ماذا بقى من ” الثورة ” السورية القذرة غير تلك الصور الدموية لقتل الابرياء التى ارتكبتها الجماعات الارهابية المسلحة الممولة خليجيا و التى قلدها ” اصدقاء سوريا ” من دول المؤامرة عليها توصيف الثورة مع أن ما نطق به أخيرا وزير الخارجية القطرى العميل المعزول حمد بن جاسم قد جاء ليؤكد لبعض المهرجين و المضللين الاعلاميين فى قناة الجزيرة او فى قناة العربية و غيرها من وسائل اعلام المؤامرة أن ما حصل لم يــــكن ثورة لا بالتعبير الحقيقى و لا بالتعبير المجازى بل هى مؤامرة قذرة لإسقاط النظام كاملة التوصيف و التخطيط ارتكبها المتآمرون الذين اطلقوا على انفسهم تسمية ” اصدقاء سوريا ” من باب الخداع اللغوى الفاقد للمعنى ، نطق بن جاسم بأن قطر و السعودية و الامارات قد ظنوا سوريا الفريسة التى يسهل نهشها و ان عملية اسقاط حكم الرئيس بشار الاسد و تدمير قوته العسكرية لن تتجاوز الساعات و أن الاموال و الاسلحة و المعدات الاتصالية التقنية المتطورة و ما انجزته الجزيرة من برامج و صور تضليل كاف لهدم المعبد السورى و تمكين الرئيس التركى و الامير القطرى المعزول و رئيس الحكومة الصهيونية و العاهل السعودى الراحل من الصلاة فى المسجد الاموى كل على طريقته الخاصة ، لكن لم تجر الرياح الارهابية بما تشتهى الافكار الجهنمية لأعداء سوريا و خرج الرئيس الاسد من المؤامرة أكثر صلابة وقوة و شاهده العالم يجول بسيارته بين مواطنيه فى كثير من أنحاء الوطن السورى .
ان السينما و وسائل الاعلام الامريكية و الغربية عموما كانت و ما زالت تسيء للعرب عن طريق تشويه الوقائع و تزييف الاحداث فهى تتعمد تقديم الافلام الوثائقية و البرامج و الافلام التى يشوبها كثير من المغالطات و التضليل و الاساءة و لقد تابعنا كيف استعانت المخابرات الامريكية بوسائل الاعلام لتشويه صورة الحكم فى العراق و مهدت معنويا للغزو الامريكى سنة 2003 بعلة ما سمى بتدمير اسلحة الدمار الشامل و هى الخدعة البصرية التى اشهر صورها المزورة و الكاذبة وزير الخارجية الامريكى الاسبق كولن باول فى مجلس الامن فى جلسة استصدار قرار ضرب العراق و احتلاله عسكريا ، يقول تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى السابق فى مذكراته أنه يشعر اليوم بالعار بعد أن ساهم فى قتل الشعب العراقى بالاستعانة بتلك الصور التى دبرتها المخابرات البريطانية بالتعاون مع نظيرتها الامريكية لكن المهم فى كل تلك الصور أنها اعتمدت لتزوير حقائق مهمة لعل ابرزها أن ما حصل فى العراق ليس غزوا عسكريا أمريكيا صهيونيا ممولا خليجيا للإطاحة بنظام بل هى ثورة مكتملة الاوصاف يعلم الجميع اليوم أن رموزها قد جاؤوا على ظهر الدبابات الامريكية ، اليوم يتحدث الجميع عن التضليل الاعلامى الامريكى لصنع الثورات المزيفة فى العالم و يكشفون أن هناك كثيرا من الصور مزيفة و تم التلاعب بها لجلب التعاطف الدولى و تشويه الانظمة الحاكمة .
يؤكد أرشيف صور ما يسمى بالثورة التونسية مشاركة رموز معروفة من جماعة ” فاحت ريحتكم ” اللبنانية التى ذاع صيتها منذ فترة فى خصوص ملف النفايات المنزلية ، هذه الرموز ممولة من دكاكين المخابرات الامريكية التى تعمل على صنع الثورات و تغيير الانظمة العربية فى نطاق ما يسمى بمشروع الفوضى الخلاقة و مجرد تواجدها فى قلب شارع بورقيبة يدفع المتابع العربى الى كثير من الاسئلة الحارقة و من بينها الاسئلة البسيطة العادية لماذا تواجدوا هناك و من مولهم و ما هى الاهداف الحقيقية من تواجدهم و من يقف وراءهم و ما هى اهدافهم فى المستقبل و كيف رحلوا و بالنهاية نحن اليوم أمام سؤال مهم هل أن ما حدث هى ثورة بمقاييس تونسية أم ان الصورة الاعلامية قد اخرجت الحراك الشعبى السلمى التونسى من سياقه العفوى البسيط الى سياقات دولية معاكسة لتتلاعب بمشاعر التونسيين و لعله من المثير للغثيان اليوم أن نتذكر وقوف الكونغرس الامريكى فى تحية اكبار للثورة التونسية فى حين أنه كان فى تلك الفترة من أكثر العالمين و المطلعين بأن ما حدث فى تونس لم تكن ثورة بل صورة شبه ثورة مزورة افرطت عدة مخابرات و وسائل اعلام عربية و اجنبية فى تلميعها و شفط دهونها و اضفاء مسحة من الرومانسية و الجمال عليها و الحال أنها مجرد جنين مشوه يحتاج الى كثير من المعاناة و الرعاية ليسترجع عافيته .
” عندما بدأ الغزو البري للكويت والعراق في فيفرى 1991، تّم تشكيل وحدات البث المتقدم ليكون الصحفيون قريبين من مواقع المعركة. وهكذا ، تحكمت المؤسسةُ العسكرية في الصور الفوتوغرافية عن طريق تقييد توافر أجهزة البث الفضائي ، وكان هذا التحليل هو الذي نبّه إلى أن بث الصور الرقمية الفيديوية في حرب الخليج ساعد على خلق ما يسمى “مشهدًا إعلاميًا” Media Scope يتم فيه إحلالَ الوجودِ الظاهري لمشاهد الحرب محل الصور “الحقيقية” للحرب ببشاعتها ومأساويته ، وما من شك في أن الإعلامَ قد استُخدم كجزءٍ من عمليةِ خداعٍ كان هدفُها إخفاءَ أهداف الولايات المتحدة الحقيقية من وراء هذه الحرب. لذا فقد كانت الرقابة العسكرية الصارمة على تحركات المراسلين في مسرح العمليات تفوق تلك التي تفرضها عادة نظم الحكم في العالم الثالث المتهمة بمعاداة حرية الصحافة ورفض التدفق الحر للأنباء والمعلومات ، كما أن أصبح المراسلين الصحفيين في مسرح العمليات أُسرى للقيادة العسكرية وأوامرها الصارمة المقيدة لحرية التغطية الإعلامي ( من مقال مهم بعنوان “توظيف الصورة فى الحروب ” منشورة على موقع نقطة واول السطر بتاريخ 15/9/2015 ) ، المهم فى كل هذا أن الادارة الامريكية لا تزال تروج أن ما حدث فى العراق هى ثورة و أن الشعب العراقى قد احتضن الغازين بالورود و القبلات .
فى مفهوم الجماعات الارهابية التكفيرية أنها تمثل بتصرفاتها الدموية ” ثورة ” على القيادات العربية الاستبدادية و ” ثورة ” على الاثار و المعالم الاثرية التاريخية و ” ثورة ” على نوعية اللباس العادى الذى يغطى اجساد النساء فى الوطن العربى و لذلك تكشف كثير من المتابعات و الدراسات لجوء هذه الجماعات للصورة و لوسائل ترويج الصورة الاعلامية بكل عناوينها المثيرة لنشر هذه ” الثورات ” المثيرة للغثيان على نطاق عالمى واسع و قد شاهدنا صور حرق الطيار الاردنى معاذ الكساسبة و حرق العشرات من الجنسيات المختلفة فى العراق و ليبيا و سوريا كما شاهدنا معاول و مطارق الهدم للآثار و المعالم الاثرية فى افغانستان و فى مدينة تدمر السورية على سبيل المثال لا الحصر و شاهدنا أيضا فى نفس السياق اغتصاب ” السافرات ” فى هذه البلدان ، فى مجال آخر يشكل السياسيون بالنسبة للمتابع صورا تبثها وسائل الاعلام قادرة على التأثير فى وعى المتلقى و هناك من يتحدث عن ” الفن السياسى ” فى علاقة بالسياسى القادر على استثمار الصورة لتبليغ الخطاب السياسى الثائر على السائد و الرامى الى تغيير الواقع و لعل الصور التلفزيونية التى نقلت خطب كبار الرؤساء و السياسيين فى العالم عبر التاريخ قد اعطت ادلة قاطعة حول اهمية الصورة فى تحفيز الجماهير و دفعها للثورات و للعصيان المدنى و تغيير الانظمة الحاكمة الاستبدادية .
إن عملية جمع آلاف الصور التي تظهر حركات أيدي زعماء ورؤساء العالم وأيضا حركات أيدي رجال السياسة والاقتصاد والدين والاجتماع المؤثرة على حركة التاريخ ودراستها ستؤدى الى نتائج مذهلة لأنها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء قد تفننوا فى استثمار صورتهم لدى الجماهير لتنفيذ مخططاتهم و من بين هذه المخططات مؤامراتهم الدموية على الشعوب العربية و لذلك لا نحتاج الى أدلة للتأكيد بأن العرب لا يحملون من صورة للرؤساء الامريكان و القيادات الصهيونية إلا صور المجرمين و القتلة كما أن الانطباعات الاولية عن صور حكام الخليج أنهم أدوات فى يد الاستعمار و المشاريع الصهيونية فى المنطقة فى حين يحمل الوجدان العربى لصورة مارتان لوثر كينغ صورة المدافع عن الحريات العامة و حقوق الانسان و بالنهاية نحن نحتاج الى الصورة لتوثيق الجرائم الانسانية و الثورات على الظلم بل من واجب اليمنيين اليوم توثيق كل الجرائم الدموية السعودية التى تهدف لضرب الثورة اليمنية كما من حق السوريين توثيق الجرائم الارهابية التكفيرية التى تدمر سوريا تحت يافطة اسمها الثورة السورية القذرة .