين رغيف الخبز وتستنزف طاقات الشعوب، وقد عانت اوروبا في حقبات مظلمة من تاريخها اكثر بكثير مما يعاني منه اليوم الشعب العراقي، ولكن عندما كان يفيض الكيل كانت الطبقات المعدمة المجردة من اي سلاح ومن كل قوة تحطم الجدران وتدمر الخنادق وتعبر الخطوط الحمراء وتحصل على حقوقها كاملة بأجسادها العارية. وها هي اوروبا اليوم موحدة قوية تتمتع شعوبها بقدر كبير من الاكتفاء والصمود والقدرة وتتمتع ايضاً بأنظمة ثابتة.
* وهل نحن في العراق مقبلون وفق هذه المعادلة وفي ظل الظروف الاقليمية على تجربة مماثلة للظروف التي تشير اليها؟
* بكل تأكيد، بل انكم في العراق تتمتعون رغم الموت والدمار والتشرذم والانشقاق بظروف اكثر قدرة على خلق تيار الثورة المنقذة من ظروف الاوربيين وغيرهم. ان لديكم تصميماً رسولياً على الحفاظ على وحدة بلادكم ارضاً وشعباً اكثر من كل شعوب العالم، ولو تعرض بلد آخر لجزء بسيط مما تتعرضون له انتم منذ اكثر من عشر سنوات لكان انهار هذا الشعب وتمزق واستسلم ولكانت الارض قد قسمت والدولة قد زالت، انكم في العراق، شعب يعطي الآخرين درساً تاريخياً في الصمود وفي التصدي وفي بناء الدولة الحديثة، انني اعتبر انكم تمرون، ونمر نحن معكم في مرحلة المخاض الذي يسبق الولادة الصعبة للدولة الحديثة.
* ولكن كيف وبأي ثمن؟
* متى؟ لا اعرف مع ان هناك مؤشرات تدل على ان الموعد، موعد الخلاص لم يعد بعيداً. كيف؟ ايضاً لا اعرف وان كان ما لدي من مؤشرات يؤكد ايضاً انه سيأتي بأيديكم ضمن حلول وتسويات يرتبط
بعضها بالوضع الداخلي وتمتد خيوط البعض الآخر الى خارج الحدود. بأي ثمن؟ بثمن كبير وصعب ولكنه غير مستحيل وهو لن يكون اكبر من الثمن الذي دفعه العراقيون طوال عقد.
* مسؤولية العراقيين ثابتة لا جدال فيها، ولكن اين هي مسؤوليتكم انتم؟
* لكل منا همه وظروفه ومتطلباته، ولا اريد هنا ان اذكر بما حاولت بعض الاقطار العربية ان تقدمه اليكم من مساعدات مادية وسياسية واقتصادية، وهي مساعدات يمكن ان تستمر اذا قلتم لنا بصوت واحد ما الذي تطلبونه وتتفقون عليه، والى اي مؤسسة يجب ان يذهب.
* العراق يعاني كما تقرأ وتسمع من الوضع الاقتصادي المتدهور ومن الجوع الذي يهدد ما تبقى من قدرة على الصمود، واذا كانت المساعدة السياسية والعسكرية صعبة الامر، فهل هي صعبة المساعدة الاقتصادية الضرورية ولو في اطار العودة الى قرارات المساعدة التي اتخذتها بعض الحكومات العربية بخصوصنا وبقيت دون تطبيق او تنفيذ؟
* وهذه ايضاً مسؤوليتكم، اذا اردنا ان نساعد ونحن نريد حقاً رغم ظروفنا الصعبة، فالى من نرسل هذه المساعدة، الى رئاسة الجمهورية المقاطعة؟ ام الى مجلس الوزراء المهلهل، ام الى الميليشيات التي لا تتحاور الا بسلاح القوة؟! اجتمعوا واتفقوا وجددوا مطالبكم وتحملوا مسؤولياتكم، وخذوا ما تطلبون.
* مستحيلات… كلها مستحيلات .
* صحيح، ولكن صدقني، ان ثورة الفقراء التي بدأت، سوف تحول هذه المستحيلات الى قرارات قابلة للتطبيق، وان اختلفت وجوه واسماء الذين يحملون صفة المسؤولية عندكم اليوم.