خرج الشعب العراقي في المدن كافة مطالبا بالخدمات؛ وأهمها الكهرباء، بعد إن شعر بعجز تنفيذها، ومحاسبة المفسدين والمقصرين في أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية السابقين والحاليين، وإيقاف هدر المال العام.
ألا إن المتظاهرين بعد الجمعة الأولى؛ صنفوا إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى: “المطالبين بحقوقهم” وهم الأكثرية المتضررين من قلة الخدمات، الناقمين على سوء إدارة الدولة خلال السنوات الماضية، وما تسبب في سيطرة داعش على ثلث العراق، وفشل المؤسسة العسكرية، وانتشار الفساد وكثرة البطالة وغيرها، والفئة الثانية: المطالبين “بالدولة المدنية” الذين ركبوا موجة الانتقام من بعض الإسلاميين، الذي فشلوا في توليهم مقاليد الحكم، وأولئك يمثلون التيار العلماني والحركات اللبرالية، والفئة الثالثة: هم “المأزومين والعابثين” إتباع ومؤيدي الجهات التي فشلت أصلاً في إدارة الدولة، وغاياتهم خلط الأوراق، والتغطية على قضايا الفساد المتهمين فيها، فقاموا بسباب الرموز الدينية والسياسية وحرق صورهم، وطرح مسألة تغيير النظام والدعوة “للنظام الرئاسي” كغطاء يهربون تحته من الفشل.
ألا إن تدخل المرجعية العليا؛ وإعلانها “للصبر حدود” كان بمثابة الانطلاقة الحقيقية لما أسمتها “ثورة الإصلاحات” ودعوتها “للضرب بيد من حديد كل من يقف بوجه مسيرة الإصلاح” في إشارة واضحة، إن أي إصلاح في البلد، لا يكتب له النجاح بوجود معوقات حزبية وفئوية وطائفية، وقد وضعت خارطة طريق للإصلاحات، حتى لا يسمح للاجتهاد الشخصي الالتواء على طلبات الشعب، ودعمت رئيس الوزراء كونه المسؤول التنفيذي الأول، لذا أصبح إلزاما على مجلسي الوزراء والنواب أن يكونوا بدرجة عالية من المسؤولية في إصلاح الأمور، بعدما ذكرت أن الحكومات السابقة لم تصغي لدعوات المرجعية العليا منذ عام 2006، وحملة السياسيين معظم أخطاء الفترة السابقة؛ من عدم وضع خطط لإدارة الدولة، وعدم استثمار ثرواتها البلاد.
لذا بدأت الجماهير تطالب رئيس الوزراء بالتخلي عن “انتمائه الحزبي” كونه السبب الرئيسي لما حدث في العراق، ما جعل هذا المطلب ينسحب على جميع الأحزاب والكتل السياسية، لتبدأ بإصلاح نفسها، إذ قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ” حيث لا إصلاح ألا بإصلاح المسؤولين لأنفسهم وأحزابهم ومؤيديهم، وهذا ما أكد عليه السيد الحكيم؛ في تأبين السيد الصدر حيث قال: “وكل منا يبدأ من نفسه من كيانه من جماعته إذا ما ثبت بالدليل أن هناك فاسد ينضوي تحت أي خيمة من هذه العناوين” كما أكد العامري على نفس المضمون، وبذلك أصبح حرياً على القادة السياسيين الالتزام بما أعلنته المرجعية الدينية، وأيدها الشعب العراقي الانطلاق من أنفسهم.
لتطمئن الجماهير؛ إن ما خرجت لأجله سيكون واقع حال في إصلاح النظام السياسي، ووضع القوانين الضامنة لنجاح الإصلاح، واختيار الشخصيات القادرة على إنقاذ العراق من الأزمة الاقتصادية، ومعالجة الأوضاع كافة.